من باحث عن عمل الى رجل أعمال.. جرادات يدين بنجاحه للتعليم التقني
المدينة نيوز - بشرى نيروخ- لم تنل التحديات والعثرات وضيق ذات اليد والتعطل عن العمل على مدى إحدى عشرة سنة من عزيمة بلال جرادات ليصبح فيما بعد أشهر من نار على علم وليتحول من عاطل عن العمل الى صاحب عمل يشغل 14 موظفا بينهم 8 مهندسين في مجال تخصصه. بلال كان تخرج عام 2012 في كلية الحصن الجامعية التابعة لجامعة البلقاء التطبيقية في تخصص صيانة المركبات الهجينة، ومن ثم جسر للحصول على الدرجة الجامعية في هذا التخصص، ليصبح صاحب اعتماد لعدة شركات عالمية من بينها بوش وتويوتا وفورد، ومعتمدا في تقارير الفحص الفني للمركبات.
جرادات تنقل في العمل بين محافظة واخرى قبل أن يهتدي لهذا التخصص، وعلى مدى سنوات كان يحصد في كل مرة العثرات تلو العثرات وخسر ماله، لكنه قرر في النهاية أن يحصل على تخصص يجد من خلاله عملا في السوق، فاهتدى إلى تخصص تقني روج له الأردن كثيرا، فوجد فيه ضالته، وأنشأ عام 2015 أول مركز متخصص بصيانة السيارات في شمال البلاد ثم اشتهر وتوسع وازداد عدد العاملين لدى جراردات من 4 الى 14 بينهم 8 مهندسين من حملة البكالوريوس.
يقول جرادات لـ (بترا)، إن إنشاء مركز لم يكن بالأمر السهل، فحين افتتحه كان لا يملك مالا كافيا، فلجأ للاقتراض، لكنه اليوم يملك المبنى بأكمله، بما فيه من قطع ومعدات متطورة، ويوفر نظام "آي سيستم" والذي يتم من خلاله معرفة تاريخ المركبة، ونسب الأعطال التي واجهتها، والعديد من الأعمال ويوفر خدمات لما بعد البيع.
ولا يقف طموحه عند هذا الحد، بل يسعى لفتح مركز تدريبي لتدريب الشباب في هذا المجال ومن ثم توظيفهم في إطار مبادرة قدمها للجهات المعنية منذ عام 2021، فنقل العلم والخبرة أمانة، بحسب جرادات.
ويلح جرادات على الشباب بالتروي في اتخاذ القرار بعد دراسة التوجيهي والسؤال جيدا عن متطلبات السوق والالتحاق بمجالات التدريب والتعليم التقني، باعتبار ذلك جزءا لا يتجزأ من بنية التعليم الوطنية، ويدعم التنمية الاقتصادية من خلال تسهيل تنمية القوى العاملة الماهرة المرتبطة باحتياجات سوق العمل.
وتعيد قصة نجاح جرادات إلى الأذهان ما يؤكد عليه دائما جلالة الملك من أهمية التعليم التقني والتدريب المهني في ظل الطلب المتزايد عليه، ومدى اهتمام جلالته وولي عهده بهذا التوجه الهام لبناء مستقبل الشباب في الأردن، إيمانا منه بأن التعليم والتدريب المهني والتقني أصبح ضرورة للشباب والشابات الأردنيين الباحثين عن العمل، لأهمية المهارات الفنية والتقنية المؤهلة للالتحاق بسوق العمل المحلي والإقليمي والدولي، والتي تصب آثاره مباشرة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، ويؤدي إلى خفض معدلات البطالة والفقر.
فعند افتتاح جلالته في العام 2020 بحضور ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، أكاديمية (جاكوار لاند روفر) للتلمذة المهنية في عمان، أشار جلالته إلى أهمية توجه الشباب الأردني نحو التدريب المهني، معربا عن فخره بالشباب المتدربين، لاهتمامهم بتطوير مهاراتهم في مجال تكنولوجيا السيارات، ما سيخلق لهم فرصا عديدة في المستقبل.
وبحسب التقرير العالمي لرصد التعليم (اليونسكو)، فإنه يدرج التعليم التقني والمهني والعالي في الخطة العالمية للتنمية، ويشمل المؤشر العالمي لهذه الغاية؛ معدل مشاركة الشباب والكبار في التعليم الرسمي وغير الرسمي والتدريب.
فيما عرفت منظمة العمل العربية "التعليم التقني" بأنه تعليم جامعي متوسط، يلتحق به الحاصلون على شهادة الثانوية (العام والفني) ومدة الدراسة فيه سنتان بالمتوسط
وبموازاة ذلك ركزت رؤية التحديث الاقتصادي الذي أقرته الحكومة أخيرا 2023 – 2025 على المبادرات والأولويات لقطاع التعليم والتدريب المهني والتقني والتشغيل على إيجاد إطار حوكمة للقطاع ضمن أفضل الممارسات العالمية من خلال إعداد استراتيجية لقطاع التعليم والتدريب المهني والتقني وتصميم إطار تنسيقي للمانحين لتنظيم مشروعات وبرامج الجهات المانحة فيما يتعلق بالتعليم والتدريب المهني وإعداد دراسة متكاملة لتجارب الدول المختلفة فيما يتعلق بالتعليم المهني.
