إيران .. والحرب القصوى ضد الدكتاتورية!
تنبض قلوب الثوار ودعاة الحرية الحقيقيون لشعوبهم وبلدانهم أينما كانوا على هذه الأرض، إنهم لا يغفلون أبدا عن محاربة المحتلين لأوطانهم، وإن مجاهدي خلق إيران لأكبر مثال على مثل هذا الواقع، فلقد زادوا من نهج حربهم ضد نظام ولاية الفقيه المتحكم في إيران في كل جانب من الجوانب التي فرضت رحيلهم غير المرغوب فيه عن وطنهم، ذلك لأنهم يعتبرون أن هذا النهج هو رمز "الوفاء بالعهد والتضحية اللامتناهية" الذي يعتبرونه "اختيارهم" منذ البداية ويرتكز عليه ثباتهم وبقائهم.
يعرف النظام المتحكم المتسلط على إيران هذه الحقيقة قبل الجميع وقد شهد عليها عدة مرارا (وبالطبع قد شهد عليها بألسنتهم)، ولكن هذه الحقيقة أيضا تؤكدها في الوقت نفسه الدوائر السياسية المطلعة والخبراء في الشؤون الإيرانية، ذلك لأن هذا هو النهج الذي استقر عليه وثبت عليه "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" الذي يشكل المجاهدون قوته المحورية في مدار "البديل الوحيد الموازي لهذا النظام" طيلة العقود الأربعة الأخيرة.
مع سقوط نظام الشاه الديكتاتوري على يد الشعب والقوى السياسية المعارضة للشاه في عام 1979 و قفز نظام الملالي إلى السلطة سرعان ما فرض خميني خلافا لرغبات وتوقعات الشعب الإيراني ديكتاتورية أسوأ بمراتب على المجتمع الإيراني، سرعان ما أغلق نظام الملالي المتسلق إلى السلطة الفضاء السياسي المفتوح للمجتمع وقمع الحرية وزج بقوى المجتمع التحررية في السجن تحت شعار الإسلام (!)، وبعد نهج التعذيب والإعدامات المتواصل قام في كثير من الحالات بمجازر قتل جماعية حيث قتل أكثر من 30 ألف سجين سياسي في صيف 1988، وما هذه المجازر إلا أحد الأمثلة البارزة على ذلك النهج الذي لا يزال قائما حتى يومنا هذا.
ومع استمرار هذه القوة في النضال ضد النظام الحاكم ومع قيادة المقاومة الإيرانية بالخروج إلى جوار الوطن (العراق) وتأسيس "جيش التحرير الوطني الإيراني" في عام 1987، وفي غضون أقل من عام كان هذا الجيش قادرا على توجيه تلك الضربات إلى النظام الإيراني مما دفع بـ خميني إلى تجرع كأس سم وقف إطلاق النار بين إيران والعراق عندما رأى بأن سقوط نظامه بات على وشك الحدوث، وهو إن لم يكن قد فعل ذلك في حينها فلا بد من القول وبيقين تام بأنه ونظامه لن يكونا على قيد الحياة الآن، ولأصبحت إيران ومنطقة الشرق الأوسط وحتى العالم في وضع آخر الآن!
على الرغم من أن التطورات المتعلقة بالعراق في عام 2003 قد زادت من تعقيد الأوضاع والمعادلات في المنطقة، لكن بالمؤشر ذاته استطاعت المقاومة الإيرانية تجاوز العقبات والصعوبات الموضوعة على الطريق وإزاحتها جانبا واحدة تلو الأخرى، وقد تجاوزتها. منتصرة ذلك لأن إحتلال العراق على الرغم من أنه قد تم تحت إسم وعلم أمريكا والتحالف الدولي لكن النظام الإيراني كان المحتل الرئيسي للعراق في واقع الأمر، وتمكن النظام الإيراني بالإضافة إلى احتلاله لهذا الجزء من الشرق الأوسط من محاصرة المقاومة الإيرانية في "أشرف 1" ثم "أشرف 2"، ووضعهم مرارا تحت ضغط الهجمات العسكرية والصاروخية والبرية والإرهابية، لكن المجاهدين لم يتمكنوا خلال فترة 14 عاما من الثبات الذي يبعث على الفخر من الحفاظ على أنفسهم والبقاء في المشهد السياسي فقط بل أصبحوا أيضا "سدا منيعا" ضد عدوان النظام الإيراني واحتلاله.
