رابطة حقوق الانسان التونسية تدعو الرئيس سعيد الى سحب مشروع الدستور

المدينة نيوز :- دعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان رئيس الجمهورية قيس سعيد في بيان أصدرته ظهر اليوم الاربعاء الى سحب مشروع الدستور والدعوة الى حوار وطني و خاصة وأن ما تضمنه المشروع لا يتواؤم مع ميثاقها ومرجعيتها .
وفي ما يلي نص البيان :
" تعيش البلاد جدلا حادا حول مشروع الدستور الذي اقترحته رئاسة الجمهورية والصادر بالرائد الرسمي عدد 174 والمؤرخ في 30 يونيو 2022 ، والذي سيكون محل استفتاء يوم 25 من الشهر الحالي.
والتزاما من الرابطة بإبداء موقفها من مختلف القضايا الوطنية، وبالرجوع إلى مقترح نص الدستور يهمها إبداء جملة من الملاحظات ذات الصلة بالحريات الفردية العامة والخاصة وبالنظام السياسي، أهمها :
- غياب أية إشارة في الأحكام العامة للاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان في استلهام القوانين وإلتزام بلادنا بها، بل أن الفصل 5 يتحدث عن "مقاصد الإسلام الحنيف"، وهو مصطلح حمال لأوجه مختلفة ومتنافرة أحيانا، واستغلته الحركات الدينية المختلفة لفرض تشاريع ماضوية.
- مع أهمية ما يأتي في باب الحقوق والحريات، فإن عددا منها مرهون بعبارة "حسبما يضبطها القانون" (الفصل 24، الفصل 29، الفصل 55) أو "ما ينظمه القانون" (الفصل 43)، وهو ما يجعلها عرضة للمراجعة والتعدي عليها من قبل السلطة التنفيذية الضابطة للقانون .
- يتحدث مقترح الدستور عن ضمان حرية الرأي والفكر والتعبير والنشر والإعلام (الفصل 38) لكنه يفتح المجال أمام التراجع عن جوهر تلك الحرية بمقتضى عبارات فضفاضة مثل الآداب العامة والأمن القومي والصحة العامة (الفصل 55).
- يغيب في النص المقترح مبدأ الفصل بين السلط التي تحولت إلى مجرد وظائف تخضع كلها إلى سلطة رئاسة الجمهورية من خلال الإشراف المنفرد على رئيس الوزراء (عوض رئيس الحكومة) الذي تحول إلى مساعد لرئيس الجمهورية (الفصل 87)، وإعطاء الرئيس كل الصلاحيات في تعيين والوزراء وعزلهم (الفصول 101 و102)، هذا إلى جانب تمتيع الرئيس بصلاحيات غير محدودة في كل ما يهم السياسة الداخلية والخارجية (كامل الفصول الخاصة برئيس الجمهورية)
- يمتع نص الدستور رئيس الجمهورية بحصانة تامة أثناء وبعد انتهاء مهامه، وهو ما يفتح الباب أمام الإفلات من المساءلة القانونية (الفصل 110)
- يلاحظ إلغاء مختلف الهيئات الدستورية، باستثناء هيئة عليا مستقلة للانتخابات، لكن دون التنصيص على انتخابها، بما يفتح الباب أمام تعيينها من قبل رئيس الجمهورية وبالتالي تحولها إلى هيكل غير موثوق في صدقية إنجازاته.
- مع أهمية التنصيص على مساواة المواطنين والمواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات (الفصل 23) فإن نص الدستور يصمت تماما عن المساواة التامة بين الجنسين.
و لقد نبهت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان سابقا إلى خطورة استغلال الرغبة في التخلص من تركة العشرية السابقة لتمرير مراسيم وقوانين تمس من مكاسب الحقوق الخاصة والعامة.
وتذكر الرابطة في هذا الخصوص بحضور الرابطة جلسات الحوار الوطني، وقد نبه رئيسها خلال الجلسة الأولى منه إلى أن ضغط الزمن وغياب جل منظمات المجتمع المدني الرئيسية قد يجعل من الحوار صوريا.
كما تذكر الرابطة كذلك بأن رئيس الرابطة طلب من السيد عميد المحامين باعتباره منسقا للجنة الاستشارية، مده بنسخة من مسودة المقترح للاطلاع عليها وإبداء الرأي قبل إحالتها للرئيس لكن طلبه لم يستجاب له ولم تتطلع على النص النهائي إلا بعد صدورها في جريدة يومية.
بناء على ما تقدم فإن الرابطة تقدر أن الدستور المقترح لا يتوافق مع ميثاق الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومرجعياتها الوطنية والدولية ومع نضال أجيالها المتواصل من أجل دولة مدنية تضمن فصلا تاما للسلط ومساواة كاملة بين المواطنين وإعلاء للحقوق في بعدها الكوني؛ كما تعتبر الرابطة أن المشروع المقترح الذي تم تنزيله بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية فيه أخطاء لغوية وأخطاء في التبويب تمس من جوهر هذا النص القانوني الذي يمهد لإنحرافات ماضوية.
وإذ تؤكد الرابطة أن تقييمها هذا يلتقي مع ما تذهب إليه مجمل مكونات المجتمع المدني وحتى أعضاء اللجنة التي صاغت النسخة الأصلية المقدمة لرئيس الجمهورية، والذين وصفوا النص الوارد في الرائد الرسمي بأنه يؤسس لدولة استبدادية، فإنها تدعو رئيس الجمهورية إلى سحب الدستور المقترح وإعادة إطلاق حوار وطني فعلي قادر على إخراج البلاد من الحالة الراهنة. "
وكالات تونسية