د. احمد ماضي يقدم استقالتة من رابطة الكتاب احتجاجا على موقفها تجاة مجازر سوريا
عمون - خاص - قدم الدكتور أحمد ماضي عضو رابطة الكتاب استقالتة صباح الاثنين استنكارا للمجازر التي يرتكبها النظام السوري في شعبة واحتجاجا على موقف الرابطة من هذه المجازر عبر بيانا وصل للمدينه نيوز نسخة منه .
وتالياً البيان:
حضرات الزميلات والزملاء أعضاء رابطة الكتاب الأردنيين
تحية طيبة, وبعد؛
فأود, بادئ ذي بدء, أن أشكر لكم انتخابكم لي, مقدراً أيّما تقدير, الثقة التي منحتمونني إياها.
عندما فزت بعضوية الهيئة الإدارية, ولم تفز أغلبية من قائمة التجمع الثقافي الديمقراطي تمكنني من تولي رئاسة هذه الهيئة, ظن أعضاء في الرابطة أنني لن أقبل بأن أكون مجرد عضو, مؤكداً أن عضوية الهيئة الإدارية, في حد ذاتها, هي شرف كبير, وبصرف النظر عن المنصب الذي قد يشغله العضو. وجدير بالذكر أن كثيرا من الأعضاء الذين اتصلوا معي, مهنئين بالفوز, كانوا يلحون علي ألا أستقيل, إذ كانوا يعتقدون أن استقالتي من عضوية الهيئة الإدارية أمر مفروغ منه, لأنني لن أكون رئيساً لها. والحق أنني لم أفكر, ولو للحظة واحدة, في الاستقالة, ذلك لأن إيماني الصادق بالديمقراطية يحتّم عليّ الاعتراف بالأمر الواقع, حتى لو كان مراً.
وأزيد قائلاً إنني من أركان التجمع الثقافي الديمقراطي الذي يؤكد في ميثاقه إتباع النهج الديمقراطي. فهل يعقل, في ضوء ذلك, أن أستقيل؟
انعقد الاجتماع الأول للهيئة الإدارية فور انتهاء الانتخابات, وذلك بحضور الفائزين من تياري القدس والقومي, وغياب الفائزين من التجمع الثقافي الديمقراطي. وفي هذا الاجتماع تم انتخاب الرئيس ونائبه. ثم عقد الاجتماع الثاني الذي أُفرد جانب كبير منه لتوزيع الحقائب. وفي ذلك الاجتماع ساد "منطق"! الأغلبية في معاملة الأقلية. وكان واضحاً تمام الوضوح, وصريحاً كل الصراحة هذا "المنطق"!.
لقد كان التهميش والإقصاء للأقلية من تولي أي حقيبة, ذات قيمة, هما جوهر السياسة التي اتبعتها الأغلبية. وعندما فُكر, في أثناء النظر في توزيع الحقائب, في ترشيح هذا أو ذاك من التجمعيين, لتولي أمانة الشؤون الخارجية, أعني في المقام الأول الناقد والمترجم فخري صالح, المعروف عربياً من قبل المبدعين والنقاد, وعالميا, إلى حد ما, وصاحب الباع الطويل في العمل النقابي في تولي هذه الحقيبة, لم يتمكن التجمعيون من "إقناع"! الآخرين بأفضليته على المرشح الآخر.
لم يكن معيار الاختيار من هو العضو الأفضل لسمعة الرابطة عربياً وعالمياً, ومن هو الأجدر من غيره في تولي هذا المنصب. كان "معيار" الأغلبية هو "المعيار الموضوعي"! في الانتخاب.
لقد اتضح في هذا الاجتماع أن "منطق"! الأغلبية هو الذي يحكم بل ويتحكم في الأمور. وهكذا خلص الاجتماع إلى تولي تياري القدس والقومي كافة المناصب, حتى التوقيع الثالث على الشيكات. وقد أبديت احتجاجي على هذا التوزيع, وخرجت من الاجتماع مستنكراً ذلك.
ثمة أمرُ متعارف عليه هو أن الرئيس ونائبه وأمين السر مناصب سيادية قد تصر القائمة الفائزة على توليها. وهكذا كان. لذلك لم يتطلع التجمعيون إلى نيابة الرئاسة أو أمانة السر, حتى لو كان واحدُ أو أكثر من التجمعيين أجدر من غيره في تولي هذا المنصب أو ذاك. أما المناصب الأخرى, فقد كنا نتوقع, في ضوء تصريحات تيار القدس, أن تكون متاحة لنا بحرية. بيد أن الاجتماع الثاني أثبت أن "منطق"! الأغلبية هو الفيصل.
وهكذا بقي التجمعيون مجرد أعضاء, وذلك شرف كبير لهم, على الرغم من أن ثلاثتهم ذوو خبرة نقابية مشهود لها. فقد كان أحدهم رئيساً سابقاً لدورتين, وثانيهما نائب رئيس لدورتين أيضاً, وثالثهما أمين سر لدورتين كذلك. ألم يكن بمقدور تيار القدس الإفادة منهم؟ لقد آثر هذا التيار تطبيق "منطق"! الأغلبية, "منطق"! إقصاء أي واحد من الثالوث من تولي أي حقيبة, "عليها العين", كما يقال.
وإنفاذاً ل إمّا... أو, إمّا الريّس أو نائبه, -علماً أن النظام الداخلي يمنح الرئيس صلاحية اختيار من يشاء من أعضاء الرابطة ليمثله- اختارت الهيئة الإدارية النائب ليمثل الرابطة في اجتماعات المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب والأدباء العرب في القاهرة. وها نحن نلحظ, واقعةً أخرى تدل, على إصرار تيار القدس على الاستئثار بالسلطة واحتكارها. إن أي واحد من ثالوث التجمع كان بمقدوره أن يمثل الرابطة خير تمثيل, فضلا عن أن كل واحد منهم أشهر من نار على علم عند الاتحادات والروابط العربية. وتبين بعد عودة النائب أن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب اقترف خطأً فادحا بموافقته على إعادة اتحاد كتاب العراق إلى الاتحاد العام, وأن النائب لم يسجل اعتراضه على ذلك. لذلك , قررت الهيئة الإدارية تدارك ما فات النائب, وذلك بمخاطبة الاتحاد العام مستنكرة هذه الموافقة.
أمّا موقف الرابطة من المجازر التي ترتكبها السلطة الغاشمة في سورية الشقيقة, فلها قصة تستحق أن تروى, مؤملاً أن يعقد عضو الرابطة مقارنةً بين كيفية صدور البيان الخاص بسورية, وصدور البيان الخاص باقتحام أحرار مصر سفارة العدو بالقاهرة, وموقف السلطة الحاكمة من ذلك. لقد انتهزت قرار "الهيئة الأردنية لنصرة الشعب السوري" القاضي بالاعتصام أمام السفارة السورية, عند الساعة التاسعة من مساء الثلاثاء في رمضان, موعد اجتماع الهيئة الإدارية, وخاطبت رئيس الهيئة الإدارية بشأن مشاركة المعتصمين اعتصامهم, بيد أن الريّس أبى أن يرد على رسالتي. وعندما طفح الكيل, وازداد عدد الشهداء والجرحى والمعتقلين والمهجرين... وجهت الرسالة المدرجة أدناه إلى الرئيس والأعضاء:
"تحية تضامنية مع الشعب السوري الشقيق. أقترح إصدار بيان بأسرع وقت يدين ما يجري, اليوم وليس غداّ. السكوت تواطؤ بنظري". والجدير بالذكر, بهذا الخصوص, أن أحداً من أعضاء الهيئة الإدارية, ولا سيما الريّس المسؤول الأول, لم يرد على اقتراحي, بل أُهمل أيّما إهمال. وبعد مضي أيام قليلة بعثت بالرسالة الآتية إلى الريّس والأعضاء: "الله بالخير. أرى أن من الضروري أن تجتمع الهيئة الإدارية السبت في ضوء المذابح التي تزداد باطراد بسوريا الشقيقة. ما رأيك دام فضلك؟".
وكالعادة, لم أتلق رداً من الريس. وعندما عقد اجتماع الهيئة الإدارية بعد كل هذه المحاولات من جانبي, والتلكؤ والمماطلة, من الجانب الآخر, وعلى رأسه رئيس الرابطة, اقترحت إصدار بيان بشأن ما يجري في سورية. وقد تم الاتفاق على أن يصوغه الناقد فخري صالح, والقاصة إنصاف قلعجي.
وفي الاجتماع الذي عقد بتاريخ 14/8/2011 أقر البيان, وتمت الموافقة عليه بالإجماع . وفوجئ أعضاء الرابطة, والمعنيون بموقف الرابطة مما يجري في سورية الشقيقة, بعد صدوره, بموقف رئيس الرابطة المختلف كثيراً عما جاء في البيان, مسوغاً موقفه الجديد بأنه شخصي! إذن, نحن إزاء موقفين للريّس, موقف يتخذه بصفته رئيساً, وآخر يتخذه بصفته الشخصية! لقد كان بمقدور الريّس أن يتبنى رأيه الشخصي في الاجتماع , وفي ضوء ذلك يتحفظ على البيان. وهذا حق من حقوقه بل من حق كل عضو من أعضاء الهيئة الإدارية. لماذا هذه الازدواجية يا ريّس؟ أتساءل : هل أراد الريّس بموقفه الرابطي أن يجامل التجمع الثقافي الديمقراطي, وبموقفه الشخصي أن يرضي صقور تيار القدس؟ ربما. وكما فوجئنا بموقف رئيس الرابطة, فوجئنا بوقف التيار القومي كذلك. علماً أن الأستاذ هشام عودة كان أحد الثلاثة الذين صاغوا البيان. ومرة أخرى نحن إزاء موقفين. وقد يصدق على وضعية الأستاذ هشام ما يصدق على وضعية الريّس , أعني أن ثمة موقفاً يتخذه القومي في الاجتماع, وآخر يخاطب به التيار القومي.
