مثقفون يقدمون شهادات لحركة السرد والشعر الاردني بمعرض القاهرة للكتاب
المدينة نيوز : - مجدي التل- قدم كتاب ومثقفون أردنيون، شهادات إبداعية حول حول تجاربهم الشخصية في الكتابة الابداعية وحركة السرد والشعر في الأردن، في أمسية ثقافية امس السبت ضمن برنامج المشاركة الأردنية في فعاليات "الأردن ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب" بدورته الـ ـ54.
وفي الأمسية التي أدارها الصحفي حسين دعسة، تناولت الناقدة الدكتورة رزان إبراهيم حركة السرد في الأردن، لافتة إلى أهمية الرواية عالميا وعربيا ومحليا حيث أمست تتصدر المشهد الأدبي دون منازع.
وقالت إبراهيم، الرواية الأردنية تكشف عن حضور المكان الأردني فيها، وبحسب الناقد والمؤرخ الأميركي "رينيه ويليك" "إذا وصفت المكان وصفت الإنسان، فإن الرواية تعد مصدرا غير رسمي للتعرف على المجتمع الإنساني".
وأشارت إلى الروائي الأردني الراحل زياد قاسم الذي أرّخ للمكان العماني وتطورات الأجيال العمانية، بكل همومها وأحلامها وتحولات المكان التي أثرت فيها، في رواياته "أبناء القلعة" و"العرين" و"الخاسرون" و"الزوبعة" بإجزائها الأربعة.
واستعرضت إبراهيم تجربة الروائية الراحلة ليلى الأطرش التي نقلت المكان الأردني بحساسية عالية، وربطت بين هندسة المكان وعلاقته بالبشر الذي يعيشون فيه، مشيرة إلى أن من بين الأمكنة التي نالت نصيبها من الاهتمام مدينة مادبا في رواية "حكايات المقهى العتيق" التي أشرف عليها الروائي جلال برجس وكتبها بمعية الكتاب: يوسف غيشان، علي شنينات، سليمان قبيلات، نوال القصار، بكر السواعدة، إسلام حيدر، عيسى الحميد، وبلقيس عجارمة، إذ غاصت في تاريخ المدينة القديم بدءا من الحقبة المؤابية وانتهاء بمرحلة تأسيس الإمارة وفي خط مواز آخر تطرقت للواقع الحديث في المدينة.
كما استعرضت الناقدة إبراهيم، تجارب الروائيين في استحضار المكان الأردني؛ سميحة خريس من خلال رواياتها "القرمية" و""شجرة الفهود و"بقعة عمياء"، وجلال برجس في روايته "سيدات الحواس الخمس"، ونهال عقيل في رواية "راكين".
ولفتت إلى تعالق الرواية الأردنية مع الرواية العربية إذ لم تظهر الرواية الأردنية منقطعة عن جذورها العربية وكذلك التأثيرات السياسية العربية، كما حضرت القضية الفلسطينية بقوة في الرواية الأردنية، والأفق العربي الرحب بمكانه وهمومه وقضاياه.
واستعرضت قصص الخيال العلمي في روايات ظهرت في الأردن تربط التكنولوجيا بالأدب، وروايات وظفت التاريخ لتقديم خطاب فكري وسياسي وإنساني منها روايات: "حوض الموت" لسليمان قوابعة، و"السلسلة الأندلسية" لوليد سيف، و"قناديل ملك الجليل" لإبراهيم نصرالله، و"أوراق معبد الكتبا" لهاشم غرايبة، و"أجراس القبار" لمجدي دعيبس، و"يحيى" لسميحة خريس، و"عندما تشيخ الذئاب" لجمال ناجي.
أما الروائية سمحية خريس، فقدمت شهادة إبداعية عن مسيرتها تناولت فيها مؤثرات أسهمت في مسيرتها الابداعية، أولها السفر واتساع الرقعة الجغرافية التي عايشت فيها ثقافات متباينة منذ الصغر فكونت لديها نظرة فاحصة للاختلافات بين الناس وما يلتقون عليه ما يتقاطع مع مهمة الرواية ويصب في نضج تجربة الكاتب حين يخلق شخوصه على تنوعهم واختلافهم.
فيما جاء المؤثر الثاني بحسب الروائية خريس، مهنة الصحافة التي أغنت معرفتها وفتحت لها بابا على أخبار العالم وخفاياه، مثلما ساعدتها تجربة العمل الصحفي على تكوين وجهة نظر إزاء ما يحدث في العالم.
وأشارت إلى أنه في إطار تجربتها فإنها تقسم أعمالها إلى مجموعة تعنى بالمكان، وأخرى بالإنسان دون إغفال تشابك وتأثير كل منهما في الآخر، لافتة إلى أنها أولت المكان الأردني اهتماما خاصا.
وفي هذا الإطار، قالت خريس "ربما بصورة عاطفية في البداية لذلك كأني كنت ابحث عن مواقع الجمال والانتماء والهوية لكن التجارب والوعي قاد إلى جزء من الأعمال يحمل نظرة متخوفة سوداوية ومع ذلك أقول سنظل نحلم ونظل محكومين بالأمل".
من جهته تحدث الناقد والشاعر الدكتور محمد عبيد الله، عن القصة القصيرة في الأردن، مشيرا إلى أن كثيرا من الخصائص والسمات في القصة القصيرة الأردنية تكاد تكون معروفة في القصة القصيرة العربية.
وقال، إن القصة القصيرة أفادت كثيرا من الصحافة حيث يمكن أن نعدها من "أبناء وبنات الصحافة"، فالتراث العربي ليس غريبا عن فن القص، والعرب لديهم تاريخ واسع في هذا الشأن، مشيرا إلى مؤلفات الجاحظ وابن المقفع في هذا الإطار، وأنه لا يمكن أن نغفل أثر التراث بوصفه المنبع في القصة الحديثة.
