فوضى في غياب الشرطة.. ظهور "جيش ثالث" في السودان
المدينة نيوز :- رغم هدوء حدة الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع نسبيا خلال الساعات الأخيرة، فإن السودانيين وجدوا أنفسهم أمام عصابات مجهولة تقوم بعمليات نهب وسرقة لم تسلم منها البنوك، في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد وغياب كامل للشرطة.
آخر هذه الحوادث المأساوية ومشاهد الفوضى الأمنية، هو مقتل طبيب الجهاز الهضمي، بشرى بن عوف صباح الثلاثاء، بعد طعنة في الصدر من قبل عصابات مجهولة، بحسب زميله الطبيب علاء عوض، في حديثه مع موقع "الحرة".
يقول عوض: "البلد في فوضى حاليا، هناك متفلتون وعصابات تهاجم السجون وتخرج المساجين ويسلحونهم، وبدؤوا في عمليات نهب وسرقات، ومات بالفعل عدد من المدنيين".
وأضاف أن "وزارة الداخلية والشرطة غير موجودة في المشهد تماما ولم تصدر إلا بيانا واحدا بعد الحديث عن خروج الرئيس السابق عمر البشير من السجن، لتقول إنه ورموز النظام السابق في مكان آمن".
وتابع: "أين الوزارة من سرقة البنوك والشركات ومعارض السيارات والمخابز والمصانع وقتل المواطنين الأبرياء، أعتقد أن منسوبي الأجهزة الأمنية من أنصار النظام السابق متواطئين ومنخرطين فيما يحدث من فوضى".
وأرسل عوض لموقع "الحرة" فيديو قال إنه لعملية نهب لمتجر أجهزة كهربائية على عربة خشبية يجرها حمار، وبجانبها شخص مسلح.
ورغم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ليل الثلاثاء، خفت حدة الاشتباكات وإن لم تنته، "فنحن لا زلنا لا نستطيع أن نخرج من بيوتنا، الجيش والدعم السريع يتحاربان، لكن هناك "جيش ثالث" في مقابل المدنيين العزل لا يستطيعون مقاومته"، بحسب بشير دراج الذي يسكن في حي الحلفايا في منطقة الخرطوم بحري.
وأوضح أنه "بعد أن خرجت أعداد ليست بالقليلة من السجون في الأيام القليلة الماضية، أصبحت هناك عصابات تنتشر في الشوارع لترويع المواطنين".
وأضاف "تم نهب بعض المصانع ودقيق من المخابز، هناك جيش ثالت من العصابات، لا تستطيع الناس أن تقاومه".
وتأتي تقارير نهب المتاجر والمخابز في ظل نقص شديد للإمدادات يعاني منه سكان العاصمة، وترتفع فيه أسعار السلع الأساسية بشكل كبير.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الثلاثاء، في بيان: "بعد عشرة أيام من القتال، يصبح نقص الغذاء والمياه والأدوية والوقود حادا بشدة، خاصة في الخرطوم والمناطق المحيطة بها".
وأشار إلى تقارير عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، قائلا إن أسعار المياه المعبأة تضاعفت وإن السيولة صارت شحيحة، ويصعب الوصول إليها.
وأقر والي الخرطوم المُكلف، أحمد عثمان حمزة، بأن "الظروف الحرجة التي تعيشها بلادنا وولاية الخرطوم بصفة خاصة والتي ترتبت عليها مشاكل عديدة، حالت دون تمكن أجهزة ولاية الخرطوم من القيام بمهامها علي الوجه الأكمل"، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "سونا" الأحد الماضي.
وناشد والي الخرطوم "المواطنين في كل أنحاء ولاية الخرطوم ولجانهم وتكويناتهم المختلفة برفع حسهم الأمني والمساهمة في تأمين أحياءهم وتفويت الفرصة لمن يستغلون الأوضاع الحالية في تنفيذ عمليات نهب وسلب".
ويؤكد الصحفي محمد شمس الدين من شرق الخرطوم أنه "تم تخريب أعداد كبيرة جدا من المحلات، لكن كان هناك تركيز على متاجر الهواتف النقالة والبقالة والمواد الغذائية".
وأضاف: "تم اقتحام بعض البنوك من عصابات مجهولة، ونهبها فضلا عن الصرافات الآلية".
وفيما يتعلق بالمسؤولين عن عمليات النهب قال "لا نعلم بالضبط من يقوم بذلك، لكنني رأيت قوات الدعم السريع وهي تحتل بعض المناطق التي حدث فيها عمليات نهب بعد ذلك، فضلا عن أن هناك مجموعات للجريمة المنظمة تستغل الفوضى الحاصلة في ظل غياب الشرطة الكامل عن المشهد منذ 15 أبريل، بالإضافة إلى أن هناك مساجين محكوم عليهم خرجوا من السجن".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت مؤخرا مناشدات من المواطنين لإعادة تفعيل "لجان الأحياء" و"لجان المقاومة" التي تم تشكيلها خلال أيام الثورة ضد نظام البشير، للحفاظ على ممتلكات المواطنين.
ويقول عوض "بعض أعضاء لجان المقاومة في بعض الأحياء لا يستطيعون الخروج من بيوتهم بسبب الوضع الأمني، لكن على الرغم من ذلك، بدأ البعض في أحياء أخرى في تشكيل لجان لحفظ الأمن في منطقتهم".
وقال شمس الدين لموقع "الحرة": "بدأت بعض الأحياء فعلا تشكل لجانا خاصة للمواطنين الذين يريدون النزوح أو الخروج من المناطق الخطيرة المحيطة بالاشتباكات، من أجل الوصول إلى أماكن آمنة، إذ يحاولون إنشاء ممرات آمنة وإخراج الناس"، مؤكدا في الوقت ذاته أن كل هذه الجهود من قبل أفراد عاديين "ليس هناك مؤسسات رسمية مثل الدفاع المدني ولا حتى منظمات إنسانية ولا وجود للهلال الأحمر ولا للصليب الأحمر".
وحاول موقع "الحرة" التواصل مع الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة، اللواء عمر عبد الماجد، لكن هاتفه كان مغلقا.
المصدر : الحرة