حتى لا تصفع مرتين
لقد كانت تلك الاضطرابات تحمل في جوفها شيئاً من الموضوعات المتقلبة، في بئس الذات، تحتل مكاناً ذا قيمة عالية من الأشياء التي تولّد تلك المواجع و الألام التي تحرق ما يوجد في طريقها. هل لأنها سائرة في ذلك الطريق تحرق كل ما تجده في وجهها ؟ أم لأنها شيّقة لأشعال تلك النيران أينما حلّت، وأينما وُجدت؟ تتقلب تلك الأسئلة في الموازين، في الأفكار المتتالية، في بضع أحيان، في بعض لحظات، في بعض أزمان.
تلك الأمور في حدّ ذاتها ما تخلق مرتفعات عالية، تجعل علامة السقوط منها ما يدعو إلى التفكير آلاف المرات، يجعل تلك الجمل تتردد دائماً على لسانك، في جوفك، في داخلك، في تفكيرك، وحتى في تصرفاتك، تجعل من تلك الصور ما تتكون في مخيلتك، وكأنها تصور فلمً أمام عينيك، تجعلك صوب الدائرة، متجنب لذاك المحيط، بعيد كل البعد من أجل أن لا تتحقق صورة واحدة من ذلك الفلم الذي بُنِيَ في مُخيّلتك، تجعلك تشعر بذلك الشعور الذي يولّد الكتمان، هل سوف تستمر طويلاً تلك الحكاية، أم شارفت على النهاية، أم ستبقى مُطَوّلاً على هذا القارب، تجعلك في حيرة من أمرك. أن تبقى في قارب ما على بحرٍ ما وحيداً كما أنت، ليست بالوحدة المؤلمة يا أصدقاء، لكن ما يشعرك بالوحدة حقاً أن تبقى في وسط الازدحام، في تلك الصراعات، و النزاعات.
حينها تدرك حقاً أن ما تسمى بالوحدة هي بحد ذاتها تلك التي تشعرك بالفخر تارةً، و بالحزن تارةً أخرى، حينها تتبيّن لك تلك الأمور على طبق مليء بالأشياء، ولكن ما يتضح منها هو الشيء الحقيقي الذي تراه أنت، لذلك لا تعتقد بل أنظر جيداً لذلك الطبق حتى لا تُصفع مرتين ...
حمزة الوحيدي