المدينة نيوز :- شكّلت مزاعم روسيا بأن أوكرانيا حاولت اغتيال الرئيس فلاديمير بوتين في الكرملين عبر هجوم بطائرات مسيرة، مصدر تشكيك غربي عززه نفي كييف.
والأربعاء، نفت أوكرانيا أن تكون وراء "الضربة" المفترضة التي قالت موسكو إنها استهدفت مقر إقامة بوتين، في الكرملين، عن طريق طائرتين مسيرتين، بينما قالت واشنطن، إنها تتعامل مع هذه الأنباء بحذر ثم شددت أن اتهام موسكو لها بالوقوف وراء "المحاولة" محض كذب.
والأربعاء، نفى ميخيلو بودولياك، أحد كبار مستشاري الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي، في حديث لموقع "ناتسيك ديلي" أن تكون كييف وراء الهجوم قائلا إن مثل هذه الهجمات ليست في مصلحة أوكرانيا، متهما روسيا بمحاولة اختلاق الأعذار لتبرير أي هجمات متوقعة على مدنيين.
وقال بودولياك "لن تؤدي هذه الضربة إلا لتشجيع روسيا على تصعيد الحرب التي بدأتها وتعريض ملايين المدنيين لخطر أكبر" ثم تساءل "لماذا نحتاج هذا؟ أين المنطق في ذلك؟".
وكان الرئيس الأوكراني، فلودموير زيلنسكي، نفى هو الآخر في أول تعليق له على اتهام موسكو لقواته بمحاولة اغتيال بوتين، مؤكدا أن أوكرانيا تفضل رؤيته أمام العدالة، وأن مهمة قواته لا تتعدى الدفاع عن حدود البلاد.
والخميس، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، روسيا، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا.
وقال خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمية "ندعو روسيا إلى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد" في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022.
وفور الضربة المزعومة، سارع الرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيدف إلى القول إن الهجوم ترك روسيا بدون خيارات سوى "تصفية" الرئيس الأوكراني و"جماعته" في كييف، حسب تعبيره.
أعذار
المحلل الروسي، نيكيتا مندكوفيتش، نفى أن تكون روسيا تريد من وراء اتهام كييف أن تتذرع لأجل تصعيد عملياتها ضدها.
وقال في تصريح لموقع الحرة إن "موسكو ليست بحاجة لاختلاق الأعذار لضرب أوكرانيا" مشيرا إلى أن الضربات التي تشنها أوكرانيا كفيلة بأن تجعل روسيا "ترد" عليها.
ثم تابع قائلا إن روسيا لديها القدرة على ضرب الجنود الأوكرانيين دونما تبرير لذلك، لأنهم، لم يتوقفوا عن الاعتداء على المدنيين -وفق تعبيره- في المناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية، وخص بالذكر ، دونيتسك التي احتلتها موسكو.
وكانت روسيا ضمت العام الماضي، بالقوة، أربعة مناطق أوكرانية، هي خيرسون وزابوريجيا جنوبا، ودونيتسك ولوغانسك شرقا، وهي المناطق التي تشكل ممرّا برّيا مهما بين روسيا وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عنوة كذلك، في عام 2014.
والخميس، أعلنت السلطات المُعيّنة من روسيا في القرم عن إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة جوية في شبه الجزيرة، في حادثة جديدة من الحوادث المماثلة في الأيام القليلة الماضية.
وقال حاكم سيفاستوبول، ميخائيل رازفوجاييف على منصة تلغرام: "هجوم آخر على سيفاستوبول "دمرت دفاعاتنا الجوية طائرة من دون طيار في منطقة قاعدة بيلبيك".
في المقابل، أعلنت أوكرانيا، الخميس، أنّها أسقطت خلال الليل 18 مسيّرة من أصل 24 أطلقتها روسيا على البلاد غداة الاتّهامات التي وجّهتها إليها موسكو.
وقال سلاح الجو الأوكراني على تلغرام إنّ "الغزاة أطلقوا 24 مسيّرة من نوع شاهد 136/131. قام سلاح الجو الأوكراني بالتعاون مع وحدات دفاع جوي أخرى بإسقاط 18 مسيّرة".
"هراء"
وبالعودة إلى اتهام كييف بمحاولة اغتيال بوتين بطائرة مسيرة، قال المحلل العسكري الأميركي، مايكل بريجنت، إن روسيا تحاول فعلا التماس الأعذار لقواتها لتبرير الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الأوكراني.
وقال في حديث لموقع الحرة في تعليقه على الهجوم المفترض "أعتقد أنه مخطط روسي محض.. لا شك أن من قام بهذا، يعمل لصالح المخابرات الروسية".
ثم مضى مؤكدا "روسيا تريد أن تظهر بمظهر الضحية في حرب أشعلتها هي ضد شعب أعزل" مذكرا بأن موسكو هي من بدأت الحرب في 2022 وضمت أراض تابعة لبلد جار بالقوة وقال متسائلا "كيف يمكن للكرملين أن ينتظر منا أن نصدق هذا السيناريو؟".
من جانبه، يصر ّمندكوفيتش، المحلل الروسي، على أن أوكرانيا أرادت فعلا اغتيال بوتين، أو على الأقل تهديده، ولا يرى البتة بأن آلية صغيرة بحجم طائرة مسيرة، غير قادرة على ضرب مبنى الكرملين الذي يفترض أن يكون قويا بما يكفي لحماية المسؤولين الروس الذين يعملون به، ولا سيما الرئيس.
ولدى إجابته على سؤال لموقع الحرة بالخصوص، قال مندكوفيتش "لماذا عندما يتعلق الأمر بروسيا لا نصدق ما يقال؟" ثم تابع "لماذا علينا تصديق أن هجمات الـ11 من سبتمبر كانت إرهابية فعلا" في إشارة إلى ضرورة تبني وجهة نظر روسيا التي قالت إن أوكرانيا حاولت اغتيال بوتين "لولا تفطن قواتها" التي حيّدت طائرتين مسيرتين كانتا ستضربان مقر بوتين بالكرملين.
فهل بإمكان طائرتي درون أن تفعلا ذلك من وجهة نظر تقنية؟
يرد مندكوفيتش على السؤال بالقول "أكيد، إذا تم تحميلهما بمتفجرات قوية قادرة على ضرب مبان قوية".
لكن بريجنت، المحلل العسكري الأميركي، ينفي ذلك ويقول إن روسيا تعلم جيدا أنه من غير الممكن الوصول بسهولة إلى مبنى الكرملين خصوصا في زمن الحرب.
وأضاف مؤكدا، أنه من الناحية التقنية، لا يمكن تحميل طائرة مسيرة بحجم صغير بمتفجرات يمكنها أن تخترق مبنى حكومي قوي مثل الكرملين، ناهيك عن استهداف مكتب الرئيس هناك.
بريجنت علق على الرواية الروسية بالقول "إنه هراء".
يذكر أن العاصمة الروسية، موسكو، تقع على مسافة 500 كيلومتر من الحدود الأوكرانية، فيما يقع الكرملين في منطقة تخضع لحماية أمنية مشددة.
لذلك، أثارت الاتهامات الروسية استغراب العديد من المحللين.