خبراء البيئة يحذرون من القضاء على الحياة الطبيعية في منطقة رم
المدينة نيوز- حذر خبراء ومسؤولون بيئيون ومواطنون من تعرض منطقة رم السياحية للعديد من الاخطار البيئية التي قد تقضي على الحياة الطبيعية فيها وتقلل عدد زائريها وتدمر الرياضات فيها.
واكد مستشار وزير البيئة المهندس رؤوف الدباس ان منطقة رم تواجه مخاطر بيئية حقيقية من ابرزها مشروع خطوط الضغط العالي المزمع اقامتها بالقرب من المحمية.
وقال انه اطلع بمرافقة وزير البيئة السابق على واقع الحال في المنطقة حيث تبين ان خطوط الضغط العالي ستقام على مسار داخل المحمية او بقربها.
واضاف ان مجلس الوزراء وافق على طلب الوزير تشكيل لجنة فنية مكونة من وزارات الطاقة والبيئة والمياه، وسلطة العقبة الاقتصادية الخاصة؛ لبحث الامور الفنية المتعلقة بمسار الخط والتاكد بانه لن يؤثر سلبا على المنطقة واعلانها منطقة تراث طبيعي وحضاري.
واضاف ان اقامة هذا الخط قد تؤثر سلبا على رياضة اطلاق المناطيد الهوائية في منطقة قاع علي في وادي رم والتي تعد واحدة من الانشطة المميزة، والرياضات الفريدة في المنطقة .
وطالب باجراء دراسة تقييم اثر بيئي من قبل سلطة العقبة الخاصة قبل تنفيذ مشروع الخطوط، والا فعلى الجهة المنفذة تحمل تكلفة وضعه تحت الارض؛للمحافظة على هذا الكنز الطبيعي والحضاري الذي يحظى باهتمام عالمي لم تحظ به مواقع اخرى في العالم. وشدد مدير الجمعية العلمية الملكية لحماية الطبيعة يحيى خالد على الاهتمام بمنطقة رم وصون الطبيعة فيها مشيرا الى وجود العديد من التجاوزات والمخالفات البيئية الخطيرة والتي تعرض منطقة رم ذات الارث العالمي المميز للخطر.
واوضح ان تنفيذ مشروع خطوط الضغط العالي يشكل تلوثا بصريا واساءة لهذه التحفة الفنية ، مشيرا الى وجود تجاوزات عديدة في استخدام السيارات ذات الدفع الرباعي التي ازداد عددها في السنوات الأخيرة لتصل الى تسعمئة سيارة تعمل في المنطقة وتقضي على معالم الحياة الطبيعية فيها وتشوه المظهر الجمالي للمحمية.
ولفت الى ان الانتشار العشوائي للمخيمات السياحية في المنطقة ومنحها تراخيص دون الاعتبار لطبيعة المنطقة التي تعد كنزا حقيقيا يؤثر سلبا على الحياة الطبيعية فيها.
وقال خالد ان منطقة رم تخضع لقوانين سلطة منطقة العقبة الخاصة وليس للجمعية أي دور تنفيذي فيها سوى انها عضوة في اللجنة التنفيذية لرم وهي لجنة ليس لها مواعيد محددة للاجتماع داعيا الجهات ذات العلاقة لمناقشة الأوضاع في المنطقة والتي يمكن السيطرة عليها حاليا.
وقال احد الخبراء في مجال البيئة ان منطقة رم بحاجة الى وقفة جادة وسريعة للوقوف على مايحدث من تراجع فيها.
واشار الى ان اختيارها من اليونسكو كمحمية تراث طبيعي وحضاري هو فخر للأردن مبينا انها من افضل المواقع السياحية في العالم التي يتوفر فيها محورا الطبيعة والتراث وهو امر صعب تحقيقه في كثير من المواقع.
واضاف انها المنطقة الوحيدة بهذه الصفة في منطقة بلاد الشام والجزيرة العربية مشددا على ان التجاوزات البيئية التي تقع في المنطقة لاتتناسب وقيمتها ووضعها العالمي .
ودعا سلطة العقبة الخاصة الى إجراء تقييم الاثر البيئي لمشروع خطوط الضغط العالي خصوصا ان المنظومة التشريعية تلزم بعمل تقييم اثر بيئي لمثل هذا النوع من المشروعات وان يكون هناك قرار جريء وحازم يخدم مصلحة وادي القمر.
واكد الخبير البيئي ضرورة تبني رؤية جديدة لمنطقة رم للحفاظ على هذا المكتسب وتذليل الصعوبات التي تواجهه.
واشار الى ان من المشاكل التي تواجه السياحة في الاردن نموذج السياحة المتبنى والذي يهتم بالسياحة العددية وعدد الزوار ولا يلتفت الى نوعية السائح واهمية المواقع السياحية وما تستحق من تقدير .
واوضح ان مايحدث بمنطقة رم اليوم لايتوافق مع الرؤية الجديدة للمنطقة وموقعها وقيمتها عالميا والتي تعد ارثا اردنيا عظيما يجب صونه والمحافظة عليه، محذرا من بقاء حال المنطقة كما هي او تدخل اليونسكو ليحرمها من اختيارها كمنطقة تراث عالمي، وما يترتب على ذلك من خسائر مادية .
