في اليوم الدولي للغة الأم.. للعربية مفاتن لا تضاهيها لغة
المدينة نيوز :- بشرى نيروخ- ترخي العربية جدائلها، فتفتن كل ذي عقل وقلب، اتساعا يفوق الوصف بملايين الكلمات التي نحتها اللسان عبر رحلة الزمن التي لا تشبهها رحلة.
ويغرف اللسان العربي من معين لا ينضب من التعابير والكلمات ومرادفاتها التي تشي بتطابق وافتراق في آن، وهو أمر لا تعرفه لغات العالم في فقهها ونحوها وصرفها ومواكبتها للتغير ومتطلبات شؤون الحياة.
خبراء بينوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) بمناسبة اليوم الدولي للغة الأم الذي يصادف اليوم الثلاثاء، تحت شعار "التعليم متعدد اللغات – ضرورة لتحقيق التحول المنشود في التعليم"، أن اللغات تمثل أساس وجود المجتمعات متعددة الثقافات، فهي الوسيلة التي تتيح صون الثقافات والمعارف التقليدية ونشرها على نحو مستدام.
وأشاروا إلى أن اللغة العربية تقف في مقدمة لغات الكون، فهي التي خصها الله سبحانه وتعالى بالحفظ والتكريم وجعلها لغة التنزيل والعبادة، وبها نزلت آخر الرسالات السماوية، وكانت لغة كتابه العظيم (القرآن).
وتعد اللغة العربية ركنا من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشارا واستخداما في العالم، إذ يتكلم بها يوميا حوالي 450 مليون نسمة من السكان، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
المديرة العامة لـ (اليونسكو) أودري أزولاي، لفتت عبر موقع المنظمة الإلكتروني بمناسبة هذا اليوم، إلى أن الاحتفال بشتى أساليب التعبير عن العالم من حولنا بكل أوجهه المتعددة، والالتزام بصون تنوع اللغات باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية، يهدف الى تأكيد وسيلة التعليم الجيد باللغة الأم للجميع.
وأشارت إلى أن كل لغة من اللغات المتداولة التي يزيد عددها على سبعة آلاف، تنطوي على مفهوم مميز للعالم والأشياء والكائنات بطريقة مميزة للتفكير والشعور.
أستاذ تعليم اللغة العربية في جامعة آل البيت الدكتور سامي هزايمة يقول: "قد تكون اللغة أعظم هبة وهبها الله لنبي البشر، وأرفعها منزلة، وأجلها قيمة، وأعلاها شأنا، وأعزها مكانة، وأكثرها استخداما، وأعظمها إنجازا".
وأوضح أن اللغة العربية تقف في مقدمة لغات الشعوب، تلك التي خصها الله سبحانه وتعالى بالحفظ والتكريم وجعلها لغة التنزيل ولغة العبادة، وبها نزلت آخر الرسالات السماوية، وكانت لغة كتابه العظيم (القرآن الكريم) وقرنها بميزان العقل والتفكر لقوله تعالى، "إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون"، ومن هذا نجد عظم الربط وعميق الصلة بين العربية والإسلام، وندرك حجم العلاقة بين مكانة اللغة العربية والرسالة السماوية، بل عدها جزءا لا يتجزأ من الدين، فهذا ابن تيمية اعتبر تعلمها فرضا واجبا على المسلم؛ لأن فهم كتاب الله وسنة نبيه فرض، ويصعب فهما إلا باللغة العربية.
ولفت هزايمة إلى أن قيمة اللغة العربية تتجلى بأنها أحد أهم مقومات وحدة الشعوب والأمم التي تدين بالإسلام وشكلت الرابط الأقوى بينهم، موضحا أن ارتباطها بالدين منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، جعل لها من أسباب النمو والانتشار والشمول ما يميزها عن غيرها من النواحي الفكرية والثقافية، الأمر الذي جعلها أكثر رسوخا وانتشارا، وأضفى عليها أسباب القوة والانتشار والبقاء، وجعلها محط اهتمام علماء اللغات عامة، وتعدى ذلك إلى غير أبنائها من المستشرقين الذين أشادوا بجمال عربية وقوتها وعظمتها.
