مشروع "مأرب" لحرب المياه وتحطيم الشرق العربي
استمد "مشروع مأرب الاستراتيجي" اسمه من السردية التاريخية بعد انهيار سد مأرب السبأي في اليمن عام 575 للميلاد حيث تحطمت الحضارة العربية هناك وتهجّر العرب في أنحاء الجزيرة العربية على إثر ذلك الدمار، وهنا يُراد للتاريخ أن يعيد نفسه ولكن بفعل بشري مقصود.
إن السدود الضخمة هي أحد محفزات الزلازل، وعادةً تُبنى السدود على صدوع أودية لمجاري الأنهار، وقد تكون هذه الصدوع تشكلت بين صفائح تكتونية متحركة، أي على صدع زلزالي قديم هو الذي صنع الوادي والمجرى الطبيعي للأنهار.
الشرط الموضوعي لقيام "إسرائيل الكبرى" هو تحطيم الثالوث العربي-الإسلامي التاريخي، مصر وسوريا والعراق، وهذا يتطلب بالضرورة تجفيف أنهار دجلة والفرات والنيل، وهذا يتطلب تعاون تركيا وإثيوبيا وجنوب السودان، حيث يتم بناء سدود كبرى وعديدة على منابع تلك الأنهار ومجاريها، وهذا بدوره يشكّل ضغطًا هائلًا بسبب حجم بحيرة السد وكثافة الماء العظيمة، وهذا قد يؤدي لتوليد ضغط هائل على أرضية الصدوع التي تكون على حواف الصفائح التكتونية، مما سيشكل "طلقة" تحفيز للزلازل، وهنا فإنه من المرجح علميًا بأن عدة زلازل ستكون متوقعة مع اكتمال ملء سد أتاتورك وسد النهضة في إثيوبيا وتركيا. كل ذلك خدمةً للوجود الإسرائيلي بطبيعة الحال.
لقد أنشأت تركيا 635 سدًا مائيًا ضخمًا أشهرها سد أتاتورك، و️أنشأت إيران 523 سدًا مائيًا مختلف السعة، و️أنشأت إثيوبيا 42 سدًا أضخمها سد النهضة، و️إسرائيل كذلك تستنفذ مياه الضفة الغربية الجوفية وبحيرات الحولة وطبريا ونهر الأردن.
من المؤكد بأن كل تلك السدود سوف تتسبب في تجفيف أنهار دجلة والفرات والنيل والأردن، وبالتالي تحطيم "ثالوث العروبة" مصر، سوريا، العراق. يبدو هذا السيناريو محبوك جيدًا ولا مفر من نتائجه المؤكدة.
المخيف أكثر هو أن انهيار أو تدمير أو زلزلة أي سد من تلك السدود الضخمة (أتاتورك و النهضة خاصةً) يعني عملانيًا إغراق وجرف كامل المدن على طول مجرى الأنهر في مصر والسودان وشمال سوريا ووسط العراق! وهذا معناه أننا سنتحول من رافضين لملء تلك السدود إلى حماة لها؛ فمصيرنا أصبح مرتبطًا بسلامتها!
مشروع مأرب هو مخطط دولي متصهين قديم، واسع النطاق، تشترك به هذه الدول الثلاث بشكل مباشر تحت مظلة التنمية وتوليد الطاقة النظيفة: تركيا بمهمة تعطيش سوريا والعراق بحجز مياه دجلة والفرات، و️ إثيوبيا بمهمة تعطيش مصر والسودان بحجز معظم روافد النيل، و️ إسرائيل بمهمة تعطيش الأردن وفلسطين بحجز نهر الأردن وطبريا وتعطيل مشاريع اليرموك وآبار الضفة الغربية.
الشرق العربي اليوم وبعد تداعيات الربيع العربي هو أمام خطر وجودي حقيقي؛ وقد بدأت تداعيات "مشروع مأرب" تظهر للعيان مع أزمة الري و زراعة الرز والصيد والنقل النهري.
د. حسين البناء