واقترح اعادة النظر بواقع المنطقة وان يكون هناك اهتمام على اعلى المستويات من الجهات الرسمية والمجتمع المحلي وان يتم تشكيل لجنة وطنية لتطوير رؤية جديدة واضحة وشاملة مشيرا الى توفر الخطط والدراسات والخبراء. وطالب الخبير البيئي بحماية التراث في رم لا استغلاله، وان لايكون الاستثمار او التنمية بالاستثمار على حساب هذا الارث العظيم، داعيا الى تشكيل هيئة خاصة برم تمتلك القدرات والقرار او ايجاد مفوضية خاصة بها لإنقاذ المنطقة من الخطر .
وقال عبد الرحمن الحساسين احد ابناء المنطقة ويعمل داخل المحمية مختصا بحماية انواع المها العربي ، ومنسقا لمشروعها: ان مايحدث بمنطقة رم يرتكز على مزاجية المسؤول في سلطة العقبة الخاصة وان ملفها على اهميته أهملته السلطة على مدى سنوات مضت، مشيرا الى غياب الرؤية الواضحة التي يجب ان تتوفر لحماية وصون منطقة حيوية كرم التي لم يتم وضع أي خطة ادارية لإدارتها بعد ترشيحها محمية تراث طبيعي وثقافي .
وزاد : منذ مايزيد على شهر ونصف الشهر والمحمية دون مدير مشيرا الى التجاوزات الكبيرة التي تحدث سواء من بناء المخيمات وانتشارها في مناطق محرمة داخل المحمية واستخدام مولدات الكهرباء في بعض هذه المخيمات وعدم مطابقتها لشروط المحمية رغم ان انظمة المحمية تمنع .
ولفت الحساسين الى الضررالبيئي على المنطقة بسبب حركة الزوار العشوائية وغياب الرقابة عن المناطق التي يسمح بها التجوال والدخول من اكثر من بوابة رغم تحديد بوابة مركز الزوار لتكون المدخل الرئيسي.
كما لفت الى قيام استثمارات في الباطن استغلت ابناء المنطقة وحقهم بالاستفادة من منطقتهم مشيرا الى تدمير الغطاء النباتي فيها سواء من التجاوزات البشرية، او من تركيب أعمدة خطوط الضغط العالي التي ستشكل تلوثا بصريا على مسافة تزيد على 250 كم. وأضاف الحساسين ان النية تتجه كذلك لتركيب اعمدة لاحدى شركات الاتصال فوق جبل رم الامر الذي يعني اليونسكو قد تلغي اختيار المحمية كمحمية طبيعية وارث عالمي ، وان السياح لن يزوروا المحمية لانهم يفترضون انها طبيعية تخلو من كل مظاهر الحضارة الحديثة .
وقال مفوض شؤون البيئة والصحة العامة في سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة الدكتور سليم المغربي ان خطوط الضغط العالي ستمر خارج حدود المحمية وبشكل مواز لخطوط الضغط المتوسط وفق المادة 9-أ /12الفقرة من نظام منطقة رم رقم 24 لعام 2001 .
واضاف ان الخطوط مشروع وطني لضخ مياه الديسي مشيرا الى انه لم يتم اجراء دراسة تقييم اثر بيئي للمشروع وان وجودها تحت الارض اكثر سلامة لكن ذلك يحتاج الى امكانات مالية .
وذكر ان مشروع الخطوط تتابعه حاليا وزارات الطاقة والبيئة والمياه؛ لبحث امكانية تعديل بعض المسارات للحفاظ على جمالية وبيئة المكان .
واضاف ان تعليمات المنطقة الخاصة لا يسمح بترخيص أي سيارة لدخول المنطقة الا اذا توافرت فيها مجموعة من الشروط دون تحديد عدد هذه السيارات، مشيرا الى ان مسارها محدد ولايسمح لها بالتجوال او الوصول لمناطق ممنوعة.
وقال ان منطقة رم ستشهد خلال الفترة المقبلة العديد من الانشطة المتميزة التي تخدم هذا الارث الحضاري مشيرا الى توالد اعداد جديدة من المها العربي وصلت الى 11 ولادة وهو رقم قياسي يدل على اهتمام السلطة الكبير بالمحمية والحياة البرية والمحافظة على رم وارثها الحضاري والطبيعي.
وتجدر الاشارة الى منطقة رم دخلت ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي التي تختار مواقعه لجنة التراث العالمي في اليونسكو وهذه المعالم قد تكون طبيعية، كالغابات وسلاسل الجبال ، وقد تكون من صنع الإنسان، كالبنايات والمدن، وانطلق هذا البرنامج عن طريق اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي والذي تُبني خلال المؤتمر العام لليونسكو عام 1972 .
ويهدف البرنامج إلى تصنيف وتسمية والحفاظ على المواقع ذات الأهمية الخاصة للجنس البشري، سواء كانت ثقافية أو طبيعية، ومن خلال هذه الاتفاقية، تحصل المواقع المدرجة في هذا البرنامج على مساعدات مالية تحت شروط معينة. وبلغ عدد المواقع المدرجة حتى عام 2009 في هذه القائمة 878 موقعا، منها 679 موقعا ثقافيا و174 موقعا طبيعيا و25 موقعا يدخل ضمن الصنفين، في 145 دولة من الدول الأعضاء، وترمز اليونسكو إلى كل موقع من هذه المواقع برقم خاص، لكن مع تغيير نظام الترقيم فقد يتم إعادة إدراج بعض المواقع ضمن تصنيف أكبر ، ولذلك فإن نظام الترقيم الحالي وصل إلى 1100 بالرغم من أن عدد المواقع أقل من ذلك، وتحمل ايطاليا حاليا الرقم الأكبر في عدد المواقع التراثية وهو 43 موقعاً.(بترا)