قضاة ومحامون يحذرون من تركيع القضاء التونسي.. "أسوء وضع في تاريخه"
المدينة نيوز :- قال قضاة، من تونس ومن خارجها، إن وضع السلطة القضائية بالبلاد أصبح كارثيا وفي أزمة حقيقية، بالنظر إلى حالة التركيع وبث الخوف والرعب التي أحدثها الرئيس قيس سعيد صلبه منذ 25 تموز/ يوليو 2021.
جاء ذلك في ندوة دولية دفاعا عن استقلالية القضاء، حيث اعتبر المشاركون أن كل المؤشرات خطيرة جدا بالنظر للوضع الذي وصل إليه القضاء الذي بات خاضعا ولا ينفذ إلا تعليمات السلطة التنفيذية على حد قولهم.
وشارك في الندوة ، قضاة ومحامون و ممثلون عن اللجنة المدنية للدفاع عن استقلالية القضاء بالشراكة مع اللجنة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان ومنظمة محامون بلا حدود وهيومن رايتس ووتش.
وحذر القضاة من أن الرئيس سعيد جعل من السلطة القضائية "بجرة قلم مجرد وظيفة خاضعة له"، حيث غاب مصطلح "السلطة القضائية" في الدستور الجديد الذي أقره الرئيس التونسي عبر استفتاء شعبي في 25 تموز/ يوليو 2022، ووقع تعويضه بـ"الوظيفة القضائية".
"تدخل سافر"
قال رئيس الاتحاد الدولي للقضاة جوزيه إيفريجا ماطوس إن وضع القضاء في تونس اليوم كارثي ويعيش أزمة حقيقية، مشددا على "وجود تدخل سافر في القضاء عبر السلطة التنفيذية وهو أمر بات مؤكد وعاينه الرئيس الشرفي لاتحاد القضاة الدوليين بعد تواصله مع عديد القضاة والفاعلين في البلاد بعد عملية إعفاء 57 قاضيا".
وأكد جوزيه ماطوس أن الاتحاد تابع ويتابع عن كثب وضع القضاء في تونس والحضور في هذه الندوة تأكيد لذلك.
بدوره، حذر رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي من تقلص حجم الكتلة المقاومة لتدخل السلطة التنفيذية في القضاء وبالتالي الوصول إلى حالة الاستسلام.
وقال القاضي الحمايدي إنه "لا يمكن الحديث عن استقلال قضاء بعد تنزيله من مرتبة السلطة إلى الوظيفة"، مضيفا: "لا يمكن الحديث عن استقلالية قضاء والحال أن الهياكل خاضعة للسلطة التنفيذية وأساسا المجلس الأعلى للقضاء".
ويشار إلى أن الرئيس قيس سعيد قرر ومن داخل مقر وزارة الداخلية ، بتاريخ 6 شباط/ فبراير من سنة 2022، حل المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بمجلس مؤقت وهي خطوة سبقها قرار بإعفاء 57 قاضيا بمرسوم واحد.
وشملت الإعفاءات حينها رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر، ورئيسة مجلس القضاء العدلي مليكة المزاري وقضاة بارزين.
وعلى الرغم من قرار المحكمة الإدارية ببطلان قرار الإعفاءات فإن الحكم لم يطبق ومازال قرار العزل ساري المفعول. واحتجاجا على العزل دخل القضاة وقتها وعلى مدى أشهر طويلة في تحركات احتجاجية بلغت حد الإضراب عن العمل لمدة أشهر متتالية مع تنفيذ إضرابات عن الطعام.
"ندوة مهمة"
من جانهه، قال القاضي المعزول مراد المسعودي، إن "هذه الندوة الدولية على غاية من الأهمية من حيث التوقيت وفي ظل إقرار داخلي وخارجي بالمس والهدم الحاصل في السلطة القضائية".
وأفاد رئيس جمعية القضاة الشبان المسعودي بأن "ما حصل مع القضاة غير مسبوق ولم يحصل إلا في تونس خاصة في اعتبار القضاء وظيفة".
وعن قدرة القضاة في استرجاع سلطتهم وإبعادها عن كل إخضاع، يرى المسعودي أن "ما حصل مع القضاة عملية منظمة واعتداء مدبر ونزعة للسيطرة كانت واضحة منذ البداية وللأسف الوضع سيذهب للأسوء".
واستدرك القاضي بالقول إنه "رغم القمع والتجويع والشل التام للهياكل، سينتهي هذا الاستبداد ومدته محدودة وهذا مؤكد عبر التاريخ والشعب الذي ذاق الحرية لن يعود للوراء".
وضع صعب
من جانبه، قال مارتن براديل عن الاتحاد الدولي للمحامين إن "تونس لم تعرف وضعا أسوأ مما نعيشه اليوم"، نشددا على أهمية وضرورة تضامن المحامين مع القضاة لأجل ترسيخ استقلالية العدالة وعدم الاستسلام أبدا.
وأقر مدير مكتب منظمة محامون بلاحدود رامي الخويلي بصعوبة الوضع القضائي واسترجاع سلطته، قائلا إن الأمر يتطلب ثورة كاملة داخله لافتكاك استقلاليته.
وقال المحامي ، إن "ما يحصل اليوم مع المعارضين أو حتى حادثة اعتقال طلاب على خلفية أغنية يؤكد عدم توفر قضاء عادل يضمن الحق وإنما قضاء يعمل بالإملاءات والتعليمات من فوق".
من جانبه، قال المحامي ورئيس لجنة الدفاع عن القضاة المعزولين العياشي الهمامي إن "القضاة يتعرضون لمظلمة عبر استيلاء الرئيس سعيد على سلطتهم وتوظيفها لمصالحه، لا يوجد أي جديد في ملف القضاة المعزولين ولكن نفسنا طويل".
وأضاف الهمامي: "دورنا كبير جدا في توعية الرأي العام بما يحصل وفضح كل التجاوزات التي يرتكبها النظام حتى تتم مواجهة ذلك".
وفي رد عن سؤال بشأن أهمية توقيت الندوة، أكد الهمامي أن "هذه الندوة خطوة هامة جدا لرفع الصوت وتوعية الرأي العام بأن الرئيس هدم مبادئ الدولة الديمقراطية".
وخلص الهمامي إلى "نحن في فترة حصار وتمدد للدكتاتورية ولكننا لن نستسلم ونحن في مرحلة نضال وصراع مع سلطة الانقلاب والنفس الطويل هو الذي سيبقى".
بدوره، قال المحامي سمير ديلو إن مستوى الحضور من تمثيل دبلوماسي دولي وقضاة ومحامين لهذه الندوة يؤكد الأهمية الكبرى لاستقلالية القضاء الذي بات مستهدفا.
وعن تأثير هذه الندوة، أكد ديلو أن "الحركية لها تأثير إقناع وصنع رأي عام بأنه لا استقلالية حقيقية لدولة دون استقلال القضاء".
وختم ديلو بالقول إن "الوعي سيتوسع والعمل اليومي سيستمر حتى حدوث قناعة بأن ما يحصل خطير".
عربي 21