ولفت إلى عامل آخر بوصفه مؤثرا في القصة القصيرة وله علاقة بتطورها وتمثل بالعنصر الأجنبي وحركة الترجمة التي أسهمت برمتها بضخ دماء جديدة إلى حقل الكتابة في القصة القصيرة.
وأشار الناقد عبيد الله إلى أن أقدم قصص قصيرة أردنية تم رصدها من مجموعة "أغاني الليل" للكاتب صبحي أبو غنيمة والتي صدرت عام 1921، واعتبره الرائد في كتابة القصة القصيرة الأردنية، بينما محمود سيف الدين الإيراني هو الرائد الفني للقصة القصيرة الأردنية وهو الذي اتصل بالقصة القصيرة العربية وأجنبية، رائيا بأن ثمة مشتركات في أساليب القصة بين الإيراني والكاتب المصري المعروف محمود.
واستعرض أبرز كتاب القصة القصيرة الأردنية ومنهم: عيسى الناعوري الذي انفتح على أدب القصة القصيرة الإيطالية، وأمين فارس ملحس الذي يعد مهما في إطار القصة الواقعية.
كما استعرض دور مجلة الأفق الجديد التي صدرت في بداية ستينيات القرن العشرين في القدس واجتمع فيها أبرز كتاب القصة القصيرة والذين انتقلوا بالقصة من الأسلوب الرومانسي إلى أسلوب واقعي جديد.
ولفت إلى تجارب فخري قعوار وجمال أبو حمدان في كتابة القصة القصيرة في عقد السبعينيات، منوها بفترة ما اسماها "الطوفان القصصي" في تسعينيات القرن الماضي وظهر فيها حضور الكاتبات في مجال القصة القصيرة كما ظهرت أشكال جديدة من أساليب القصص القصيرة.
وأكد أن القصة القصيرة نوع حساس جدا وقواعدها ومقاييسها صعبة ومعقدة فهي ليست كالرواية أو الشعر.
وتحدث الناقد والشاعر الدكتور راشد عيسى، عن الظواهر الشعرية الأردنية على امتداد مئة عام من عمر الدولة، مشيرا إلى أن الشعر بدأ في الأردن مع قدوم المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبدالله بن الحسين وتأسيسه إمارة شرقي الأردن، والذي كان هو شاعرا كذلك فأولى الشعراء اهتماما خاصا وجمع حوله عددا كبيرا من الشعراء العرب آنذاك.
ولفت الناقد عيسى إلى أن تلك المرحلة من تأسيس إمارة شرقي الأردن اتسمت بالاتجاه القومي نتيجة للثورة العربية الكبرى، ولهذا اتخذ الشعر في تلك المرحلة طابعا قوميا يتسق مع ضرورة المرحلة.
وسلط الضوء على الشاعر مصطفى وهبي التل (عرار) الذي وصفه بأنه كان آنذاك يغرد خارج السرب وصنع نجوميته بنفسه، منوها بأنه كتب الشعر في الفقراء والمهمشين والغجر الذين اتخذهم في قصائده نموذجا للحرية والمهمشين.
وأكد الناقد عيسى، أنه لم يتغن شاعر أردني بالمكان الأردني أكثر مما تغنى "عرار" به، ولفت إلى أنه استطاع أن يشكل ظاهرة خاصة، واصفا إياه بأنه شاعر الانتماء والحرية والفقراء .
واعتبر بان عرار مثل ظاهرة شعر التمرد الفكري والانتماء للمكان، وأضاف إنه بعد عرار ظهر تيسير السبول الذي سلط الإعلام الضوء أكثر على روايته "انت منذ اليوم" رغم أنه كان شاعرا مهما وفذا، معتبرا إياه مثل فضاءات الاغتراب والسؤال الوجودي في ظواهر الشعر الأردني.
وقال لا نستطيع أن نتحدث عن مسيرة الشعر في الأردن دون الحديث عن الظروف السياسية، إذ ظهر تيسير السبول بين نكبة 1948 ونكسة 1967 وتلا ذلك ظهور ظاهرة الشعر القومي، ومن أبرز من مثلها الشاعران: خالد محادين وعبدالرحيم عمر، مستعرضا عددا من الشعراء الذين تأثروا بالقضية الفلسطينية وكتبوا عن الجرح الفلسطيني ومثلوا بظاهرة حضور القضية الفلسطينية في الشعر الأردني ومنهم: يوسف عبدالعزيز، ومحمود فضيل التل، وعلي الفزاع، وإبراهيم نصرالله، وعلي البتيري، وزهير أبو شايب، وإيمان عبدالهادي.
كما استعرض ظاهرة التغني بالأرض وطنا وبالدولة ومنجزاتها ومنهم الشاعران: حيدر محمود وعلي الفاعوري، وظاهرة ما أسماه الشعر الرعوي ومثله يوسف أبو لوز، وحبيب الزيودي، وعاطف الفراية، والدكتور حكمت النوايسة، وظاهرة رومانسية الذات وعلاقتها بالحياة ومنهم الشعراء الدكتورة مها العتوم، وإبراهيم الخطيب، ومحمد تركي حجازي.
وفي ختام الأمسية التي حضرها عدد من المهتمين، لفت الناقد عيسى إلى التنوع الواسع في الشكلانية الشعرية لدى شعراء الأردن، بين شعر الشطرين والتفعيلة والنثر والقصيدة الدرامية والمقاطع القصيرة .
--(بترا)