مجمع «سجون بدر» في مصر: محاولات انتحار وإضراب احتجاجا على الانتهاكات

تم نشره الجمعة 24 شباط / فبراير 2023 12:56 صباحاً
مجمع «سجون بدر» في مصر: محاولات انتحار وإضراب احتجاجا على الانتهاكات
مجمع سجون بدر

المدينة نيوز -  رغم حديث المسؤولين المصريين عن أن مجمع «سجون بدر» الذي افتتح عام 2021، سيكون بديلا عصريا عن السجون القديمة التقليدية، سيئة السمعة دولياً والقائمة بعضها منذ بداية القرن المنصرم، إلا أن الواقع جاء مختلفا، حسب منظمات حقوقية وشهادات لسجناء سياسيين نقلوا إلى السجن بعد افتتاحه، فضلا عن شكاوى أهالي السجناء.

إذ إن الانتهاكات التي يشهدها السجن منذ افتتاحه، تنوعت بين التعذيب الممنهج والتنكيل بالنزلاء، ومنع أسرهم من زيارتهم، وعدم السماح لهم بإدخال المواد الأساسية من طعام وأدوية، إضافة إلى شكوى مستمرة من ممارسة الإهمال الطبي المتعمد.

وسوّقت السلطات للسجن، باعتباره سيكون «نموذجا» في توفير الرعاية الإنسانية والثقافية للمسجونين على الطراز الأمريكي، حسب تصريحات أطلقها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في سبتمبر/ أيلول 2021.

ومثل مجمع السجون الجديد وقتها، واحدة من خطوات أعلنتها السلطات ضمن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بهدف تحسين صورتها في الخارج في مقابل الانتقادات الدولية.

 

إضراب ومحاولات انتحار

 

ونشر مركز «الشهاب لحقوق الإنسان» أمس الخميس، رسالة من المحتجزين في سجن «بدر» كشفت عن حجم الانتهاكات التي يتعرضون لها.

وجاءت الرسالة، مذيلة بتوقيع «معتقلي سجن بدر3، قطاعات 1، 2، 3،4 «، تحدثت عن محاولات انتحار شهدها السجن نتيجة الانتهاكات، إضافة إلى تنظيم عدد من السجناء إضراب شامل.

وتحدث المعتقلون في رسالتهم عن «تعنت شديد من إدارة سجن بدر3» تمثل في «عدم السماح للأهالي بزيارة ذويهم المعتقلين، الأمر الذي وصلت مدته إلى أكثر من 7 سنوات» إضافة إلى انتهاكات أخرى بحق المعتقلين، مثل، «عدم التريض بشكل كلي لكل المحبوسين سواء احتياطيا أو محكومين» كما إن «الوجبات المقررة ضعيفة جدا ولا تكفي لإطعام طفل صغير». ويضاف إلى كل ذلك «الحالة الصحية المتدهورة والمأساوية، وعدم وجود ماكينات للحلاقة أو شفرات مطلقا» حسب الرسالة.

الانتهاكات هذه دفعت المعتقلين إلى «فتح كل النظارات الخاصة بالأبواب الإلكترونية وغلق كل كاميرات المراقبة المتواجدة بكل الغرف ودخول قطاع 3، 4، في إضراب كلي».

وقد «واجهت إدارة السجن، الإضراب، بمزيد من التعسف، واستدعت القوة الضاربة والأمن المركزي، وتم توزيع بعض نزلاء الغرف على التأديب».

وحسب الرسالة، «أقدم حسام أبو شروق على شنق نفسه، ولم يستطع من معه في الغرفة من إنقاذه نظرا للضعف الشديد نتيجة الإضراب، وقيام محمد ترك أبو يارا بقطع شرايين يده، بعد رفض إدارة السجن، لطلب تقدم به للاطمئنان على أهله المقيمين في تركيا بعد وقوع الزلزال».

وزادت: «نتيجة للتدخل من القوة الضاربة بوحشية مع المعتقلين حدثت أزمة قلبية حادة جدا للمعتقل طه، وبعد الخبط على الأبواب لإسعافه تم الاستجابة بعدها بساعات، ما أدى إلى انقطاع تام في النفس وتغير في لون الوجه، ولا يعلم زملائه عنه أي شيء».

وأيضا «قام المعتقل عوض نعمان بقطع شرايين يده وتم نقله إلى مستشفى بدر من قبل مصلحة السجون»  وفق القدس العربي.