رئيس جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور أحمد فخري العجلوني، يقول إن الجامعة استهدفت عام 1997 النهوض بالتعليم الجامعي والمتوسط، وتولت الإشراف على التعليم التقني في جميع كليات المجتمع في المملكة من النواحي الأكاديمية والتربوية والفنية.
وأضاف، إن الجامعة ترفع شعار: "التعليم والتعلم" من أجل التشغيل، وبدأت بتوطين تخصصات وبرامج عالمية في كلياتها المنتشرة في جميع محافظات المملكة، والبالغ عددها 16 كلية جامعية، وتعمل باستمرار على تطوير البنية التحتية والبنية التكنولوجية وبناء قدرات المدرسين والمدربين المعنيين بالتعليم والتدريب التقني.
وأشار الى حرص الجامعة على تطوير البرامج والخطط الدراسية باستمرار لمواكبة للتطورات التكنولوجية ولمتطلبات واحتياجات سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي، فقد قامت الجامعة بتجميد القبول في أكثر من 100 تخصص راكد ومشبع لا يحتاجها سوق العمل، وحولت الخطط الدراسية من خطط موجهة أكاديميا نحو التجسير للجامعات إلى خطط دراسية مبنية على أساس مصفوفة الكفايات والمهارات الفنية العلمية والعملية التطبيقية التي يحتاجها سوق العمل.
وأكد أن الجامعة تركز على إكساب الطلبة الخبرة العملية أثناء الدراسة من خلال اتفاقيات ومذكرات تفاهم موقعة بين الجامعة وأصحاب العمل، وتم توقيع 33 اتفاقية ومذكرة تفاهم مع عدد من الشركاء المحليين والأجانب خلال عام 2022 بهدف توفير التدريب العملي المناسب والخبرة العملية للطلبة.
وأوضح العجلوني أن الجامعة أدخلت لأول مرة مفهوم البرامج التقنية الثنائية المتكاملة في العمل للمرحلتين الجامعية والجامعية المتوسطة، وبدأت بتطبيق هذه البرامج اعتبارا من مطلع العام الجامعي الحالي، ووسعت مفهوم التعليم التقني ليشمل كافة المجالات الاقتصادية، كالصناعة والإنتاج والخدمات الفنية، والعلوم الصحية المساندة والعلوم المالية والإدارية والفنون التطبيقية والعلوم الزراعية والفندقة وفنون الطهي.
وقال، إن الجامعة قامت بتطوير نموذج متقدم في مجال التجسير والنفاذية ومنح الشهادات المهنية بما يتناسب مع الإطار الوطني للمؤهلات، لتعزيز وإنجاح تجربة التعليم التقني في الأردن؛ وبالتالي حل مشكلة البطالة، ويفتح هذا النموذج الآفاق لطلبة الكليات الجامعية المتوسطة والمدارس المهنية ومراكز التدريب المهني بحيث يمكنهم من الالتحاق بالمسار المهني في الجامعات والكليات التقنية للحصول على درجة البكالوريوس التقني.
ولفت إلى أن الجامعة باشرت بتطبيق هذا النموذج بأربعة برامج ضمن البكالوريوس التقني كمرحلة تجريبية، وهي خدمة المركبات الكهربائية والهجينة والآليات الهيدروليكية الثقيلة، والتكييف والتبريد وتكنولوجيا الزراعة العضوية الذكية.
وأوضح أن هناك 21 ألفا و672 طالبا وطالبة حاليا على مقاعد الدراسة في كليات جامعة البلقاء التطبيقية لمرحلة الدبلوم المتوسط، موزعين على 62 تخصصا تقنيا وتطبيقيا في مجالات الهندسة والتكنولوجيا، والمهن الطبية المساعدة، والفنون التطبيقية، والعلوم المالية والإدارية، والعلوم الزراعية وتقنيات المعلومات، والصحافة والإعلام الرقمي، والفندقة وفنون الطهي.
وأكد أن من بين التخصصات التي تطرحها جامعة البلقاء التطبيقية مجموعة من التخصصات المستحدثة لأول مرة، مثل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، والروبوتات، والأبنية الذكية، والأمن السيبراني، والتسويق الإلكتروني، وعلم البيانات الكبيرة، والدعم اللوجستي، والطاقة المتجددة، والتحكم الصناعي، وخدمة المركبات الكهربائية والهجينة وغيرها من التخصصات التي يحتاجها سوق العمل.