أعود إلى الاحتكار, لأقول إن الوفد الذي سيشارك في اجتماعات المكتب الدائم لاتحاد الكتاب والأدباء العرب تألف من نائب الرئيس (تيار القدس) الذي مثّل الرابطة في القاهرة قبل حين من الزمان. وها هو يترأس الوفد المكوّن من الباحث الدكتور محمد عبيد الله (تيار القدس), والقاص جعفر العقيلي (تيار القدس). أتساءل هل بمقدور أحد من الثالوث التجمعي أن يترأس هذا الوفد؟ للأسف لم يُفكر في أحد منهم, وهم : رئيس سابق لدورتين, ونائب رئيس لدورتين, وأمين سر لدورتين. هكذا يتم الاستئثار, وعلى هذا النحو يمارس الاحتكار. وكنت تساءلت في حينه: هل, يا ترى سيتم تشكيل الوفود, في المستقبل, على هذا النحو؟ ألا يدل كل ما تقدم على أن تيار القدس يمارس سياسة الإقصاء والتهميش تجاه التجمعيين ؟ أترك لأعضاء الرابطة التفكر في الأمر, بموضوعية, واتخاذ الموقف المناسب إزاء ذلك.
لقد اتصل بي الدكتور جهاد سكرتير الرابطة قبل يومين أو ثلاثة, على ما أظن, من اجتماع الهيئة الإدارية, طالباً الموافقة على إصدار بيان بخصوص اقتحام سفارة العدو في القاهرة, وسلوك السلطة الحاكمة إزاء ذلك. وكان رأيي أن إصدار البيانات هو من اختصاص الهيئة الإدارية. وزدت قائلاً إن الرابطة ليست ملكاً لأهل الريّس, وأن صدور البيان من دون البت فيه في اجتماع الهيئة الإدارية, سيحتّم علي الاستقالة منها. ولا اخفي عليكم أنني كنت أتوقع أن يبادر الريّس إلى مهاتفتي, ومحاولة إقناعي بأن الأمر "لا يحتمل التأجيل"! , كما احتمل بيان سورية! أو أقنعه! بأن البيان ينبغي أن يصدر عن اجتماع الهيئة الإدارية الذي سينعقد بعد يومين أو ثلاثة من اتصال الدكتور جهاد بي. وصدر البيان الذي كان لا "بد"! من صدوره عن تياري القدس والقومي, من دون أن يبحث في اجتماع الهيئة الإدارية. ألا يدل ذلك مرة أخرى على أن هذين التيارين مصران على الاستمرار في إقصاء التجمع الثقافي الديمقراطي وتهميشه؟ أهكذا هو النهج الديمقراطي؟
وفي الاجتماع الذي عقد بعد صدور البيان حاول عضو –على الأقل- من أعضاء الهيئة الإدارية تشويه موقفي, متغاضياً بقصد عما حال دون موافقتي على البيان. إن موقف التجمع الثقافي الديمقراطي من الكيان الصهيوني واضح تمام الوضوح في ميثاقه, وفي المناظرة التي جرت بيني وبين د.موفق, وأيضاً في المناظرة التي جرت بينه وبين الناقد فخري صالح.
أعتقد, في ضوء كل ما سبق , أن استقالتي قد حان أوانها, وأقول صراحةً أنني أُجبرت عليها. لقد صبرت طويلاً مؤملاً أن تصحح الأغلبية سياستها إزاء التجمع, وتعيد النظر قي موقفها من الأقلية. ولكن الأغلبية ظلت معتقدةً أن إدارتها "حكيمة" , وليس ثمة لزوم للإصلاح. إنه لمستحيلُ أن أرضى بأن أكون مجرد شاهد على القرارات التي تتخذها الأغلبية, كما يستحيل أن أسمح لنفسي بأن تكون مجرد صفر حافظ منزلة. إن عزة نفسي وكرامتي الشخصية لا تسمحان بالبقاء أكثر من ذلك, مؤملاً أن يتفهم أعضاء الرابطة الأسباب التي أدت إلى هذه الاستقالة. وسأسعد عندما أتعرف إلى مواقف الأعضاء منها, وذلك لأقوّم ما أقدمت عليه.
وأختم قائلاً إن الهيئة العامة التي انتخبتني هي الفيصل فيما ذهبت إليه, من جهة, وهي الحكم على سياسة الإقصاء والتهميش والاستئثار التي تتبعها الأغلبية, من جهة أخرى.
عاشت رابطنا حرة وديمقراطية, وتحيا دائما وأبدا لأعضائها كافة.
د.أحمد ماضي
العضو المستقيل من الهيئة الإدارية