ولفتت الرسالة، إلى «دخول المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، في إضراب كلي نتيجة للمعاملة السيئة من قبل إدارة السجن معه وعدم الاستجابة له في الذهاب للمستشفى، بالإضافة لعدم السماح له بحضور الجلسات أمام النيابة».

وأكد المعتقلون في رسالتهم، أن «عدد المقبلين على الانتحار سيزداد نتيجة المعاملة التي تسوء يوما بعد يوم».

وناشدوا في ختام رسالتهم، «كل المنظمات الحقوقية والدولية سرعة التدخل لإنقاذهم من الموت البطيء» على حد وصفهم.

آخر التقارير التي رصدت انتهاكات وصفتها بـ«الفجة» في مجمع سجون بدر، جاء لمنظمة «كوميتي فور جستس»،

 

5 وفيات خلال الأشهر الأخيرة… والمعتقلون يستغيثون لإنقاذهم من «الموت البطيء

 

إذ ذكرت في تقريرها الصادر أمس الخميس، أن «السلطات أرادت انتهاك الحقوق الأساسية لمواطنيها المحتجزين في مجمع بدر حتى قبل أن تفتحه، حيث أسست لقاعات تعقد فيها جلسات المحاكمة للمحتجزين فيه، في عصف واضح المعالم باستقلالية القضاء وفي انتقاص لمعايير المحاكمة العادلة، حيث لا يمكن للمحتجز أن يدافع عن نفسه ولا من ينوب عنه داخل أسوار السجن الذي تحتجز فيه حريته».

ورغم أن المجمع يضم ثلاثة مراكز تأهيل إلى جانب المركز الطبي المجهز بسعة 175 سريراً، وغرفتي عمليات، وحجرة عمليات قسطرة، و18 غرفة عناية مركزة، و11 عيادة خارجية، و4 وحدات للغسيل الكلوي، إلا أن المنظمة «رصدت شكاوى عديدة لمحتجزين بالمجمع من الإهمال الطبي».

وبينت أن «أوضاع الاحتجاز داخل المجمع غاية في السوء» حتى أن أهالي المحتجزين فيه أطلقوا عليه لقب «العقرب الجديد» نسبة إلى سجن العقرب شديد الحراسة وذو السمعة السيئة دولياً».

ومن الانتهاكات، «منع دخول الكثير من الأغطية والملابس للمحتجزين، رغم انخفاض درجات الحرارة خلال تلك الفترة من العام، ومنع إدخال اللحوم والدجاج والبيض، ومنع الأسماك حتى المخلي منها، والأعشاب الطبيعية، والمخبوزات في الزيارات، على الرغم من أن التعيين الذي يقدم للنزلاء صار أقل من المعتاد نظرًا للظروف الاقتصادية، فضلاً عن الارتفاع الجنوني للأسعار داخل كانتين السجن».

المنع من الزيارات، مثّلَ إحدى الشكاوى التي رصدها التقرير، الذي بيّن، أنه «منذ إنشاء المجمع، اقتصرت الزيارات فيه على زيارة واحدة شهرياً، وهو أمر مخالف لقانون مصلحة السجون».

كذلك تم «رصد منع المتهمين من التعرض للشمس بأي شكل من الأشكال، إضافة إلى إضاءة الأنوار داخل الغرف طوال 24 ساعة، وهو الأمر الذي يمنع النوم بشكل منتظم للمحبوسين، بخلاف وضع كاميرات مراقبة تعمل طوال اليوم داخل الغرف».

ولفتت «كوميتي فور جستس» إلى أنه نتيجة لكل تلك الانتهاكات بحقهم؛ أعلن المحتجزون في أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، إضرابهم عن الطعام، ورفضوا استلام الطعام المقدم من إدارة السجن، لحرمانهم وذويهم من التواصل سواء عن طريق الزيارات أو إرسال أو استلام رسائل خطية للاطمئنان عليهم أو حتى عن طريق الفيديو، وكذلك حرمانهم من التريض بشكل دوري، ومنع دخول الكتب والمطبوعات».

وبينت أنه «كنتاج طبيعي لكل تلك الانتهاكات، شهد مجمع السجون زيادة مطردة في عدد الوفيات وصلت إلى وفاة 5 محتجزين بسبب الإهمال الطبي، وسوء أوضاع الاحتجاز خلال 5 أشهر».

ورأت أن «الطريقة التي تدير بها السلطات المصرية، ملف مقار الاحتجاز لديها، طريقة أثبتت فشلها، فما نفع تغيير المباني والعقول واحدة».

