استعادة الروبل لقوته تربك ميزانية روسيا الباحثة عن السيولة
المدينة نيوز :- بعد أن كان الروبل هدفا للعقوبات الغربية مع بدء الحرب على أوكرانيا بتاريخ 24 فبراير/شباط الماضي، تمكنت روسيا عبر سياسات بنكها المركزي ليس فقط من من استعادة قوته بل كذلك رفع قيمته مقابل العملات الأخرى بما فيها الدولار.
وبينما كان سعر صرف العملة الروسية قبيل الحرب الروسية الأوكرانية يبلغ 76 روبلاً مقابل الدولار، تراجعت العملة الروسية بحلول 8 مارس/آذار الماضي إلى 150. إلا أن سياسات للبنك المركزي الروسي ووزارة المالية، دفعت الروبل صعودا ليسجل مستوى 52 أمام الدولار بحلول نهاية يونيو/حزيران الماضي، وهو أعلى مستوى للعملة الروسية منذ 7 سنوات.
وعلى مستوى أسعار الصرف، أصبح الروبل العملة الأفضل أداء في العالم هذا العام، نتيجة الخطوات المتخذة لحماية النظام المصرفي والنقدي الروسي من العقوبات الغربية. في العادة، فإن الدولة التي تواجه عقوبات دولية ونزاعاً عسكرياً كبيراً تشهد فرار المستثمرين وتدفقاً لرأس المال إلى خارجها، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة عملتها عملتها. لكن الإجراءات الروسية «الهجومية» غير المعتادة لمنع الأموال من مغادرة البلاد، إلى جانب الارتفاع الكبير في أسعار الوقود الأحفوري، عملت على خلق طلب أكبر على الروبل ورفعت قيمته.
ويعود السبب الرئيسي لتعافي الروبل خلال الشهور القليلة الماضية، إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وخاصة النفط والغاز الطبيعي والحبوب.
يذكر أن روسيا أكبر مُصدِّر للقمح في العالم، وأحد كبار منتجي الحبوب والمعادن النادرة كذلك، المستخدمة في عديد الصناعات المتقدمة. هذا الارتفاع لقيمة الروبل حمى روسيا جزئياً من تأثير العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على روسيا بعد غزو أوكرانيا، رغم أن المدة التي ستستغرقها هذه الحماية غير مؤكدة.
تعتبر روسيا بلدا مصدرا لمصادر الطاقة التقليدية، بمتوسط 5 ملايين برميل من النفط الخام يومياً، وقرابة 2.8 مليون برميل من المشتقات، إلى جانب 235 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، عدا عن الفحم. ويبلغ متوسط دخل الحكومة الروسية من مبيعات الطاقة، والتي تتم معظمها بالنقد الأجنبي، قرابة 350 مليار دولار أمريكي سنوياً.
من الناحية الفنية يعتبر هذا الرقم مقبولا جدا لدى راسمي السياسة المالية في البلاد، لكنه بحكم طبيعة النفقات التي تتم بالعملة الروسية فإن تغيرات أسعار الصرف ممثلة بالروبل، تقلص المداخيل. فهذه القوة المفرطة للروبل أوجدت أزمة لدى الحكومة الباحثة عن تعزيز إيراداتها بالعملة المحلية، باعتبار أن معظم مصروفاتها تتم أيضاً بالعملة المحلية. مثال ذلك، قبيل الحرب الروسية كان مبلغ المليار دولار يعادل 76 مليار روبل، لكن ذات المليار دولار امس، يتم صرفها بمبلغ 53 روبل، ما يعني أن الدخل بالعملة المحلية تراجع بمقدار 23 مليار روبل.
هذه القوة المفرطة للروبل التي خلقت تحديات للحكومة الروسية، التي تبحث امس عن أدوات للوصول إلى سعر منطقي لها ولقطاع التصدير غير النفطي في البلاد.
وعادة ما تبحث البلاد الراغبة بتعزيز التصدير، عن عملة «ضعيفة نوعا ما»، لزيادة تنافسية الصادرات مع دول أخرى حول العالم. ففي فترة تولي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان يتهم مرارا الصين، بإضعاف عملتها بهدف زيادة تنافسية صادراتها، وهو ما كانت تنفيه الصين.