تقلبات أنظمة وقوانين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
منذ أشهر نشر خبر ألهب الآمال في نفوس الراغبين بإكمال دراستهم العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه خارج الأردن وفق شروط أعدتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وذلك بإلغاء شرط الإقامة واستبداله بكتابة موضوع الرسالة لمرحلة الماجستير أو أطروحة الدكتوراه عن الأردن، وكان لهذا القرار ترحيب واسع من عدد كبير من الطلبة الراغبين بإكمال دراستهم العليا، وقبل أيام صدر تعديل من الوزارة يفيد بإلغاء هذا القرار والعودة إلى شرط الإقامة للطالب في بلد الدراسة لمدة لا تقل عن 8 شهور.
إن طلبة جامعاتنا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه في الأغلب يكونوا من الموظفين وعلى رأس عملهم، في القطاعين العام والخاص، وعند صدور هذا التعديل فقد أحبط الكثير من الطلبة الذين كان لهم في يوم من الأيام أمل في الحصول على شهادة عليا، فألان هم بين نارين إما ترك الوظيفة، أو تقديم إجازة طويلة من العمل إذا كان رب العمل يسمح بهذا، وهذا فيه من الهدر الكبير للمال الشخصي والعام ولمقدرات الوطن المالية.
إن الأردن بحاجة إلى سواعد متكاتفة لتبني لبنات هذا الوطن، وطلبة الدراسات العليا هم جزء من هذا النسيج الوطني الصاعد في النماء والانتماء وصاحب النظرة الثاقبة للإمام لتحسس مواطن الخلل وحلها بالأسلوب العلمي الأكاديمي التحليلي، فالشعوب الراقية هي التي تدعم البحث العلمي بجميع جوانبه العلمية والأدبية والفنية ... وتخصص له ميزانيات عظمى كالميزانيات العسكرية، ولكن ما لمسناه في قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الأردنية هو أسلوب إحباط لهذه الطبقة الدارسة والباحثة عن كل جديد لحل قضايانا بأسلوب علمي حديث.
إن طموح الطلبة الراغبين في إكمال دراستهم هو أن يلمسوا اهتمام خاص بهم وأيادي تمد لهم الدعم تساعدهم وتحثهم على إكمال دراستهم، على عكس ما يحدث من إحباط لهم بمثل هذه القرارات.
إن قرار إلغاء الإقامة في بلد الدراسة هو قرار صائب في حينه ويجب العودة إلى دراسة إمكانية تطبيقه مجدداً وخاصة لمرحلة الدكتوراه للتخصصات الغير موجودة في الأردن إذا كان لا بد من إقراره.
إن العالم بتطور وتقدم مستمر، وصل إلى التعلم عن بعد في كثير من الجامعات والمدارس، فلماذا لا نطبقه في جامعاتنا ومدارسنا، ألا يكفي العصور السابقة من احباطات؟ ألا يكفي خلال العصور السابقة من هدر للوقت والمال؟ لقد حان الوقت لأن نتطلع للإمام لنبني ونبني ليكون الأردن شامخاً عالياً بمصاف الدول المتقدمة كما يريده وينادي له جلالة قائدنا المفدى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم للإصلاح الإداري والأكاديمي ... بكل السبل، وصولاً للتطور والتقدم والازدهار في الأردن.
الكل يقر بأن هناك تخبطات في قرارات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومجلس الاعتماد، فكل يوم أو شهر أو سنة، نقرأ عن تعديل أو إلغاء أو منع لقرار يكون سهلاً ثم يُصعب ليكون لندرة الندرة من أصحاب النفوذ لتمرير ما يريدون، ثم يبطل القرار، فهناك قرارات محبطة للجامعات الخاصة نفسها مالياً وإدارياً، وتنظيمياً، هذه الجامعات الوطنية التي تدعم الميزانية بملايين الدنانير، فهناك قرارات إحباط للفئة المستهدفة للجامعات من طلبة كقرار رفع المعدل إلى 60 أو 70 أو أكثر لبعض التخصصات، وقرار فتح الموازي في الجامعات الحكومية والتي أصبحت المستفيدة مالياً كونها أصبحت تحتضن جامعات خاصة داخل جامعات حكومية بنظام التعليم الموازي، وأصبحت الجامعات الخاصة بهذا القرار تغلق تخصصات فتحتها وحققت لها الاعتمادات من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الأردنية على أمل أن تستقطب لها طلبة، وأصبحت تلغي عقود هيئاتها التدريسية والإدارية جراء هذا التخبط في القرارات، وأصبحت تعفي طلبة مبتعثين لديها داخل الأردن وخارجه لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه من التزاماتهم المالية والأكاديمية والإدارية للجامعة لبعض التخصصات لإغلاق ذلك التخصص عندها.
إن الأردن يحتاج إلى ضمائر حية في هذا البلد المعطاء ليكون بلدنا واحة أمن واستقرار وجذب خارجي في جميع جوانب الحياة الأكاديمية والسياحية والثقافية والطبية...، وأن نكون عناصر تسهيل لا تشديد على طلبتنا، كما تفعل باقي الدول العربية والأجنبية، وأن تكون قراراتنا ثابتة غير مترنحة تميل حيث تميل رياح سياسات واضعي قراراتنا، وأملي في المستقبل القريب أن نسمع بقبول قرار العودة إلى معدل ال55 بالنسبة لطلبة البكالوريوس سواء للدراسة في الأردن أو خارج الأردن، وإلغاء شرط الإقامة لمرحلتي الماجستير والدكتوراه، وإلغاء شرط التقدم لمرحلتي الماجستير والدكتوراه للحصول على التوفل، وترك الأمر للجامعة المستقبلة للطالب عندها، وأن نعمل سوية مع صاحب الجلالة وتخطيطاته، لا أن نعمل في وادٍ وجلالته يعمل في وادٍ آخر.