ماراثون وبلطجة من ورافِ ظلال القانون
في مطلع إحدى أيامي المدرسية وتحديدا في الصف السابع "هـ " وقد كان تقسيم الصفوف قائم على اساس التفوق, ولِفشلهم العميق في إستيعابي ظنوا اني من الفاشلين جداجدا فقاموا بالحاقي في السابع شعبة "هـ "_ شعبة البلطجية _
( ياي مش عم سدء أنا , ضربونا ضربة جامدة )ودارت الايام الدراسية الى ان أجرت مديرية التربية والتعليم "مباراة بالركض " وكانت هذه المسابقة مهمة جدا للشعبة "هـ " ليثبت الطلاب فيها انهم يملكون المهارة والابداع لإثبات الذات, فجرى التحضير من قبل طلاب الشعبة بجد و اجتهاد .
وحان يوم السباق, فحملنا معلمي المدرسة في سيارتهم الخاصة الى ,القرية, التي إحتضنت فعاليات الماراثون, واجتمع المتبارون في ميدان السباق على الشارع العام ,ونزلت بحماس الى الحلبة مرتديا "كلر " لونه أصفر بنفتحي "بـ زوّغ النظر ", وطاقية لونها "موف " مُموّه قريب الى اللون الحربائي ,هذا كله "كَوم " وحذائي المعلق بأصابع قدميَّ "كَوم " آخر , وما أن شاهدني الحكم حتى قال في نفسه :سأسمح لك بدخول السباق لأجعل منك "نكتة الموسم " , وأشار لنا بالاصطفاف فشمّرت وربطت "التي شيرت " حول خاصرتي ذاك لانه كان يشبه الفستان , ثم "صفّربالصفيرة " إيذانا ببدء الماراثون , فذُهلتْ لبرهة زمنية , ثم إعصوْصفت مثل الزّوبعة, وقبّعت معي حتى ان الناظر إليّ تخيّلني سيارة "لمبرقيني مرشلاقو " موديل سنتها على نزول جرش , وأخذت اجتاز المتبارين "شرد مرد "وحدا تلو الاخر ونظرت خلفي فلم أجد أحداً من ابناء القرية المستضيفة للمارثون ذلك لأنهم خالفوا الشارع الرئيسي وأخذوا منعطفاً الى طريق مختصرة .
وقبل وصولي الى خط النهاية بمسافة توارى عنها التنظيم الفائق الفاعالية وغاب عنها المستوى الأمني العالي الذي لم يوفّر أدنى درجات السلامة للمتسابقين والعناية بهم على طول المارثون والشاهد أنّي مُتت من العطش وانطرحت من لهيب الزفته عداك عن الحفر و الوعرات .
حينها لمحت بطرف عيني, جماهير غفيرة إكتظت بها القرية المستضيفة للماراثون لم آلف وجوههم ولم أعرفها, كانوا متفاوتين في الاعمار بين صبي وشاب وختيار , فأخذني الوهم بأني وصلت النهاية وهاهم بإنتظار المتسابق الاول "انا " ليستقبلوني في عاصفة من التصفيق والهُتاف , أووااا كان "حُلم خرافي " ما برِح ان يتحقق حتى انهال عليّ وابل من الحجارة و رعيد من الشتائم والسِباب التي ما أدركت تحليل معانيها حتى بدأت الحجارة تقتات على جسدي فلا ترى مني وجه ولا رأس سوى طفلا مضرّجا بالدماء
سؤال يسأله الطفل ؟؟
بعد ان تشدّقت أعصابه خوفا أخذ يركض الى خط السباق الاخير مسرعاً قبل أن تدركه نهاية حاكتها له آلة البلطجة التي تثبت وجودها في ظلالٍ وارفٍ من غياب القانون والتقصير الأمني الذي كان من المفترض ان يوفر السلامة للماراثون وليس لهذا الطفل ,أليس هذا واجبهم ؟ هل من المفترض ان يحمي كلٌّ منا نفسه ؟ أين القانون الذي أخذ على عاتقه الحماية والتنظيم للفعاليات العامة ؟ وهل تنظيم مثل هذه الفعاليات تحت مظلة الحكومة يعطيها الشرعية بينما اذا كانت من تنظيم الشعب نفسه بنفسه فلا شرعية لها؟؟ وهل المسيرات المطالبة بالاصلاح هي فعاليات مسيئة إجتماعياً و يجب منعها وقمعها ؟؟ اذا كان هذا فالأولى ثم الاولى ان يقمعوا مارثون عمان أو على قليل من المودة يجب منعه فهو من الفعاليات المعطلةٌ للمصالح العامة كغيرها من الفعاليات.
جواب يجيبه الطفل..!
هي السياسة اذا , سياسة خارجية تقوم على تشجيع السياحة الداخلية لتظهر امام الغير بفستان من يقول "إحنا عندنا أمن وأمان " ما في إشي الوضع كله تمام و تحت السيطرة
سياسة ارتجالية تقوم على أرجل من ورق سريعة الظهور في أعين المارّة ,قليلة الاثر في عُمق القارّة
سياسة الفرض الواهن تقوم على الخدعة و تقتات على البدعة
سياسة لو سبقت لكان مصيرهذا الطفل هو الموت , فأي مارثون جاء هذا الصبي ليشارك به أهو مارثون اثبات الذات الذي جدّ من أجله واجتهد أم مارثون الموت التي صنعته ماكنة البلطجة المحمية بحجة "ألف سلامة عليك "الحمدلله ما صار شي "تعيش وتوكل غيرها "
نهاية الماراثون :)
"نحن ننتمي لأوطان لا تلبس ذاكرتها إلا في المناسبات، بين نشرة أخبار وأخرى. وسرعان ما تخلعها عندما تُطفأ الأضواء، وينسحب المصورون، كما تخلع إمرأة أثواب زينتها "
29 10 2011 مواطن جائع لاسكن له: ضد الأنظمة المزوّرة