اليوم الذي يدعى غداً..علاقة الشعر والرسم
المدينة نيوز- حسين دعسة- ايف برجر ابن فنان بريطاني معروف، احب ايف الشعر النضالي ومال الى يسار كبار الكتاب في العالم.
يعشق شعر الشاعر الراحل محمود درويش وكان - ايف ووالدة جون - قدما قبل ايام عدة طلبات لدخول قطاع غزة، وجاء الرد (ممنوع من دخول غزّة بقرار من الاحتلال!).
الناقد والروائي البريطاني جون شجع ايف الابن على الكتابة عن فلسطين ونضال شعبها ، فكان شعرة الذي ترجم بعنوان \"اليوم الذي يُدعى غداً (إلى فلسطين)\"، و يصدر بعد ايام في كتاب بطبعة مزدوجة اللغة: عربية -فرنسية، عن (دار الفيل) في القدس وعمّان.
ايف برجر الذي يقف في طليعة الداعين إلى المقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل، يزور فلسطين الشهر المقبل بدعوة من مشروع \"مسارات\".
ويشارك في أمسية شعرية في رام الله ليقدم مختارات من \"الماضي الذي يدعى غداً (إلى فلسطين)\" بمناسبة القدس عاصمة للثقافة العربية 2009
(إلى فلسطين)
إيـــف بـــِِرْجـــِرْ
ترجمة: كمال بُلاّطه ونجوان درويش
انتظرتُ
انتظرتُ قَبْلَ الحديث عنها من غير قصد. هي الـموعودة
عند أقدامهم الحافية وأجسادهم الـملوّحة. بالشمس.
غبار خلف خطاهم مثل البرق.
خطاهم التي تَتَبعتها في سوق رام الله.
على أطراف مخيّمٍ يصلُ التلال بالتلال.
وأيادي الرحّل تحت الـمطر.
معصمُ طفل متّسخ ــ على باب مخاوفي ــ
فَتَحَ الطريق أمامي.
وقال خليل:
خذوا كُلوا... هذا هو خبزي اليوميّ.
وجسد أطفالنا في ثياب العيد .
واشربوا ملح أكبادنا وشدّوا على يدنا ...
سمّيتُ طفلي \"وطن\"، فلنسمّ طفلتك, الشقراء \"ديمقراطية\"
Welcome - Salam
How many children have you
وأقول:
مخنوقون أنتم بقبضات الرّعب الـمدجّجة .بالسلاح
تَلِدونَ وتتوالدون.
ضفةُ.
في قاع سماءٍ.
بلا بحر.
مسكن محاصر مرّتين.
طالـما أشرفتْ نوافذُه على ليالي فردوس قاحلة
حيث من أجسادكم تسيلُ
وتلـمع
بصقةٌ أبدية.
تغيبُ الشمسُ
وعبر وجهي الأجنبي أسمعُ صوت الأيام يخترقُ الجدرانَ ...
ــ أنا الـمتخم ببشرتي البيضاء وشعري الكستنائي
وغربتي القادمة بمستقبل أنتم محرومون منه ــ
من أنا لأقول إنّ هذا الصوت يُفجِّر سريرَ العدو؟
أنا الذي يرفع التمرَ لشفاه التاريخ؟
... وهأنذا أتناول التمر من أيديكم.
ظهري للغرب
والسماء
وفرن الخبز
يا لأيدي النساء السخية
وهي تتقاسم
ليس عندي، في الواقع، سوى ابتسامةٍ
مقابل ما تعطونني
وطقة كاميرا بوجه ألف عام شاهدتم بأعينكم
ضياعها.
وأنا ما عندي كأس شاي ولا
حتى اللغة لأحملكم إلى أرض أحلامكم.
ماذا سيكون بوسعي إرساله من هناك لكم
وأنا منذ الآن
التائه الأبدي فيكم
طيّات تحت السماء: طيّات هي منبع السماء.
مصاطب في طبقات الأرض لزواج الـماء بالجذور.
وإكليل شوك حول زيتونة مصادرة.
وبرية تدوي بصمتها في مواجهة حطام كوني
لولا حفيف تربتها
التي تتآكل.
ترتفع أذرع العائلة العذبة
ــ التي لا يفكّر بها أحد ــ
وعيونها مفتوحة في قلب الإذلال.
قامت ساعة الصلاة
عواء كلبٍ ضالٍ ينهش الصّمت
أنيابه جافة كبقايا الصبّار
هكذا بدأ كل شيء
باهتراء أزلي
من السماء التي لا توصف.
بيني وبينك
الفرق سخيف
لو وُلدتَ في مكان
غير مكان ولادتنا.
في \"صحراء يهودا\"
للجهة الأخرى من الـمرآة الـمهشّمة
في نهر أردن طفولتي
في قاع الآبار
يا أيها الـمُرْتَحِلُ
ما يرفعه الطير يلحسُ الحصاةَ أيضاً
على مدى العين.
ستغادرين يا ذرة الغبار في صمت
في ظل غيمة
وبين حوافر القطيع.
ونحن سنسمعكم تمرّون
وتمرّون من جوف الـمدفع.
مضاجعةٌ على الجبهة!
يا بُرعم زهرة قلقيلية
السابق ليومٍ ممطرٍ
ولليلةٍ مغمورةٍ بالكاميرات
اتركوني وشأني
وشدّوا أواصرنا بثيابنا الـممزقة
في أحلام بُنَيّ.
يا أطفال شارع \"الجلول\" الـملوّنة
تلعبون الصبّار ضد الجدار.
زقاق أعمى من ألف وتسع مائة وثمانية وأربعين
حيث لأيامكم هذه نهبوا الآتي
والقادم حيث ستكبرون.
وستكبرون معاً
ويكبُرُ أطفالنا سوية
في مساكننا الشبيهة بعزلتهم.
حتى قبل أن نبدأ
كانت الدبابات وصهاريج الأبحاث
حتى قبل أن نبدأ
كانت يرقاتهم وديدانهم.
حتى قبل أن نبدأ
كل شيء كان في الخارج
والوقت ضائع
وملوّث
ومسحوق
ومبتلَعٌ بفم أحلامكم
وفعل العودة يسكُنُ
أعماقكم
وكل شيء في النهاية يعيدكم
إلى حيث غادرتم:
أطفال رقص بين اللحظة واللحظة.
وما لكم
غير الخارج
هناك: لكم.
حيث يصير الجرح عزاء
والخوف مؤونةً
والضياع وطن.
اسمع نُطق لساني
واستمتع بما طاب لك من وجبتي
ومما تقلّص من عظامي السّكرية
أُمّي وإخوتنا يعدّون
مائدة اللقاءات الـمؤجلة
لـمرة أخرى
وإذا رغبت ثانيةً
سنرجع مرة أخرى
ونتحدث
عن تاريخ الهنود الحمر الـمعاصرين
وعن جَمال وجهٍ كلّه عيون
ينسلُّ منها لهب خفي.
وعن وٍشاحِ يفصل جبهةً متجعدة
عن زرقة السماء
وعن
أيقونةِ مدينةٍ متروكةٍ
أَمام تُجّار السّلب والنّهب
وأنا ما زلت لا أجرؤ على تهجئة اسمك.