عبود

تم نشره الأربعاء 16 تشرين الثّاني / نوفمبر 2011 11:46 مساءً
عبود
خلدون محمد الرواشدة


أحيانا تتعوذ من الشيطان مائة مرة ، فيما لو قام أحد الأشخاص بزيارتك ، ليس بخلا انما لأن لديه طفل يخلو من ادنى درجات التربية والاحترام والأدب .

هذا ما حدث معي أمس ، لحظة دخول " عبود " وأهله علينا . وضعت يدي على قلبي ، واستعذت من الشيطان مائة مرة ، ودعوت الله أن يعدي هذه الزيارة على خير وأن يكون حجم الخسائر المنزلية وفق المعدل .

ما أن دخل أهله وفي غمرة السلام والترحيب المصحوب بقلق وخوف ، حتى زرق من بينهم راكضا " فلخم " بالمزهرية الجاثمة باستسلام فتسبب لها ببعض الكسور ، وكان أول الغيث مزهرية .

اعتذر الوالد وخرجت مني عبارة " مش مهم " على مضض ، وعبود ما زال " يتنطنط " هنا وهناك وعلى الكراسي ، والست الوالدة تردد كل شوي "بس يا حبيبي ، بس يا عبود " ، ثم تعود الى الاحاديث والسواليف وطق الحنك .

انضربنا على رأسنا وقدمنا " كيك " مع الشاي ، وحيث أن عبود لديه كرم زائد ، فقد قام "بفتفتة " الكيك على الكنب والفرش والسجاد ، لم ادري وقتها من الذي تناول الكيك عبود أم الأثاث ؟ نظرت الست الوالدة لعبود وقالت : هيك مليت الدنيا ، معلش وسخنالكم الارض ، لم استطع وقتها ان أرد سوى : فداك يا عبود ، مع ان نفسي ان اقوم بفرم عبود على ماكنة اللحمة فرمة ناعمة .

عبود لم يعر انتباها لأحد ، ما زال ينطنط ، وما زال يخرب ، اعترض على طريقة ترتيب الفازات ، فقام بتغيير الترتيب والأمكنة ، الظاهر ان لديه حس فني ، المهم لم يبقى في النتيجة سوى فازة واحدة تعاني من التشققات ، فيما البقية لم يعد ينفع معهن الجبصين أو التجبير .

أجمل ما في الامر ان والد عبود أخبرني بأن أغلب الاطفال اللذين في عمر عبود ، مشاكسين ومخربين ، وشكا لي عن ابن صديق له ، وقال لي عبود جنبه نعمة ، وفي نهاية الحديث قال لي بس بيني وبينك هذا الشيء ما بصير اللي عنده ولد مش مربى لازم يضبه في البيت ، نظرت الى عبود ولم املك ان اقول سوى معك حق .

عطش عبود فقمت بمناولته كأس ماء ، لكنه بعد ان ارتوى ، قام برش الماء المتبقي وكبه على الارضية ، والظاهر ان المسألة اعجبته ، فأصبح يملئ الكأس ثم يقوم بتفريغه على الارض ، عندها " نهر " الوالد بعبود ، وقال له : والله بس نروح لأموتك ، بفرجيك بس نروح ، وفي محاولة مني لتهدئة عبود وتقليل حركته وتخويفه قلت له : ( ييييه رح يذبحك بابا ) ، ضحك عبود ، وقال : لا ما رح يذبحني هو دائما بحكي هيك بس ما بسويلي اشي .

في كل محاولة تخريبية من عبود ، كانت الأم تردد نفس العبارة ( بس يا عبود خلص حبيبي ) ، ثم تعود الى السواليف والاحاديث والقال والقيل ، وعبود لا يزال ينقض على الكاسات والمزهريات ، ويحاول خلق ديكور جديد للمنزل . ولا زلت وقتها انظر الى عبود بعيون ساخطة ونفسية ترجو أن تفرك أذانه او تعلقه على الباب أو تضعه في المولينكس حتى .

في نهاية الزيارة وعند مغادرتهم ، نظر الي عبود وقال وهو يبتسم " باي عمو " ، غادر بعد ان ترك في القلب غصة وفي المنزل حالة فوضى يرثى لها

وضع عبود لا يتختلف كثيرا عن حال والفساد والفاسدين لدينا .

فعلى الرغم من لهجات التخويف والوعيد ، على الرغم من تهديدات " بفرجيك " ، الا انه ما زال يتفاقم في تخريبه وتدميره لنا ، ويقضي على كل مقتنياتنا .

على الرغم من كل لهجات الوعيد والتخويف وعلى الرغم من العيون الحمراء ، الا اننا ما زلنا نعاني ونكتم في قلوبنا ، فلا بس ولا خلص كفتنا شر هروب باخرة بحجم الألم الذي لدينا وكأن التي هربت حبة زيتون تدحرجت دون أن تلفت الانتباه او نشعر بها .

للأسف .. الخوف الخقيقي ليس موجود ، لذا كلما سرق أحدهم الفرحة من أفواهنا والأمل من عيوننا ، قال لنا قبل أن يغادر " باي عمو " .
Khaldon00f@yahoo.com



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات