مجلة معان الثقافية غيث سخي

تم نشره الأحد 16 تشرين الأوّل / أكتوبر 2011 07:24 مساءً
مجلة معان الثقافية غيث سخي
فوزي الخطبا

المدينة نيوز - تأصيلا \" لثقافة الابداع والتفرد , وبمناسبة اختيار معان مدينة للثقافه الاردنية ولتواصل قيم المشاركة والابداع والمشاركة الحقيقية معان والفاعلة في المشهد الثقافي الأردني واستيعاب عناصر التراث والانفتاح على ما للثقافات الانسانيه من قيم واتجاهات ايجابية , وللإطلاع على معالم محافظة الحضارية والبيئيه ومواقعها الدينية والأثرية والسياحية ومؤسساتها الثقافية والمجتمعية, صدر العدد الاول من مجلة معان الثقافية والتي تتوزع موضوعاتها على حقول الشعر والقصه والمقاله والخاطرة والبحث والتحقيق والخبر , فجاءت هذه الموضوعات على مستوى علمي رفيع من اختيار الموضوعات وشمولها وابعادها وعمق انتمائها لهذا البلد المعطاء الوفي .
وليس غريبا \" ان تأتي هذه المجله بهذه الصورة , وكما قال رئيس تحريرها الباحث والاديب د. باسم الطوسي , (وفي البدء كان الحق يعلو أول صحيفه أردنية صدرت أعدادها الأولى من معان بواكير تأسيس الدولة الاردنية استجابة لصدى عميق بعمق التاريخ ردد اول حروف الكتابة العربية التي اوجدها العرب الأنباط مرة في البتراء وماحولها قبل اكثر من الفي عام ) فمن بين مجلة معان الثقافيه والحق يعلو صلة ونسبا \".
فجاءت مقالة الروائية الأردنية سميحه خريس المعنونه( نهر من معان) عطرا \" وصدقا \" ونبلا \" وهي تكشف فيها ان أرض الجنوب مسكونه بروح الفروسيه والشجاعه والكبرياء والمواقف التاريخية العظيمه , فرجال الجنوب صنعوا للثورة العربيه عقالا \" وكوفيه وبدأت طلائع النهضه من أرضه .

وفي هذا الباب يكتب د. سعد ابو ديه عن \" معان حكمه الموقع \" مؤكد أن أرض معان شهدت نهوض حضارات عريقه وتركت بصمات كبيره في التاريخ العربي ... وعلى أرضها ترنمت قوافل التجارة وهي تجوس ترابها الندي , وللدكتور سعد جهود طيبه في هذا البلد فلقد أصدر قبل ربع قرن كتاب قيم استجلى فيه الدول والحضارات والأقوام التي أقامت على أرضها وماحولها وفي باب الجغرافيا الثقافية يكتب د. منصور شقيرات عن القرى التراثيه في الشوبك ومستجليا \" الكنز المخبوء لهذه القرى مذكرا \" بأن هذه القرى ثروة وطنيه ومورد ثقافي كامل , ما زالت تحتفظ بتفاصيلها الدقيقة والتي تمثل بقايا معمارية مدهشه تركها الأجداد تعكس الاصالة والعراقه وماهية الحياه المعيشية والفكر والتخطيط , ويقف عبدالله ال الحصان وجواد الحضري عند سوق معان التجاري يتحدثا فيه عن نشأته وتاريخه وموقعه وديوانيته ومكونته واثره التجاري ومنتوجاته وبضاعته واخبار الصحابه و منشدين المسؤولين والمثقفين والتجار وحراس التراث فيه لترميمه واعادة ما كان عليه بالسابق فهو جزء من تراث المحافظه وموقع سياحي مهم ليبقى معلما \" تراثيا \" وثقافيا \" تتوارثه الأجيال لأنه يروي حكاية المدينه في أوائل القرن التاسع عشر والقرن العشرين .
وفي باب أدب الرحلات يكتب الأديب و القاص مفلح العدوان محطات الطريق الصحراوي ليضيء جماليات المكان (عنيزه المحطه والقلعه والجبل) وبقلم الأديب الواعي يبوح عن هذه المعالم الحضاريه والتاريخيه مستعرضا ما ورد في كتب الرحاله والمؤرخين والجغرافيين العرب والاجانب مؤمنا ان عبقرية المكان تجلت في هذه الاماكن.... فهي منذورة ومرهونه للترحل منذ اقدم العصور وفي هذا الباب يقف الكاتب عبدالله أحمد آل الحصان عند معان والتنظيمات العثمانيه والمشاركة والتمثيل الشعبي , كاشفا عن تاريخ مهم من تاريخ معان وما ورد في الوثائق العثمانيه وإشراكهم في إدارة الشؤون المحلية من خلال مجلس إدارة القضاء في ذلك الزمن الصعب , فالوثائق العثمانية مصدر غني وثري للكشف عن ادارة الحكم وما تسير عليه الامور في ادارة القضاء من ميزانيته والنفقات والأموال المنقولة والغير منقولة والإشراف على الموظفين ومعرفة سلوكهم وواجباتهم وحقوقهم ,هذه الوثائق على درجه من الأهمية لأنها السجل الوحيد التي يطلعنا على أحوال المنطقه في زمن غلب سواده على بياضه .
وفي باب الشعر قصيده للشاعر والاديب علي الخوالده بعنوان (احبك كونا ) تدخل القلب دون استئذان فدفء الشوق مشتعل ينثر أماله وأحلامه بعد رحلة التعب المضني فيأوي الى سيدة القلب التي لم يخلق الله وجها مثل طلتها لعله يجد عندها الراحه والاطمئنان .... فهي سر احتراقه واشتعاله واشتياقه فهي دالية القلب ونجمة الصباح , وقمر الليل وشمس النهار وبردا \" ونارا \" ونورا \" , فقصيدة علي تغلي على نار عالية الأشتعال نشم رائحتها عن بعد وقرب وتلامس حرارتها وجوهنا وتطالعنا بنار ولهيب ملتهب ومشتعل وسخونتها عاليه .... أي تحليل لهذه القصيدة تفقد جماليتها وروعتها ... ؟!
اما قصيدة الشاعر والناقد حكمت النوايسه صديقي النبطي انا ))قصيدة ذات نفس درامي استدعى فيها الذاكرة التاريخية فتدفقت حالة من البوح والوجد فجاءت القصيده مكتملة شكلا ومضمونا لقد زاوج بين البعد التاريخي والبعد الجمالي , وكأنه يذكرنا بتاريخنا العربي المجيد حين نهض اجدادنا بجنوبنا العظيم عروبة وشجاعه وتعدين وزراعه وحضاره ومعارك خالده واحلام عظيمه واوقدوا مواقد الابداع في كل فضاء و حفروا لؤلؤة الصحراء قمة عبقريتهم وابداعاتهم، وتأتي قصيدة الشاعر جبرائيل أبو درويش الحلم الكبير موكدا \" فيها أن نجمة الصباح تبدأ من أرض الجنوب . ومعان المحطة الأعز والأغلى فتاريخها عطرا \" وسيفوفا \" وعزما \" وحزما \" وجمرا \" وصبرا \" وأهلها حاضرون في التاريخ منذ البداية تضيء قناديلهم ابداعا \" ومحبة وسلاما وتعلوا راياتهم عزا \" وفخرا \" في كل العهود والعصور , اما قصيدة المهندس سلطان الزيادنه بعنوان مكابدات طين عاث فيه السواد يمنح القصيده بعدا \" جديدا \" عن انسحاق الانسان في هذا العصر المضطرب القلق ......... وعبر فيها عن عمق الهزيمه الداخلية للأنسان العربي المسحوق والمهزوم وعن مأساة الهزيمه الكبرى وما يعانيه العربي من هزائم داخلية وخارجية في زمن العواصم لا زمن القواسم .
اما الكاتبه قبس الخلفات تكشف لوحات فنية تراثيه أخَاذه بروعة الجمال والابداع , وكأنها قصه قصيره مكثفه تغري بالقراءة والمتابعه تتحدث عن \"السحجه المعانيه \" نشم من خلالها تراث الاباء والاجداد وصدق غنائهم وطيبة فطرتهم ونقاء سريرتهم واصواتهم الشجيه وهم ينشدون بغناء اصيل يسمو بالذوق ويبعث الهمم والعزم في النفوس والقلوب .

وتسلط مقالة (الكاميرا والصخر) للكاتبين محمد الحسنات وزياد الطوسي الضوء على المدينه الورديه وما تتميز به من جماليات مدهش’ وإبداع يفوق العقل والتصور فهي إرث حضاري كبير أصبحت محطات اعجاب المبدعين والمنتجين العالمين في اختيارهم للأفلامهم ومسلسلاتهم وعلى سبيل المثال لا الحصر وقفت المقالة عن أهم الأفلام التي يتم تصويرها في البتراء وكانت لهذه الأفلام الصدى الكبير في العالم الغربي ومنها السندباد وعين النمر وانديانا والحمله الصليبيه الاخيرة وابن النمر الوردي والصراع المميت والاياده وعاطفة الصحراء ومهمة المريخ وعودة المومياء والمتحولون ولورنس العرب وشمال 31 الشرق وكاجارا وشيلفي نيني نودالو.
وفي باب الثقافه الشعبيه يحدثنا الباحث مصطفى الخشمان عن جماليات رقصة السامر الجماعية التي كانت الرقصة الرئيسية في أفراحنا وأعراسنا هي رقصة السامر كما وصفها الباحث بأنها تشيع الفرح والسرور في بوادينا وأريافنا بألحانها العذبة واصواتها الجميلة وغنائها الرفيع وكلماتها الشامخه بالعزة والأنفه والصدق.

وكتب محمد عطا الله المعاني مقالا بعنوان الملك المؤسس ومعان سلط فيها الاضواء عن علاقة الملك المؤسس بمعان ابتداءا من الحق يعلو انشاء نواة الجيش العربي وتحويل قصره للسياحه الاردنيه ورعاية الامير لسباق الخيل واختيار العديد من رجالات للمواقع والمناصب الادارية والسياسيه من اصحاب الخبره والدرايه والنزاهه...
الكاتب يؤكد ان علاقة معان بالأمير علاقة وجد وعشق ومحبة واحترام لها في قلب الامير وقع خاص واستشهد بقول الامير (كل ما ضاق صدري نزلت الى معان ... معان التي عشقتني فعشقتها فهي شقيقة عمان والكرك والسلط واربد ) لترسم ملامح الوجود الاردني بقوة عمرو حلم عثمان في وطن أردني أصيل عشق قائدهم فأحبهم .
ولا تخرج مقالة الكاتب رعد عوجان عن هذا الاطار مذكرا أن معان اقامت على ارضها العديد من الحضارات العريقة فهي حاضنة الدولة النبطيه ومهوى الخلفاء الامويين وسر الخلفاء العباسيين ونزل بها الجيش الأسلامي متوجها إلى مؤته .... ومن أحضان تربتها خرج فروه بن عمر الجذامي , وأرسى قواعد قلعتها سليمان القانوني واستقبلت الملك المؤسس عبدالله الاول بن الحسين وزارها جلالة الملك عبدالله الثاني بعد توليه سلطاته الدستورية كأول مدينه أردنيه كما أن مقاله الواعده عرين ابو كركي تستحق التشجيع ... فهي في طريق التكوين والبحث فخاطرتها تنم عن موهبه حقيقيه وقدره على العطاء اذا تواصلت وامتلكت ادواتها الفنيه ... فنصها يخاطب القلب والوجدان بعفوية وصدق وانسياب , كما اننا لا ننسى وزير الثقافه السابق طارق مصاروه الذي وشح المجله بكلمه قيمه مباركا هذا الغيث وداعيا ان تكون هذه المجله ان تفوح منها الهيل والشيح والقيصوم ومعطره بتراب الوطن منظرا حرا صادقا نبضا ينبض الحراك الثقافي المسؤول ومتقبل قيم الوعي والحوار والرأي والرأي الاخر ليكون هذا الوطن الابهر والاعز والاجمل .
اما الكاتبة المتميزة هند خليفات التي كتبت مقاله بعنوان كعب وعكاز . لاتخرج مقالتها عن كتاباتها في الصحف والمجلات بأسلوبها الساخر المحبب فهي تكتب مقالات وخواطر تسر الخواطر ... وهي في حقيقة الامر تكتب خواطر تسم البدن و للكاتبه قدرة فائقة في التكثيف والايجاز والسرد المتقن وصدق الكلمه وعفويتها ومقالتها تقرأ ولا تطوى ,تضيء ولا تعتم تستفزك وتفرحك.

ولا يفوتنا في الخاتمة أن نزجي عميق الشكر والتقدير لهؤلاء الاساتذه والأدباء والكتاب والباحثين ورئيس ومدير واعضاء هيئة التحرير مما أثروا هذه المجلة بعصارة فكرهم وابداعهم وصبرهم وسهرهم وجهودهم على اخراج هذه المجلة الى حيز الوجود.
زائر



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات