إذا تحدّثت النساء الغاضبات فمن يردّ..!؟
يقف الشعب الأردني حائراً أمام حرب خفية غامضة بين رموز في السلطة وخارجها، المعلن من هذه الحرب لا يساوي شيئاً مقابل الخفي، الأمر الذي زاد من أجواء الغموض، وبدأ يرفع من وتيرة التصريحات، وسخونة الاتهامات، قديمها وجديدها..!!
ولن نقف هنا عند كل ما سمعنا ونسمع، ولكن دعونا نتوقف عند حديث اثنتين امتلكتا من الشجاعة السياسية ما لم يمتلك مثلها كثير من الرجال، وهو ما يكفي للإشارة بأن الردّ ينبغي أن يأتي هذه المرة سريعاً دون أي تأخير لخطورة الحديث وضخامة الاتهام: فها هي توجان فيصل، التي يبدو أنها بدأت تتفطّن الماضي، بعد صمت مريب، تتهم رموزاً كبيرة في الدولة وبالاسم الصريح بأنها حاولت إسكاتها بالمال وعرضت عليها رشوة بمائة ألف دينار مقابل عدم فتح ملفات فساد تمتلك عليها اثباتات وبراهين كما تقول، واتهمت رموزاً أخرى بأنها كانت تمثل رأس الفساد في البلاد..!!
أما ليلى شرف فتصرح غاضبة عقب إقالة نجلها الشريف فارس شرف من منصبه كمحافظ للبنك المركزي، بأنها لا ترغب أن تخدم "دولة الفساد ".. وهي كلمة كبيرة من سيدة خدمت الدولة ردحاً من الزمن..!!
اتهامات نسائية كبيرة غاضبة، قد لا نقبلها أبداً، ما لم تكن مثبتة بالحجة والدليل.. فيما يتعلق بما قالته توجان بحق شخصيات ورموز عامة كبيرة، فإن من حق الناس أن يعرفوا الحقيقة الكاملة، وإلاّ فإن قناعاتهم بكافة المسؤولين الحاليين والسابقين والقادمين ربما ستكون مهزوزة، وستنعدم الثقة بهم وبكل سياساتهم وتوجهاتهم، الأمر الذي سيعيق عمليتي التنمية والاصلاح في البلاد للسنوات القادمة.. وسيخسر الوطن ويخسر الشعب..!
أما ما أعلنته شرف عقب استقالتها الجدلية الثانية من أنها لن تخدم ما أسمتها بـ "دولة الفساد "، فإن من حقنا نحن المراقبين أن نسألها: آلآن أدركتِ ذلك، وأين كنتِ أيتها السيدة المبجلة طيلة العقود الأربعة الماضية، وقد تقلدتِ خلالها مواقع رسمية مهمة، وحتى لحظة إطلاق تصريحك الناري الأخير كعضو في مجلس الملك الخاص..!!؟
فهل إقالة نجلها من منصبه كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، وهل هذه الحادثة التي لم نتبيّن بعد كافة ملابساتها، على أهميتها، كافية لإطلاق اتهام صريح خطير بحق الدولة الأردنية كالذي ذكرت السيدة شرف..؟!!
أنا هنا لست بمعرض الدفاع عن أحد، لا عن المسؤولين ولا عن الفاسدين، كما أنني لست ألوم أحداً أو أخطّىء أحداً، لكن من حقي كمواطن أن أعرف الحقيقة، ومن حقنا كشعب أن نحاكم الفاسد والمخطىء والمفسد، وبالمقابل أن نحاسب من يكيل الاتهامات جزافاً دون تثبت، لأننا نحن منْ يدفع ثمن فساد وأخطاء المسؤولين.. وثمن أي "جلبة " تعيق المسيرة، هكذا كنا فيما مضى وهكذا سنبقى..
لذا فإننا نتوجه إلى كل منْ طالتهم اتهامات توجان مباشرة أن يردّوا بالدليل والحجة، كما نتوجّه إلى الحكومة أن ترد على السيدة شرف بصراحة ووضوح على اتهامها بالفساد..
ما نريده كشعب أردني هو أن نصل إلى الحقيقة حتى نخرج من هذه الحيرة التي تقتلنا، وما من منقذ..!! نريد أن نرتاح قليلاً علّنا ننجز..!
اللهم رحمتك يا رب العالمين ولطفك بهذا الوطن من ظلم الظالمين وفساد المفسدين، وافتراءات المفترين.. آمين، آمين.