وقال، إن الجامعة طورت في مطلع العام الجامعي الحالي 6 تخصصات تقنية بالتعاون مع منظمة (كويكا) الكورية، وحصل حوالي 25 مدرسا ومدربا في هذه التخصصات على التدريب العملي المناسب لدى الشركات والمصانع الكورية، وقبل ذلك عملت الجامعة على تطوير عدد من البرامج بالتعاون مع منظمات ومؤسسات تعليمية دولية فرنسية وألمانية ويابانية وهندية وكندية.
ولفت إلى أن نسبة الإناث الملتحقات ببرامج التعليم التقني في جامعة البلقاء التطبيقية تبلغ حوالي 54 بالمئة، وأن عدد خريجي كليات جامعة البلقاء التطبيقية سنويا نحو ستة الآف طالب وطالبة بحسب نتائج الامتحان الشامل.
وتشير أحدث دراسة أجرتها مؤسسة الضمان الاجتماعي بالتعاون مع جامعة البلقاء التطبيقية عام 2021 إلى أن نسبة التشغيل لخريجي برنامج الدبلوم المتوسط بلغت حوالي 80 بالمئة، بينما بلغت نسبة التشغيل لخريجي البرامج التقنية الهندسية والتكنولوجية 96 بالمئة، وهذا مؤشر على عدم وجود بطالة من الناحية الفعلية بين خريجي طلبة جامعة البلقاء التطبيقية في التخصصات التقنية والتطبيقية، على الرغم من أن نسبة البطالة بين الشباب تجاوزت 22 بالمئة ويشكل حملة درجة البكالوريوس ربع عدد المتعطلين عن العمل من الشباب.
رئيس هيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية، الدكتورة رغدة الفاعوري، أشارت إلى أن من أبرز الخدمات التي تقدمها الهيئة، هي: ترخيص المراكز التدريبية واعتماد البرامج التدريبية وتطوير المعايير المهنية والمناهج المهنية، وإصدار شهادات حضور ومزاولات مهنة، وعقد الاختبارات النظرية، وضمان جودة مزودي التدريب، وتمويل مشاريع التدريب المهني والتقني المنتهية بالتشغيل، ومنها تمويل الوحدات الإنتاجية.
ولفتت إلى أنه تم ترخيص 174 مزود تدريب، وعدد البرامج التدريبية المعتمدة 257 برنامجا، مشيرة الى أن اعتماد البرامج يتم وفقا للتصنيف الأردني للمهن، وتعتبر المعايير المهنية الوطنية المرجع الفني لإعداد المناهج واعتماد المادة التدريبية.
وأشارت إلى أن عدد المدربين المعتمدين بلغ 842 مدربا، حسب معايير أبرزها: المؤهل الأكاديمي والفني والدورات التدريبية والخبرات العملية والسيرة الذاتية، فضلا عن توفر عقد عمل أو اتفاقية.
وقالت، إن الهيئة بادرت وبالتعاون مع الشركاء الرئيسيين وبدعم من الوكالة الالمانية للتعاون الدولي، بإصدار مسودة الاستراتيجية الموحدة، والتي تستند لوثيقة رؤية التحديث الاقتصادي والاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية.
ولفتت إلى أن الاستراتيجية تعتبر الأولى من نوعها، تم عرضها للاستشارة العامة من قبل الشركاء، واطلع عليها مزودو التدريب وتم الأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتهم وتعليقاتهم بخصوصها، وسيصار إلى بناء وحدة لمتابعة تنفيذ الخطة من قبل جميع الشركاء، مشيرة إلى أن إعداد هذه الاستراتيجية سيساعد على تحقيق الأهداف التي نادت بها رؤية التحديث الاقتصادي خاصة زيادة نسبة الالتحاق بالتعليم والتدريب المهني والتقني.
وأكدت وجود خطة اعلامية واضحة تستهدف الشباب الأردني وأولياء الأمور والمعنيين كافة، لتشجيع الشباب على الالتحاق بقطاع التعليم والتدريب المهني والتقني، وللمساهمة في طمس ثقافة العيب بالنشر والترويج لقطاع التعليم المهني والتقني، كما تم مشاركة مجالس المهارات القطاعية لإعطاء رسائل تحفيزية تشجع الشباب الأردني للالتحاق بالقطاعات المختلفة.
وعن المشاريع المستقبلية، أشارت الفاعوري إلى أن لدى الهيئة مشاريع كبيرة يعول عليها للارتقاء بهذا القطاع، وقد تم البدء بمشروع أتمتة خدمات الهيئة، بالإضافة إلى مشروع معايير التميز الذي سيرفع مستوى مزودي التدريب والخدمات التدريبية المقدمة، وسيتم التدريب من خلال التعلم القائم على العمل ما سيؤدي إلى نقلة نوعية بمستوى التدريب بشكل عام، بالإضافة إلى تفعيل دور القطاع الخاص لردم الفجوة بين الطلب والعرض.
--(بترا)