وفي فضل العربية يشير هزايمة الى شهادة عالم اللغويات روفائيل ني بقوله "إنه ليس ثمة بين اللغات التي أعرفها لغة تقارب العربية في طاقتها البيانية أو قدرتها البلاغية وقدرتها على تشكيل الفهم والإدراك، واختراق المشاعر والأحاسيس".
ومثل روفائيل يقول المستشرق الفرنسي رينان إن "من أكثر ما يدعو للدهشة أن تنبت تلك اللغة القومية، وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحارى عند أمة من الرحل، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها، ولم نعرف لها في كل أطوار حياتها طفولة ولا شيخوخة، ولا نعرف شبيها لهذه اللغة التي ظهرت كاملة، وبقيت حافظة لكيانها".
وقال الصحفي محمد خير بشتاوي "إن من أهم خصائص اللغة العربية وتميزها عن غيرها إنها من أكثر اللغات السامية من حيث عدد المتحدثين، وإحدى أكثر اللغات قابلية للانتشار، إذ يتحدث بها أكثر من 452 مليون نسمة كلغة أم ومثلهم من يعتبرها لغة ثانية، وهي لغة مصدرين في التشريع الإسلامي؛ القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة.
وأشار الى أنه على عكس اللغات الأخرى السائدة قبل البعثة النبوية والتي اندثرت بفعل الاختلاط، تكفل الإسلام تكفل بحفظ اللغة العربية رغم دخول الشعوب والأمم غير المتكلمين بها، موضحا أن
اللغة العربية تمتاز عن غيرها من اللغات بوفرة مفرداتها واطراد القياس في أبنيتها وتنوع أسـاليبها وعذوبـة منطقهـا ووضوح مخارج الحروف.
الأستاذ المشارك في قسم أنظمة المعلومات الحاسوبية في كلية الملك عبدالله الثاني لتكنولوجيا المعلومات في الجامعة الأردنية الدكتور محمد عبد الرحمن أبو شريعة، قال، يحق لنا كسائر أهل المعمورة أن نحتفل ونخلد لغتنا الأم -اللغة العربية- التي اصطفاها الله دون غيرها لغة للقرآن الكريم، وهو القائل في كتابه"قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون"، وهو سبحانه الذي تكفل بحفظها لقوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، وهو ما يبعث على الطمأنينة والفخر بأن اللغة العربية محفوظة ما دامت الحياة قائمة ومحفوظة بعد انتهاء الحياة على هذه المعمورة، لأنها لغة أهل الجنة.
وأشار إلى أن تعتبر اللغة العربية اللغة السادسة في منبر الأمم المتحدة، موضحا أن الاهتمام الرباني والبشري باللغة العربية ما هو إلا دليل واضح على مكانتها المهمة على سائر اللغات الأخرى.
وتعد اللغة العربية لغة عالمية ولغة للتواصل الحضاري، وأداة لاستحداث المعارف وتناقلها، ووسيلة للارتقاء بالحوار وإرساء أسس السلام خاصة مع تعاظم العولمة والرقمنة والتعددية اللغوية، والحاجة الملحة لتعزيز الحوار بين الأمم والشعوب، بحسب ما يؤكد ابو شريعة.
ولفت إلى أنه أصبح من السهل إعداد تطبيقات وبرمجيات تتلاءم مع اللغة العربية إلكترونيا، داعيا الى
تحويل كل ما يتم تداوله من معلومات مقروءة، أو مرئية، أو مسموعة باللغة العربية إلى صيغة رقمية تمكن الباحثين وطلبة العلم من استخدامها في تطوير التطبيقات والبرمجيات المتنوعة.
وأعرب ابو شريعة عن مخاوفه من من التأثير السلبي لانتشار شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الإخبارية بشكل لافت في العالم العربي، موضحا أن هذا الانتشار لا يساهم في زيادة المحتوى العربي الرقمي بمفهومه العلمي والثقافي بسبب ما اعتبره "إخفاقات لغوية ومعلوماتية".
وأكد ضرورة استغلال التطور التكنولوجي في خدمة رقمنة اللغة العربية من خلال توجيه ودعم الباحثين والمتخصصين في مجال معالجة اللغات الطبيعية وهو أحد أهم فروع الذكاء الاصطناعي وعلوم الحاسوب، حيث تهتم بدراسة وتطبيق التفاعل بين الآلة واللغة وغير ذلك من التطبيقات.
--(بترا)