أزمة الوكالة اليهودية في روسيا: “لم يتبقّ إلا ربط الأحزمة وانتظار اصطدام سيارة صغيرة ودبابة”

تم نشره الخميس 28 تمّوز / يوليو 2022 02:42 مساءً
أزمة الوكالة اليهودية في روسيا: “لم يتبقّ إلا ربط الأحزمة وانتظار اصطدام سيارة صغيرة ودبابة”
الوكالة اليهودية في موسكو

المدينة نيوز - من المفترض أن تبدأ محكمة موسكو المركزية، اليوم، بتداول طلب وزارة القضاء الروسية لتفكيك الوكالة اليهودية، وسط قلق إسرائيلي من تبعات قرار محتمل بإغلاقها، ومن تبعات أزمة مع الجانب الروسي.

بالتزامن مع سفر وفد إسرائيلي إلى موسكو، في محاولة للحلولة دون حلّ الوكالة اليهودية في روسيا، قال الناطق بلسان الرئاسة الروسية إن قضية وقف نشاط الوكالة اليهودية في موسكو لن تؤثر في العلاقات مع إسرائيل. وقال بيسكوف، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، إنه يجب التعامل مع هذا الوضع بحذر شديد، وأكد أن ما يجري هو فحص موضوع امتثال الوكالة اليهودية للتشريعات الروسية وعدم تجاوزها، وليس هناك أي حاجة لتسييس هذا الوضع وإسقاطه على مجمل العلاقات الروسية– الإسرائيلية. يشار إلى أن وزارة القضاء الروسية قد علّلت طلبها بتفكيك الوكالة اليهودية بالقول إنها تنتهك خصوصيات المواطنين الروس بتعقبهم وجمع معلومات عنهم ضمن مسعاها لتشجيع هجرة اليهود الروس. لكن مراقبين يرون أن هناك أسباباً ودوافع أخرى خلف الإجراء الروسي، منها ما يرتبط بمسيرة إغلاق جمعيات ومنظمات غربية تعمل في روسيا خلال السنوات الأخيرة، علاوة على الغضب الروسي، خاصة لدى الرئيس فلادمير بوتين، من موقف الاحتلال من الحرب في أوكرانيا. وأضاف بيسكوف أنه في الوقت نفسه يجب إدراك أنه يتعين على جميع المنظمات الامتثال للتشريعات الروسية، وهذا مطلب عام من الجميع.

ردّ ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية على تصريحات بيسكوف هذه ببيان مقتضب جاء فيه أن علاقات إسرائيل وروسيا تستند إلى تراث وحوارات متواصلة ومصالح مشتركة، وأن مكان “الجالية اليهودية” في هذه العلاقات مركزي، وإذا كان هناك فعلاً قضايا قانونية في ما يتعلق بنشاطات الوكالة اليهودية في روسيا، فإسرائيل كما كانت دائماً مستعدة وجاهزة لإجراء حوار بشأن ذلك من خلال الحفاظ على العلاقات المهمة بين الدولتين.

وكانت الناطقة بلسان وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أشارت إلى هذه القضية في تصريحات إعلامية في وقت سابق، فأكدت أنه يتم النظر في مسألة الوكالة اليهودية على المستوى القانوني، غير أنها في الوقت نفسه أعربت عن أسف موسكو لمواقف إسرائيل، وانتقدت مواقف غير بنّاءة لها، وكذلك السياسة التي تنتهجها في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك موقفها من الوضع في أوكرانيا ودعمها للسلطات الأوكرانية”. وتطرقت زاخاروفا إلى أقوال رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد التي شدّد فيها على أن وقف نشاطات الوكالة اليهودية في روسيا خطر وسينعكس على العلاقات الثنائية، فقالت: “أود أن أسأل: ألا يعتقد هؤلاء الأشخاص أن نشاطهم وتصريحاتهم في الأشهر الأخيرة أثّرت في هذه العلاقات؟ لقد سمحت القيادة الإسرائيلية لنفسها بإطلاق تصريحات معادية لروسيا، وهذا أثار أسئلة فعلاً. من ناحية أُخرى، قال رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ، الذي تولى في السابق منصب رئيس الوكالة اليهودية، إنه كلما تحدثنا أقل في هذا الشأن سيكون أفضل، وسيسمح بعناية صحيحة للقضية كلها. وأشار إلى أنه يعمل مع لبيد بغية إيجاد حلّ لهذه الأزمة. وأضاف هرتسوغ أن روسيا دولة مهمة في منطقة الشرق الأوسط وبصورة عامة، وبناءً على ذلك، لا بد من طرق كل الأبواب من أجل درء أي تصعيد في العلاقات معها.

