الكلام من غير كلام!!!
لما أصبحنا نعيش في هذا الزمان ، الذي اختلت فيه القيم ،وتاهت في المبادىء وضاعت فيه الأخلاق ، وانقلبت فيه الموازين ، واختل فيه الميزان ، و تعملق فيه الصغار الأقزام ، وتأقزم فيه العمالقة العظام ، وتسيد فيه المجرمون أبناء الحرام ، وطغي فيه الفاسدون اللئام ، وأهين فيه الطيبون الكرام ، وقل فيه الحب والخير وزاد فيه الشقاق و الخصام ، وانعدم فيه الأمن والوئام ، وكثر فيه المشردون ساكنو الملاجىء والخيام ، وفقدنا فيه الأمان وانعدم السلام ، وهذا مادفعني الى أن أتقدم بطلب الى لساني أرجوه فيه أن يقبل مني النصيحة بإلتزام الصمت والتوقف عن قول كل كلام.
لأني وجدت أن الصمت يكون أحيانا هو أبلغ لغات اللسان ، وأنه غالبا هو الأفضل من الكلام ، وأنه أحسن إجابة عن معظم التساؤلات العظام ، وأنه أصبح الحل الأمثل لمعظم المشاكل العالقة الجسام.!! لاسيما أني أرى أن معظم الناس أصبحوا نيام ، و الكثير منهم لا يفيد معهم حوار و لا كلام !! و لهذا فقد اتخذت قرارا قطعيا بعدم ارهاق لساني بعد ذلك بقول أي كلام.
علما أن قراري هذا لايعنى أبدا قلة حيلتي ، أو ضعفي ، أو عجزي عن الكلام !! بل لأني أدركت أن كل مايدور من حولى ؛ لا يستحق مني الكلام ، ففضلت الصمت على كل الكلام .
منوهة أنني حينما قررت التزام الصمت ، وعدم تحريك اللسان !! لم يكن اعجابا مني بالصمت ، ولا خوفا من أي كلام !! وإنما بسبب فهمي الصحيح الآن للزمان ، وبسبب إدراكي لأهم مجريات ما يدور من الأحداث في كل مكان .
وبعد أن تأكدت فعلا أن الصمت هو لغة الحكماء ، وأنه رسالة العقلاء ، وأنه التاج المرصع على رؤوس معظم العلماء وبعد أن وجدت أنه يتصف به جميع العظماء. و أنه هو اللغة الوحيدة التي لايستطيع أحد فهمها من الخطباء ولا من الفصحاء ولا حتى البلغاء ؛ زادت قناعتي بالتوقف عن قول أي كلام .
فأنا ياما تعمدت مرارا وتكرارا سؤال نفسي : ماهي الفائدة من قول كلام لايعقبه سوى كلام ليس هو في واقع الأمر سوى كلام في كلام ؟! وهذا هو ماجعلني أؤمن بأن الكلام هو كالدواء !! إن أقللنا منه نفع ؛ وإن أكثرنا منه قتل ، لأنه والله ماضيعنا إلا اكثارنا من الكلام .
وفي الختام ؛ سلامي اليكم جميعا هو آخر الكلام . راجية منكم سماع نصيحتي بالإقلال من طق الحنك واختصار الكلام ، والسلام يظل دائما هو أفضل ختام.