في يومها العالمي.. الأردن يستبق الزمن بتشريعات تعزز الحق بالعدالة الاجتماعية
المدينة نيوز :-– منذ أكثر من مئة عام استبق الاردن ما سيكون فشرّع نصوصا قانونية لتحقيق العدالة الاجتماعية بين مكوناته السكانية بمختلف شرائحهم حيث نص الدستور على أن يكون الأردنيون متساوين في الحقوق والواجبات، ومع إطلالة المئوية الثانية جاء قانون الطفل ليشكل أحد أهم القوانين التي تسهم في تحقيق هذه العدالة وتثبيتها.
فقد استبق الاردن الزمن بتشريعات تعزز الحق بالعدالة الاجتماعية وتنظم كافة الجوانب المرتبطة بالتطبيق الدقيق لمفهوم العدالة والمساواة الاجتماعية باعتبارها المدخل الأساس لتمكين الناس من التمتع بحقوقهم الإنسانية الأساسية التي كفلتها الشرائع الإنسانية والمنظومة العالمية لحقوق الانسان.
وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، رصدت بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية الذي يصادف اليوم الاثنين، حال العدالة الاجتماعية في الأردن ومؤسساته الرسمية، من وجهة نظر مختصين وخبراء ومنظمات مجتمع مدني، أشاروا الى حرص الأردن بكل مؤسساته على تحقيق العدالة الاجتماعية التي يرون أنها تختلف في مفهومها وغاياتها عن الرعاية الاجتماعية.
وأوضح هؤلاء أن العدالة الاجتماعية في الاردن تتسم بتطوير التشريعات والسياسات والممارسات والخطط والبرامج التي تضعها الحكومة والمتعلقة بتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبشكل متساو ودون تمييز بين الذكور والإناث، بالإضافة الى تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية خاصة في مجال التعليم والطفولة وبرامج حماية في مؤسساته للعاملين، لافتين الى أن الأردن قطع شوطا كبيرا في تحقيق العدالة بين فئات المجتمع كافة، سواء في التعيين والتعليم، أو حماية المرأة والطفل، عبر سيادة القانون وزيادة أدوات الرقابة لتطبيق العدالة الاجتماعية بين الناس.
وكانت الأمم المتحدة أطلقت بهذه المناسبة شعارا لهذا العام: "التغلب على العوائق وإطلاق العنان لفرص العدالة الاجتماعية"، مشيرة الى أن الفقر يتزايد وتتسع أوجه التفاوت داخل البلدان وفيما بينها في أنحاء كثيرة من العالم.
وأضافت، إن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ما فتئت تتفاقم خاصة في السنوات الأخيرة، وإلى جانب المآسي الإنسانية التي رافقت هذه الأزمات والأثر الذي تركته على عالم العمل، كان من شأن هذه الأزمات أن تسلط الضوء على أوجه الترابط والتداخل بين الاقتصادات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم، لإبراز الحاجة الماسة إلى تضافر الجهود للتصدي لها على المستوى العالمي والإقليمي والوطني.
وأشارت الى أن موضوع هذا العام يركز على التوصيات التي قدمت في إطار الخطة المشتركة الرامية إلى تعزيز التضامن العالمي وإعادة بناء الثقة في الحكومات بـالتغلب على العوائق وإطلاق العنان لفرص العدالة الاجتماعية، معتبرة أن هذه المناسبة تتيح فرصة لتعزيز الحوار مع الدول الأعضاء، والشباب، والشركاء المجتمعيين، ومنظمات المجتمع المدني، وكيانات الأمم المتحدة، وكذلك بين أصحاب المصلحة الآخرين في ما يتصل بالإجراءات اللازمة "لتقوية العقد الاجتماعي الذي تمزق بسبب تزايد التفاوتات والصراعات وضعف المؤسسات العاملة في مجال حماية حقوق العمال".
وقالت، رغم تعدد هذه الأزمات وكثرتها إلا أن هناك فرصة عدة لبناء تحالف من أجل العدالة الاجتماعية وإطلاق المزيد من الاستثمارات في الوظائف اللائقة، والتركيز بشكل خاص على الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي والاقتصاد القائم على خدمات الرعاية، والشباب.
رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر يؤكد أن التشريعات الناظمة لشؤون الموظف والوظيفة العامة نظمت كافة الجوانب المرتبطة بالتطبيق الدقيق لمفهوم العدالة والمساواة الاجتماعية سواء على اساس النوع الاجتماعي او حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.
ولفت إلى أن الحكومات المتعاقبة عملت على تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتعزيز دورها في القطاع العام، حيث جاء قرار لمجلس الوزراء متضمنا عدم تحديد جنس المرشح لإشغال الوظائف الشاغرة وان يكون المرشح وفقا للأحقية التنافسية بغض النظر عن الجنس.
وأضاف، إنه تم التوسع في الفئات المشمولة بالحالات الانسانية بموجب تعليمات استقطاب وتعيين الموظفين لتشمل الاسرة متعددة الإعاقات، والارملة المؤهلة علميا، حيث بلغت نسبة الإناث العاملات في الخدمة المدنية حسب البيانات الأخيرة لدى الديوان حوالي 49 بالمئة من مجمل أعداد الموظفين العاملين في جهاز الخدمة المدنية.
وترتفع هذه النسبة، بحسب الناصر، لتصل الى 53 بالمئة من حملة الشهادات الجامعة من اجمالي موظفي الفئة الاولى، و62 بالمئة من اجمالي موظفي الفئة الثانية فيما بلغت نسبتهم في الفئة الثالثة 25 بالمئة من اجمالي نظرا لخصوصية وطبيعة وظائف هذه الفئة كمراسل وحارس وغيرها، والتي تستقطب الذكور بدرجة اعلى من الاناث بسبب طبيعة هذه الوظائف.
وأشار الناصر ان نظام التعيين على الوظائف القيادية رقم 34 لسنة 2021 وتعديلاته رسخ مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الجنسين وعزز مفاهيم الشفافية والنزاهة، بحيث اتاح للمرأة فرص متساوية للمنافسة مع زملائها الرجال في شغل هذه الوظائف بناء على الخبرة والكفاءة وفق أاحكام وأسس وشروط تطبق على الجميع.
وقال، إن نسبة الاناث المعينات على الوظائف العليا بمستوى الامناء والمدراء العامين ارتفعت خلال السنوات الثلاث بشكل واضح لتصل عام 2022 الى ما نسبته 17 بالمئة مقارنة بـ 11 بالمئة عام 2020، وهي مؤشرات واضحة على القدرات والكفاءات المتميزة للمرأة الأردنية من جهة واهتمام الدولة بالمرأة من جهة اخرى.
الناصر أشار من جانب آخر الى أن التحدي الأكبر لتقدم المرأة واستمرارية وصولها إلى المواقع القيادية هو انسحابها من الخدمة مبكرا بعد استيفائها لشروط الإحالة على التقاعد، حيث يسعى معظمهن للخروج بالتقاعد لأسباب وظروف اجتماعية.
وبين أنه وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، وانطلاقا من القيم المؤسسية التي تحكم عمل ديوان الخدمة المدنية والمتمثلة بالعدالة والنزاهة وتكافؤ الفرص، حرص الديوان ومنذ عقود على بذل الجهود الهادفة لدعم الاشخاص ذوي الإعاقة، وإزالة العقبات التي تحول دون مشاركتهم في الخدمة المدنية من خلال العمل على تطوير التشريعات الناظمة للخدمة المدنية وتوفير المتطلبات التيسيرية وبما يضمن إدماجهم وتمكينهم في المجتمع والاستفادة من خبراتهم العلمية والعملية في كافة القطاعات.
وأشار الى عدد طلبات التوظيف المعتمدة لدى ديوان الخدمة على الحالات الانسانية /فئة ذوي الاعاقة لعام 2022، بلغ 2236 طلبا، وعدد المعينين على كشف الحالات الإنسانية عام 2021 بلغ 310 منها 106 من الأشخاص ذوي الإعاقة وبنسبة تجاوزت 34 بالمئة.
امين عام المجلس الوطني لشؤون الاسرة محمد مقدادي تطرق في حديثه الى حقوق الطفل، لافتا الى أن المجلس عمل خلال سبع سنوات الماضية على قانون حقوق الطفل.
وأشار الى توقيع الاردن عام 1991 على اتفاقية حقوق الطفل وصدر قانون المصادقة عام 2006 وكان طيلة هذه الفترة يعمل على قانون لحماية حقوق الطفل وإنصافهم.
وبين مقدادي ان القانون عندما تم تطويره ركز على قضية الاستثمار بالطفولة بجميع القطاعات من علم وصحة ورعاية وترفيه، مؤكدا أن ما تضمنته مواد القانون هو قمة في العدالة لما رتبه من التزامات على المؤسسات الحكومية تجاه الاطفال الذين يعيشون على ارض الاردن سواء أكانوا اردنيين ام غير اردنين، فقراء أم اغنياء، في مختلف احتياجاتهم خاصة الرعاية الصحية المجانية وتحسين نوعية التعليم والبيئة التعليمية.
وتؤكد مسؤولة قسم الإعلام والاتصال في جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان شيرين مازن، ان الحماية الاجتماعية تعد حجر الزاوية لتحقيق العدالة الاجتماعية لجميع المواطنين والمقيمين على أراضي الدولة، وتتضمن الحماية الاجتماعية تمتع الجميع بفرص متساوية، وحمايتهم من شتى المخاطر الحياتية، لكنها رأت أن "مشوار العدالة الاجتماعية والحماية الاجتماعية ما يزال طويلا"، فرغم أن خطوات عديدة تم تجاوزها في هذا الجانب، "إلا أن هناك تحديات ما تزال ماثلة في التشريعات والبرامج والتنفيذ، وآلية اتخاذ الخطوات، بحيث تكون شمولية"، بحسب تعبيرها.
واكدت أهمية تعزيز البرامج الخاصة بمعالجة قضايا مثل الفقر والبطالة والحماية الاجتماعية الشاملة، وتوفير بيئة عمل لائق للعاملين جميعا دون تمييز، وتحقيق مستوى معيشي لائق.
ولاحظت مازن انه وبرغم من وجود برامج حماية اجتماعية في الأردن قائمة على الاشتراكات مثل الضمان الاجتماعي أو غير قائمة على الاشتراكات مثل الدعم المقدم من التنمية الاجتماعية، إلا أنه يكتنفها ضعف خاصة في منظومة الحماية الاجتماعية"، رائية "أنها لا تشمل جميع أفراد المجتمع".
وفي مجال التعليم يؤكد الناطق الاعلامي لوزارة التربية والتعليم الدكتور احمد مساعفة ان الوزارة تحقق العدالة الاجتماعية فيما يتعلق بتعليم الذكور والاناث على حد سواء وكذلك الطلبة من ذوي الاعاقة، وذلك متضمن في الخطة الاستراتيجية لوزارة التربية والتعليم، مشيرا الى أنه يتم توعية الكادر الاداري والتدريسي باستمرار بضرورة تفعيل البرامج النظامية وغير النظامية والتي تستهدف الذكور والإناث .
واشار مساعفةالى ان البرامج الثقافية والرياضية والعلمية التي تطرحها الوزارة تحقق العدالة الاجتماعية في توزيعها سواء بين الذكور والاناث ولا تستثني الاشخاص ذوي الاعاقة.
من جانبه يؤكد المركز الوطني لحقوق الإنسان حرصه على تقديم توصيات تتعلق بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توفير فرص العمل للأفراد وتعزيز الحق بمستوى معيشي ملائم وتكريس الحق في التنمية في تقاريره السنوية المتعاقبة.
وأكد أن تحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية يقترن بوضع استراتيجيات فاعلة في مجال الحق بالعمل والصحة والحق في التعليم وتفعيل الخطط القائمة ووضع خطط التنفيذ على المدى البعيد حيث أن العدالة الاجتماعية مفهوم واسع وشامل لمجالات الحياة كافة.
ودعا المرصد العمالي الأردني في بيان بالمناسبة الى الاستثمار بالحمايات الاجتماعية بشكل يضمن تعزيز مسارات العدالة الاجتماعية، مؤكدا أن العدالة الاجتماعية هي المدخل الأساس لتمكين الناس من التمتع بحقوقهم الإنسانية الأساسية التي كفلتها مختلف الشرائع الإنسانية والمنظومة العالمية لحقوق الانسان، ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز النمو الاقتصادي الشمولي الملموس في مختلف القطاعات الاقتصادية.