 

وفي هذا السياق يقول الجنرال رونين إيتسيك (عسكري وباحث في شؤون الجيش والمجتمع)، إن حكومة إسرائيل قررت على ما يبدو الدخول في صدام مباشر مع روسيا: لا يوجد طريقة أُخرى لوصف تداعيات تصريحات لبيد ضد الرئيس فلاديمير بوتين والحرب في أوكرانيا. الآن، لم يتبقّ إلا ربط الأحزمة وانتظار النتائج التي يمكن تشبيهها بحادث اصطدام بين سيارة صغيرة ودبابة.

ويتساءل ماذا سيحدث، في رأيك، للسيارة وركابها؟ وعن ذلك يقول: “لست من مؤيدي بوتين. الحرب في أوكرانيا هي صراع متوحش. لكن الحديث هنا يدور عن حرب بين دول، إذ إن هدف روسيا واضح: زعزعة التوازن القائم في العلاقات الدولية بعد أعوام طويلة من جهود الغرب والناتو المستمرة لضمّ دول إضافية وزعزعة مكانة روسيا. بالنسبة إلى بوتين، هذا غير مقبول. ويرى أن الحرب في أوكرانيا ليست على منطقة دونباس، ولا على محافظات المتمردين؛ إنها حرب على مكانة روسيا كقوة عالمية عظمى، وإن الحرب دائماً ستكون تراجيدية ووحشية. كما يقول إن إسرائيل لا تستطيع السماح لنفسها بالتدخل بين روسيا والولايات المتحدة، فالواقع الذي يجب علينا العمل فيه، وفق قيَمنا الديمقراطية، يتطلب التصرف بحكمة وعدم الاستفزاز. ويعتبر أن روسيا ليست قوة عظمى فقط، بل أيضاً تلعب دوراً مركزياً جداً في الشرق الأوسط. حتى الآن، استطاعت دولة إسرائيل العمل بحكمة في هذه المعادلة المركبة، وامتنعت من التسبب بأضرار ذاتية في أعقاب الحرب السورية وصعود “داعش”، وفي الوقت ذاته، كانت تنسّق مع الروس نشاطاتها ضد إيران على الساحة السورية.

ويضيف: “هذا الفهم ساعد على الاستقرار الإقليمي، وخفف من حدة التصعيد، وخلق هامش عمل مقبولاً. الآن، نحن نعلن للروس أننا لا نقبل نشاطهم، وأنهم يرتكبون “جرائم حرب”، وحتى أن الأمور وصلت إلى تهديدهم. أيّ نقاط قوة تملكها إسرائيل للضغط على روسيا؟ ما الذي يمنحنا الإمكانية للتهديد بهذه الطريقة، ونحن دولة من أصغر الدول في العالم، ومرتبطة كلياً بالتوازن ما بين القوى العظمى؟ تخيلوا دولة، تأثيرها الدولي هامشي جداً، تنتمي قيَمياً إلى العالم الغربي، وتقرر التحريض واستفزاز الرئيس الروسي”.  ويشير إلى أن هذا ما قامت به أوكرانيا التي اشتبك رئيسها زيلينسكي مباشرة مع الدب الروسي، في الوقت الذي حصل على تأييد في شبكات التواصل الاجتماعي وتم التعامل معه على أنه بطل قومي، وفي النتيجة؛ تضررت أوكرانيا بشكل كبير من روسيا، وتحول ثلث مواطنيها (أكثر من 15 مليون نسمة) إلى لاجئين.

 وضمن تحذيراته يرجح الباحث الإسرائيلي أن رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد يستغل نشاط الروس بهدف تقوية مكانته، لكن النتائج المحتملة لمواجهة مباشرة مع روسيا هي تراجُع في الحدود الشمالية، ضوء أخضر لإيران وأذرعها، وفي الوقت ذاته، نشاطات “لا سامية”، وعقوبات بحق يهود روسيا. ويرى أن استراتيجية رئيس حكومة الاحتلال خطِرة جداً، وتضع إسرائيل في قلب العاصفة ويقول إنه لا يوجد أي شيء جيد يمكن أن تحصل عليه إسرائيل من هذا، ومن الممكن أن تكون النتيجة ضربة كبيرة لنا، من دون أي ربح في مكانتنا الدولية”.

ويعتبر أن الموقف الأخلاقي شرعي، المساعدات الإنسانية صحيحة، تعزيز النشاط من أجل يهود روسيا وأوكرانيا مطلوب، لكن المواجهة المباشرة مع زعماء القوى العظمى هي خطأ من الأساس، وتضيّق هامش العمل الدولي الخاص بإسرائيل، غير الواسع أصلاً، كما تضعها في خطر على المستوى الإقليمي عامة، والأمني خاصة، بالإضافة إلى أنها تصعّد الوضع إلى نقطة اللاعودة.

القدس العربي 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات