متخصصون يعاينون مفهوم السينما المستقلة
المدينة نيوز :- عاين متخصصون في السينما مفهوم السينما المستقلة ونشأتها والمعطيات التي أنتجتها، في ندوة حوارية عقدت مساء أمس الاثنين، نظمتها لجنة السينما التابعة لمؤسسة عبد الحميد شومان في منتدى عبدالحميد شومان بعمان.
وشارك في الندوة التي حملت عنوان "السينما المستقلة .. حدود وآفاق"، وأدارتها الناقدة السينمائية رانية حداد، المؤلف والمخرج السينمائي اللبناني جورج الهاشم، والناقد السينمائي المصري محمد الروبي.
وأكد الهاشم والروبي في الندوة التي حضرها متخصصون في السينما ومهتمون، أن الحريات العامة وسلامة التمويل من أهم ركائز إيجاد صناعة سينما تتيح المجال للمبدع لتقديم أعمال إبداعية تنسجم مع هموم وقضايا المجتمع وثقافته.
وأشار الروبي إلى أن ظهور مصطلح السينما المستقلة تجلى في عام 2000 في مصر، مستعرضا تجربة ظهور هذا المصطلح في أميركا مع بداية ظهور الصناعات السينمائية هناك، واحتكار شركات الإنتاج الكبرى للإنتاج، ودور العرض السينمائي باعتبار أن صناعة السينما في أميركا ماكينة ضخمة، وبالتالي حرمت العديد من صناع الأفلام من تقديم أعمال سينمائية لا تلبي متطلبات سوق صناعة السينما بالمفهوم التجاري، مما دفع العديد من صناع السينما في أميركا إلى اللجوء بما يطلق عليه السينما المستقلة.
ولفت إلى أنه تبلور هذا النوع من الإنتاج تحت مسمى سينما مستقلة أو بديلة رافقه في العقدين الأخيرين التطور التكنولوجي الرقمي مع ظهور الكاميرا الرقمية التي أتاحت لصناع الأفلام تقديم أعمال سينمائية بكلف إنتاجية قليلة.
وناقش جدلية مفهومي السينما المستقلة والسينما البديلة وما تحمل من معان ودلالات لهذا التصنيف، معتبرا أن المصطلحين اللذين يمثلان معطيات ذات الموضوع "المستقلة" و"البديلة" فضفاضين ولا يعبران عن هذا النوع من الإنتاج السينمائي، والأفضل أن نعتبر ما يقدم في هذا السياق هو سينما وإنتاج قليل الكلفة يوظف الكاميرا الرقمية بمعزل عن الاسم.
وتطرق إلى ما تشهده السينما العربية من تقديم إنتاجات سينمائية لا ترقى للنهوض بذائقة الجمهور.
وحول الدور الذي يمكن أن تلعبه مؤسسات أهلية أو خاصة في مقاربة مع مؤسسات إنتاج عامة أو حكومية، فيما يتعلق بدعم الإنتاج السينمائي، رأى الناقد الروبي أنه من الضرورة أن لا ترفع الدول يدها عن صناعة الأفلام، بشرط أن تقدم إنتاجات دون انحيازات معينة، عازيا رأيه هذا الى أن المجتمعات العربية التي ترزح في ظلال الفقر والبطالة والتخلف العلمي والتكنولوجي غير مهيئة للتعامل مع ما قد تقدمه لها الإنتاجات الخاصة من تراجع في الذائقة وخدش للقيم الجمالية والثقافية للمجتمع.
الناقد الروبي الذي استدرك أن الدول لها انحيازاتها واستراتيجيتها، أكد ضرورة أنه "ما لم يكن الفنان والمبدع حرا فلا تحمله وزر إنتاجه كاملا"، لافتا الى أن البحث عن تمويل صغير للإنتاج السينمائي والاستغناء عنه لا يعني بالضرورة أن السينما "مستقلة" ما لم يكن صناع الأفلام يتمتعون بخصال الفنان الموهوب والمهموم.
من جهته، رأى المخرج الهاشم أنه لا توجد صناعة أفلام دون تمويل ودون أن تكون متوجهه الى الجمهور ومستوحاة من الناس لتحقق التواصل معهم، مبينا أن هذا التواصل بقدر ما يكون على درجة عالية من الحرية ومصادر تمويلها سليمة بقدر ما تكون السينما مستقلة وعلى درجة عالية من التواصل مع الجمهور.
ولفت الى أن سلطة المال من الممكن أن تقمع علاقة التواصل ما بين الجمهور والسينما، مؤكدا ضرورة توفر الحافز لدى صناع الأفلام لخلق الإبداع دون النظر الى المكاسب المادية .
وحول دور المهرجانات السينمائية، رأى المخرج الهاشم أنها تتيح حيزا للأفلام التي يطلق عليها "مستقلة" لكي تتم مشاهدتها كون صالات دور السينما تشهد إقبالا ضعيفا بعكس ما كان سائدا في سنوات سابقة، علاوة على هيمنة صناعة السينما الأميركية، كما أنها أصبحت حيزا للتوزيع.
كما رأى أن المهرجانات لم تعد "القلادة" للمبدع ولا تُغني صانع الفيلم عن علاقته بالناس وقضاياهم وحريتهم والتواصل معهم، مؤكدا أن المبدع هو وحده يعرف الخطوط الحمراء في مجتمعه، وليس هدفه أن يعري مجتمعه بشكل استفزازي ومباشر وإنما عليه التواصل معه.
وتحدث عن معيقات الرقابة التي تتخذ اشكلا مختلفة في الأقطار العربية وقضايا التوزيع والحاجة الى تشريعات للحيلولة دون الاحتكار.
وخلص الى أن مفردة الاستقلالية أو "المستقلة" تعني له "حرية الإلهام".
وجرى في الندوة نقاشات موسعة مع الجمهور حول قضايا وهموم صناعة السينما في الأقطار العربية.
--(بترا)