وحسب قولها «المشكلة تتلخص في عدم وجود إرادة سياسية لدى مصر لتغيير ثقافة تعاملها مع المحتجزين لديها، والتي تبدأ بحل مشكلة المعتقلين بمصر، والذين تصل أعدادهم لعشرات الآلاف، من خلال الإفراج عنهم، مع ضرورة توفير سبل الرعاية المعيشية المناسبة للمحتجزين أيًا كان انتماؤهم الديني أو اتجاهاتهم السياسية». كما طالبت المؤسسة، السلطات بـ«السماح لمنظمات المجتمع المدني ـ المصري منها والدولي – بالقيام بزيارات منتظمة لمراقبة الأوضاع داخل مراكز الاحتجاز، مع دعوات لفتح تحقيقات جدية وشفافة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الفجة بحق المحتجزين في مجمع سجون بدر، وغيرها من مقار الاحتجاز في مصر».

حملة «حتى آخر سجين» طالبت وزارة الداخلية المصرية وإدارة سجن بدر، بوقف ممارسات التعذيب الممنهجة والتنكيل بحق النزلاء، وتمكين أسر المحبوسين من زيارة ذويهم، والسماح بإدخال المواد الأساسية من طعام وأدوية. كما طالبت، في بيان صادر عنها مؤخرا بالتحقيق في واقعة إساءة معاملة نزلاء عنبر الإعدام، حيث وثقت منع الزيارة عنهم، وتعمد إدارة السجن توفير كميات ضئيلة من الطعام لهم، وكذلك التعذيب بالاعتداء البدني عليهم.

وشددت على ضرورة حماية المحبوسين، تنفيذا للحقوق المنصوص عليها في الدستور وقانون تنظيم السجون وقالت «يجب على السلطات المصرية فتح تحقيق فوري في هذه الانتهاكات التي تُعد استمرارا لنهج وزارة الداخلية وإدارة سجن بدر القائم على الانتقام من السجناء السياسيين بشتى أنواع سوء المعاملة الإنسانية».

وأيضا، طالبت بتشكيل لجنة مستقلة من الحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني لفحص أوضاع السجن، في ما يتعلق بظروف الاحتجاز وممارسات التعذيب وسوء المعاملة.

ودانت الحملة «التعنت من قبل إدارة السجن في تعاملها مع أهالي المحتجزين في كافة عنابر السجن، ومنعهم من إمداد ذويهم باحتياجاتهم الأساسية وغياب المعيارية في السماح بالزيارات».

وذكرت أنها وثقت شهادات من مصادر مطلعة على الأوضاع في سجن بدر 1 حول تصاعد وتيرة الانتهاكات خلال الأسبوعين السابقين بحق نزلاء عنبر الإعدام، وقيام إدارة السجن بتقييد أيديهم لأيام متتالية، وفصلهم في زنازين انفرادية، وعزلهم عن بقية سجناء السجن.

وفيات

وكانت الحملة، قد وثقت خمس وقائع وفيات في مجمع بدر، جراء ظروف الاحتجاز المروعة.

والوقائع، التي لم تقم الجهات المعنية بإجراء أي تحقيق فيها، آخرها يتعلق بالمعتقل جهاد عبد الغني والذي توفي في 21 ديسمبر/ كانون الثاني الماصي، بعد معاناة مع مرض السرطان، بالرغم من مطالبات أسرته المتكررة بضرورة إحالته إلى إحدى مستشفيات الأورام المتخصصة وإخضاعه لعملية جراحية، أملا بإنقاذ حياته، لكن طلباتهم المتكررة قوبلت بالرفض والتجاهل.

و»مجمع سجون بدر» افتتحته السلطات في مصر بنهاية عام 2021، في منطقة بدر في الصحراء الغربية (على بعد حوالي 300 كيلومتر غرب القاهرة) تحت مسمى «مركز الإصلاح والتأهيل بدر» وسط أجواء دعائية تروج لمزاعم حكومية حول تنفيذ استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان تكفل توفير ظروف ملائمة للسجناء.

وتم إنشاء المجمع على مساحة 85 فداناً، والذي تم إعداده، لاستقبال نزلاء 3 سجون عمومية إضافية بمجرد التشغيل الكامل.

ويضم 3 مراكز فرعية، ومركز خاص للنساء، وغرفة تحكم رئيسية مرتبطة بغرف تحكم فرعية بكل مركز، كما يضم مجمعاً للمحاكم، يحتوي على 4 قاعات لجلسات المحاكمة منفصلة إداريًا بسعة 100 فرد للقاعة الواحدة.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات