خطر الغزو الجديد يتزايد.. المخابرات الأوكرانية تتحدث عن هوس موسكو بـ"المدينة الصغيرة"
المدينة نيوز :- كشف مدير المخابرات العسكرية الأوكرانية، الجمعة، عن محاولة روسيا إقناع أوكرانيا بتحويل مسار جنودها من منطقة القتال بجنوب شرقي البلاد من خلال موجة من الأنشطة العسكرية إلى الشمال في بيلاروس، واصفا هذا النشاط بأنه "مناورات روتينية" أو خدع تهدف إلى إرباك المنطقة.
في مقابلة واسعة النطاق مع صحيفة "نيويورك تايمز"، حول حالة الحرب في أوكرانيا، قال رئيس المخابرات العسكرية ، كيريلو بودانوف، "هذه كلها عناصر من حملات التضليل".
وتحدث عن الجهود الروسية لتشجيع إيران على مواصلة تزويد قواتها بطائرات بدون طيار وصواريخ ، فضلا عن هوس موسكو الذي يبدو أنه "لا معنى له" باحتلال مدينة باخموت ذات القيمة الاستراتيجية الضئيلة.
منذ سلسلة انتكاسات عسكرية روسية في شمال شرق وجنوب أوكرانيا بين سبتمبر وأوائل نوفمبر، يتركز معظم القتال حاليا في الشرق، وخصوصا في مدينة باخموت التي تحاول قوات موسكو الاستيلاء عليها منذ الصيف، حسب "فرانس برس".
وبعد تكبدها سلسلة من الهزائم ضمن ما تسميه موسكو "عملية عسكرية خاصة"، تبحث روسيا عن نصر ميداني في شرق أوكرانيا حيث تحاول قواتها السيطرة على مدينة باخموت الصغيرة منذ شهور، وفقا لـ"رويترز".
ومنذ أغسطس، تخوض القوات الروسية معركة مكلفة ومطولة للسيطرة على باخموت وهي مدينة صناعية في منطقة دونيتسك كان عدد سكانها قبل الحرب نحو 70 ألفا، حسب "رويترز".
لماذا باخموت؟
عن التطورات في جنوب شرق منطقة دونباس، قال بودانوف، الطموحات السياسية لقائد مجموعة "فاغنر"، فرضت جزئيا استراتيجية على الجانب الروسي.
وأكد بودانوف، أن مؤسس "فاغنر"، يفغيني بريغوزين، شن حملة للسيطرة على مدينة باخموت للتغلب على القادة المنافسين في الجيش النظامي الروسي.
وتأسست مجموعة فاغنر في عام 2014 بعد أن استولت روسيا على شبه جزيرة القرم الأوكرانية وضمتها وأثارت تمردا انفصاليا في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، وفقا لـ"رويترز".
ويُشتبه في أن مجموعة "فاغنر" قامت في الأشهر الأخيرة بتجنيد عدد كبير من المعتقلين في السجون الروسية وإرسالهم للقتال على الخطوط الأمامية في أوكرانيا، مقابل وعود بخفض محكومياتهم وتقديم رواتب مغرية، وفقا لـ"فرانس برس".
وفي سبتمبر، أقر يفغيني بريغوجين (61 عاما) وهو متمول روسي نافذ مقرب من بوتين، بأنه أسس هذه المجموعة بعد سنوات من النكران وبات ينشط في شكل مكشوف في روسيا، في مؤشر إلى تنامي نفوذه.
وتنسق مجموعة "فاغنر" مع الجيش الروس لكنها القوة الأساسية في جبهة باخموت، حسب "نيويورك تايمز".
وكشف بودانوف إن الجنرال الروسي الذي تم تعيينه في سبتمبر كقائد للقوات الروسية في أوكرانيا، سيرجي سوروفكين، قد تحالف مع بريغوزين في منافسة مع وزير الدفاع الروسي ، سيرجي شويغو.
وعن الهجوم العنيف على باخموت، قال "ليس هنا سوى سؤال أيديولوجي وإعلامي"، مضيفا أن "وحدات فاغنر تحاول بشدة الاستيلاء على المدينة، لإثبات أنهم قوة، ويمكنهم فعل ما لا يستطيع الجيش الروسي القيام به، نحن نرى ذلك بوضوح ونفهمه".
وأكد أن الاستيلاء على باخموت "لا يعتبر مهما من الناحية الاستراتيجية"، لكن من شأنه أن يحسن موقع روسيا في الشرق من خلال فتح الطرق إلى مدن دونباس الأخرى التي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية.
وتعد باخموت هي بوابة الدخول الرئيسية إلى سلوفيانسك وكراماتورسك"، وهما مدينتان مهمتان في دونباس، وفقا لـ" فرانس برس".
وحسب بودانوف فإن "تحالف بريغوزين والجنرال سوروفكين أدى إلى نقل الأسلحة الثقيلة من الجيش إلى وحدات فاغنر، مما أدى إلى توسيع دور المجموعة في الحرب".
غزو جديد من بيلاروس؟
على مدى أسابيع، عززت روسيا قواعدها العسكرية في بيلاروس بالمجندين، ونقلت القوات بالسكك الحديدية ذهابا وإيابا ، مما أثار مخاوف من أنها قد تخطط لغزو ثانٍ لأوكرانيا من الشمال، حسب "نيويورك تايمز".
وفي أكتوبر، أعلنت بيلاروس إنشاء قوات إقليمية مشتركة مع موسكو انضم إليها آلاف المجندين الروس، وفقا لـ"فرانس برس".
وأثار نشر جنود روس في بيلاروس مخاوف من أن تنضمّ القوات البيلاروسية إلى العمليات العسكرية في أوكرانيا، حسب "ُفرانس برس".
وشكلت بيلاروس قاعدة خلفية للقوات الروسية في هجومها على أوكرانيا اواخر فبراير الفائت، لكن الجيش البيلاروسي لم يشارك حتى الآن في المعارك على الأراضي الأوكرانية.
في حين أن التهديد بغزو روسي متجدد من الحدود الشمالية لأوكرانيا مع بيلاروسيا ليس وشيكا ، قال بودانوف، إنه "لا يزال لا يمكن استبعاده".
وأضاف: "سيكون من الخطأ استبعاد هذا الاحتمال، ولكن من الخطأ أيضا القول إن لدينا أي بيانات تؤكد وجودها"، ومع ذلك، فإن المخاطر طويلة الأجل باقية، كما أقر بودانوف.
وأشار مسؤولون أوكرانيون آخرون في سلسلة من المقابلات في وقت سابق من هذا الشهر إلى خطر حدوث تصعيد خلال أشهر الشتاء، لكن تعليقات بودانوف كانت الأكثر واقعية حتى الآن في تحديد أنه لا توجد معلومات استخبارية الآن تشير إلى "تهديد وشيك من بيلاروس"، وفقا لـ"نيويورك تايمز".
وقال إن "الجيش الروسي حاول دق ناقوس الخطر بالجيش الأوكراني من خلال تحميل جنود في قطارات تتجه نحو حدود بيلاروس مع أوكرانيا".
واستخدم الاتحاد السوفيتي تكتيكات مماثلة خلال الحرب العالمية الثانية ، حيث أرسل الجنود في رحلات قطار "غير مجدية" لتقليد الهجمات أو الانسحاب.
في بيلاروس، وقف قطار محمل بالجنود الروس مؤخرا لمدة نصف يوم بالقرب من الحدود الأوكرانية ، ثم عاد ومعه جميع الجنود الذين كانوا على متنه، وفقا لتصريحات، بودانوف.
واعتبر بودانوف أن القصف المدفعي الروسي عبر الحدود على منطقتي سومي وخاركيف في شمال شرق أوكرانيا، والذي أسفر عن مقتل وجرح العشرات من الأشخاص "ليس نذيرا بتهديد فوري بتكرار الغزو".
وتدور الحرب الروسية في أوكرانيا الآن في ساحتين منفصلتين إلى حد كبير، حيث تستمر المعارك البرية في الجنوب والشرق، والمنافسة بين أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية وصواريخ كروز الروسية والطائرات بدون طيار التي تستهدف البنية التحتية الكهربائية، حسب "نيويورك تايمز".
ماذا عن إيران؟
في ظل الصعوبات على الأرض، اختارت روسيا منذ أكتوبر استراتيجية الضربات المكثفة على البنية التحتية الأوكرانية ولا سيما الطاقة مما يحرم ملايين الأوكرانيين من الماء والكهرباء والتدفئة كل يوم، وفقا لـ"فرانس برس".
وعلى فترات من أسبوع تقريبا إلى 10 أيام، أطلقت روسيا وابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، بمتوسط نطاق يبلغ حوالي 75 صاروخا في كل وابل، وفقا لتصريحات بودانوف.
وقال بودانوف إن "روسيا تعتمد إلى حد كبير على إيران للتزود بالطائرات دون طيار، وتعول موسكو على طهران لتجديد ترسانتها الصاروخية".
ولإقناع إيران بدعم هذا الجهد ، قدمت روسيا المعرفة العلمية للصناعة العسكرية الإيرانية، كما قال بودانوف، متحدثا عن "العلاقة الجيوسياسية" بين روسيا وإيران التي ظهرت خلال الحرب في أوكرانيا.
لكنه أكد أن "الأمر لم يذهب أبعد من ذلك"، ورفضت إيران حتى الآن دعم روسيا بنقل صواريخ باليستية، وهو الخطر الذي أثار المسؤولون الأوكرانيون مخاوف بشأنه في السابق، حسب "نيويورك تايمز".
وقال بودانوف: "إيران لا تتسرع في القيام بذلك، لأسباب مفهومة، لأنه بمجرد أن تطلق روسيا الصواريخ الأولى، سيزداد ضغط العقوبات" على إيران.
وبموجب عقد تم التوصل إليه خلال الصيف، حصلت روسيا على 1700 طائرة دون طيار يطلق عليها "شاهد" من إيران، وفقا لتصريحاته لـ"نيويورك تايمز".
وأشار إلى أن روسيا أطلقت حتى الآن حوالي 540 طائرة مسيرة في ضربات تكتيكية على طول خط المواجهة، واستهدفت كذلك محطات الطاقة وأبراج خطوط النقل والمحطات الفرعية الكهربائية.
وقال بودانوف إن "تكلفة التصنيع في إيران تبلغ حوالي 7000 دولار لكل وحدة"، على الرغم من أنه من غير الواضح مقدار تكلفة إيران الفعلية مقابل الأسلحة من روسيا.
وتتهم دول غربية إيران بتوفير طائرات مسيرة تستخدمها روسيا لاستهداف منشآت الطاقة في أوكرانيا ضمن النزاع المستمر منذ فبراير، وفرضت أطراف عدة منها واشنطن والاتحاد الأوروبي، عقوبات إضافية على طهران بسبب هذا الملف، وفقا لـ"فرانس برس".
الحرة