لماذا نرفض التعديلات الدستورية المقترحة ... ؟
انطلاقاً من حرصنا على وطننا الأردني وحقوق الأردنيين الدستورية ومستقبل أبنائنا وتفعيلاً للمبدأ الدستوري (الأمة مصدر السلطات) ومبدأ الفصل بين السلطات وحرصنا على محاربة الفساد الذي استشرى في ظلّ غياب الرقابة البرلمانية والقضائية على الحكومات المتعاقبة أعلنت حركة أبناء العشائر الأردنية للإصلاح مبادرة للإصلاح وأقرتها الهيئة التأسيسية في بداية أيار 2011. وق...د أكدت هذه المبادرة على ضرورة إجراء تعديلات دستورية وقانونية لتصحيح أسلوب إدارة الدولة الفردي الذي أدى إلى كل هذا الفساد الذي خنق الأردن اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وأوصله إلى الرمق الأخير.
وبعد إعلان لجنة مراجعة الدستور لمقترحاتها وإرسالها إلى الحكومة والتي قامت بدورها بإرسالها إلى مجلس النواب فقد أكدت الحركة على رفضها المطلق لهذه التعديلات المقترحة لأنها لا تقترب من تطلعات الحركة والقوى الشعبية الوطنية في ضرورة إجراء تعديلات دستورية تحقق السيادة للوطن أرضاً وشعباً وتعيد السلطة للشعب باعتباره مصدراً للسلطات وصاحب الشرعية الوطنية والتاريخية، ولهذا فإننا نرفض هذه التعديلات للأسباب الرئيسية التالية:
1) نرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة لان تشكيل اللجنة الملكية التي أعدّتها لا تُمثل أطياف الشعب الأردني الاجتماعية والسياسية ولا حتى رجال القانون المتخصصين والمهتمين بالقانون الدستوري والفقه الدستوري، بل إن تشكيل اللجنة يمثل طبقة سياسية عفا عليها الزمن وفقدت رصيدها الشعبي كونها من الطبقة التي أسست ودعمت أو غضت الطرف عن الاستبداد والفساد السياسي.
2) نرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة لأنها لا تعالج فساد أسلوب إدارة الدولة الفردي وهيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات وتحكمها المركزي بمؤسسات الدولة وأجهزتها الإدارية والأمنية مما يبقي هذه المؤسسات والأجهزة بعيدة عن المؤسسية المنهجية فهي لا تعتمد الولاء للمصلحة العمومية بل الولاء لتوجهات وقرارات السلطة التي تعين قادتها ورؤسائها.
3) ونرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة لأنها تتجاهل وتستخف بالمطالبات الشعبية التي تتزايد يوماً فيوماً باستعادة الشعب لحقه الطبيعي الإنساني والوطني بالحكم وفقاً للمبدأ الدستوري "الأمة مصدر السلطات " حيث خلت هذه التعديلات تماماً من أي دور للأمة في اختيار حكومتها أشخاصاً وبرامجاً وتوجّهات، وأبقت الأمر لهوى ومصالح من يملكون التأثير على صاحب الأمر.
4) نرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة لأنها لا تحقق المبدأ الإنساني والأخلاقي والقانوني بتلازم السلطة مع المسؤولية والقاعدة الدستورية "الأردنيون أما القانون سواء " فلا مجال للقبول بأي مسؤول يمارس السلطة والإدارة والحكم لا يخضع لحكم القانون في المساءلة والمحاسبة أو إعطائه ميزة طبقية بمساءلته بأسلوب يختلف عن بقي الأردنيين.
5) نرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة لأنها تسدد ضربة لسيادة الأردن وكرامة الأردنيين، فقد تضمنت التعديلات إجازة عقد معاهدات صلح أو اتفاقيات تتضمن التنازل عن أراضٍِِِ أردنية أو تتضمن الانتقاص من حقوق السيادة الأردنية. م33/2.
6) نرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة لأنها تزدري القوانين الوطنية وتشكل تهديداً لقيمنا الاجتماعية والأخلاقية ودين الأردنيين والدولة، فقد جعلت المقترحات القيم والمبادئ الغربية والصكوك والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان أعلى وأسمى من القوانين الوطنية وبهذا تصبح اتفاقية سيداو مثلاً بما تفرضه من قيم وأخلاق وكثيرٌ منها لا تتفق وديننا وقيمنا الاجتماعية والعشائرية أسمى من قانون الأحوال الشخصية والقانون المدني وقانون العقوبات وأولى في التطبيق والحكم.
7) نرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة التي أضفت الصبغة الدستورية على محكمة أمن الدولة والتي تشكّل بقرار رئيس الوزراء، هذا بدلاً من الاستجابة للمطالبات الشعبية ومطالبات القانونيين والمحامين ومؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان بحظر وإلغاء كافة المحاكم الاستثنائية وحصر المحاكمة أمام القضاء النظامي فقط.
8) ونرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة لأنها جاءت بصورة جامدة لمحكمة دستورية لا روح فيها، فقضاتُها يعيّنون من قبل السلطة التنفيذية وليس السلطة القضائية ويخضعون لسيف التجديد لهم كل أربع سنوات، وصلاحياتها محصورة في الرقابة على دستورية القوانين ولا تختص بالرقابة على دستورية القرارات السياسية والسيادية التي تستند للدستور مثل قرار حل مجلس النواب والأعيان وقرار تأجيل الانتخابات النيابية على سبيل المثال، وكذلك لا يملك حق الطعن لدى المحكمة إلا أربع جهات رسمية ثلاثة منها "الحكومة والنواب والأعيان " وهم بالأصل مؤسسات دستورية لإعداد ومناقشة وإصدار القوانين ويملكون اختصاص دستوري في تعديلها واستبدالها وإلغائها، فأي عبث دستوري هذا !. ان المحكمة الدستورية التي لا يملك المواطنون أو مؤسسات المجتمع المدني ًأحزاباً ومنظمات ونقابات " حق الطعن لديها هي محكمة مُقعدة لا رأس لها ولا أيدٍ أو أرجل.
9) ونرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة حيث لم تقرر الإشراف القضائي على إجراء الانتخابات العامة بل جاءت بما أسمته بهيئة عليا مستقلة لعملية الإشراف ولم تبين كيفية تعيين أعضائها وضمانات نزاهتها واستقلالها التام!.
10) نرفض هذه التعديلات الدستورية المقترحة لأنها ستُعرض وتناقش ويتم إقرارها من قبل مجلس نيابي فاقد للقبول والمشروعية الشعبية والدستورية جاء معظم أعضائه بطريق التزوير أو المال السياسي، وهذا المجلس فاقدٌ للرشد والحكمة والهيبة، إذ كيف يعطي ثقة الشعب لحكومة هي ربما الأسوأ في تاريخ الوطن بمائة وأحد عشر صوتاً من مائة وعشرين! ثم يتم إقالة هذه الحكومة الأسطورة بعد أيام!.
إن الشعب الأردني الحرّ الأبي في مدنه وقراه وتجمعاته وعشائره وقبائله الكريمة مدعوٌ لامعان النظر في هذه التعديلات المقترحة وخطورتها الواضحة ومدعوٌ أيضاً لعدم الاستهانة بضرورة التعبير عن رفض هذه التعديلات لما فيها من مساس بالسيادة الوطنية وكرامة الأردنيين وحقوقهم وقيمهم الاجتماعية وتتطلعاتهم لغدٍ أفضل ومستقبل آمن لأبنائهم وأحفادهم والسلام.
حركة أبناء العشائر الأردنية للإصلاح
رئيس المجلس التنفيذي
المحامي محمد احمد المجالي