وعلى الرغم من مسار التطورات في العراق والمنطقة في سنة 2003 إلا أن اتجاه حركة قوى المقاومة الإيرانية قد بدا على العكس من ذلك يبدو، ولكن مع استراتيجية ومؤشخصات المعركة التي كانت لديهم من قبل وحولوها إلى "جسر نحو طهران" وبالخروج من العراق في عام 2016 غيروا المعادلة بطريقة جعلت النظام الإيراني في وضع أكثر تأزما على النحو الذي نشهده الآن فها هو النظام الإيراني يصبح أكثر هشاشة يوما بعد يوم "نادما" على ما مضى "قلق" فيما يتعلق بالمستقبل، ذلك لأنه بات " أكثر ضعفا وعجزا وانكماشا" من كل جانب على عكس تمدد وتوسع وتطور المقاومة الإيرانية.
وعليه يمكن تصوير اللوحة السياسية للمشهد الإيراني بهذا الشكل الذي يصور المقاومة الإيرانية بالإضافة إلى توسع نشاطها حول العالم ، وإقامة "أشرف 3" في دولة ألبانيا يصورها على أنها حالة "فريدة من نوعها" ولا مثيل لها نظرا لخصوصيتها تاريخيا، وبوجود الآلاف من وحدات المقاومة في جميع أنحاء إيران الذين أظهروا مهاراتهم وكفاءتهم في كل جانب خلال السنوات الماضية وخاصة خلال انتفاضة 2019، وبوصولهم إلى وضع النقطة" المنشودة " فإنهم سيكونون قادرين على إحراز رقما متقدما في تحديد مصير الشعب الإيراني في مواجهته ضد النظام الديكتاتوري الحاكم!
ووحدات المقاومة هذه بالإضافة إلى ما تتمتع به من عنصر التنظيم والإدارة في جميع مدن ومناطق إيران فإن لديها من الحيوية الروح المعنوية العالية والقدرات القتالية ما يعجز عنه وسئم منه النظام وقواته القمعية حيث تمكنت من تحييد كل أدوات ووسائل شيطنة النظام ومؤامراته ضد المقاومة أغلقت الطريق أمام المحاولات الرامية إلى " حرف مسار الانتفاضة من أجل الإطاحة بالنظام" بفضحها المشروع الذي أسسته وتبنته وزارة مخابرات النظام الحاكم ورفعت لأجله شعار "رضا شاه طابت روحك" وذلك من أجل حرف مسار الإنتفاضة وإضفاء الشرعية على الممارسات القمعية، وإظهار عدم وجود أثر وفاعلية للمقاومة الإيرانية وهي من الأمثلة الأخيرة على مؤامرات النظام ضد المقاومة .
وضعت سلسلة الحملات الدولية للمقاومة الإيرانية في الأشهر الماضية داخل إيران وخارجها المرحلة الحقيقية الأخيرة لمشهد الإيراني أمام شعوب العالم، وكذلك الإنتصارات القانونية للمقاومة الإيرانية في أوروبا ومن بينها ما حدث في دولتي السويد وبلجيكا والتي أدت إلى سجن عملاء إرهابيين للنظام الإيراني، ومن بين الإنجازات الأخيرة كانت عملية حظر تسليم الدبلوماسي الإرهابي أسد الله أسدي من خال الإتفاق المشين بين الحكومة البلجيكية وبنك الإرهاب العالمي أي نظام ولاية فقيه الملالي التي كانت آخر حلقات مؤامراته حتى يومنا هذا!
الآن أصبحت قدرة البديل الديمقراطي الوحيد أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في مواجهة النظام مضيا نحو إسقاط الملالي قدرة عالية متنامية لا يمكن إنكارها، قوة تتجه نحو إحداث تحولات كبيرة فيما يتعلق بإيران.