بين بلاو والشطرنج

تم نشره الإثنين 05 أيلول / سبتمبر 2011 10:14 مساءً
بين بلاو والشطرنج
ناريمان أبو سماعيل

أن نعلم الحقائق شيء ، و أن نستطيعها و نتقبّلها كمنهج حياة شيء آخر ، و في الصراع بين الحالتين نفقد الكثير من حقائق ذواتنا و نضيّع ما عشنا عمراً كاملاً نبحث عنه لحظة ما وجدناه .

هو يعني لها الكثير ، و لطالما تقدّمت نحوه لاهثةً تبوح بكل ما يعتري روحها من شوقها إليه ، لكنّه رجلُ الحياد دائماً ، يكتفي بالتفرّج على حرائقها الداخلية ، و بين صدى صمته و تردّده يتركها معلّقة و يرحل .

كانت تعي تماماً أنّ بيتر بلاو لم يبتعد كثيرا عن قواعد الشطرنج عندما صاغ مبادىء نظريّته في التبادل الاجتماعي ، و بيّن أنّ الحياة التي نعيشها عملية أخذ و عطاء و تبادل بين شخصين , و تتعمق العلاقات و تزدهر إذا كان هناك ثمّة موازنة بين الأخذ و العطاء . لكنّها تجاهلت كل هذا ، و منحت الوزير إجازة و غادرت قلعتها و جاءته مجردة من كل الجنود و همست :
- " أحبك "
صمت ، صمت طويلاً .
كان يفاضل بين مربّع وآخر، حائراً أيَ جنديَ سيحرّك حتى يحمي ملكه .
- " سكنتني " . قالت متقدّمةً مربعاً آخر .
وفقاً للشطرنج و بلاو كان عليه أن يقول :
- " و أنت أيضاً " .
لكنّه تراجع مربعاً قبل أن يبدأ اللعب ، و أدار ظهره لكلّ ما سطره بلاو متسائلاً :
- بهذه السرعة ؟! .

راودتها نفسها بالانسحاب ، فكرت مليّاً ، ما زال بوسعه أن يتقدّم ، فلم يتراجع سوى مربع واحد ، و انطلاقاً من رأي بلاو القائل " أنّ الاختلال بين الأخذ و العطاء لا يسبب قطع العلاقة بل تقويتها و ديمومتها حيث أن الطرف الذي يعطي أكثر يجعل الطرف الآخر يشعر أنه تحت مسؤولية تقديم المكافآت بسبب ما يقدمه الطرف الأول له . " وفقاً لذلك و أملاً منها بمكافأته لها قرّرت أن تعطيه فرصةً أخرى و قالت :
- " أريدك الآن ... أريدك اللحظة " .

تلعثم أمام تقدّمها الجارف ، اربتك أمام سطوتها على رقعة الشطرنج ، غاب عنه كلّ ما قاله بلاو و كأنّه لم يقرأه و لم يعه ، فردّ قائلاً :
- " لا أعرف .... أنت عجولة جدا ... امنحيني وقتاً للتأكد من حقيقة مشاعري " .

جاهلاً بشطرنج الحب كان ، خاوياً من جوهر كلً أُسس النظريّات الاجتماعية ، فلو فهم قول بلاو :
" العلاقات تنقطع أو تتحوّل إلى علاقات هامشية إذا اختلّ مبدأ التوازن بين الأخذ و العطاء بين المتفاعلين . " لعلم أنّه بردوده هذه قد خسرها ، و لو كان يمتلك أدنى معرفة بقواعد الشطرنج لوعى أنّها سمحت له بكشّ ملكها الذي لم يكن سوى قلبها عندما همست أحبك .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات