دور وزارة التنمية الاجتماعية في مجال العنف الأسري
المدينة نيوز - يعتبر العنف الأسري في الأردن ضمن الشأن العائلي ولا يصرح عنه إلا في حالات قليلة، إلا أن الدراسات القليلة والمحدودة التي أجريت في الأردن تشير إلى أن الضحايا الأساسيين للعنف الأسري هم الإناث: الزوجة والابنة والأخت والأم، ثم الأطفال من الجنسين والمسنين؛ وأن الذكور بشكل عام هم المتسببون، وتؤكد الأرقام هذه أن العنف الأسري يقوم في الأغلب على التمييز القائم على النوع الاجتماعي والسن، ويرتبط التمييز بصور نمطية مستندة إلى رؤية ثقافية للأنوثة والذكورة، بالإضافة إلى فهم محدد لعملية التنشئة الاجتماعية، وتعطي هذه الصور الذكور ذريعة تعنيف الإناث، والكبار حق تعنيف الصغار وتبرره، لذا تميل الضحايا من النساء والأطفال أحيانا إلى السكوت عن الإساءة لسنوات عدة لاعتمادهم اقتصادياً على المسيء.
إن سكوت المرأة المعنفة يعود إلى أسباب ثقافية بالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية، إذ يعتبر البيت الفضاء الخاص وله حرمته وقوانينه، وتحكمه قواعد وأسس غير مدونة لا تسمح بالكشف عن أسراره لذا، يحجب العنف الأسري عن عيون الآخرين، ويقتصر شهوده على أفراد الأسرة أنفسهم على الأغلب، فالروابط الأسرية والحرص على كيان الأسرة تحمل جميع الأطراف على السكوت، سكوتها عن العنف كما يلي: المحافظة على كيان الأسرة، ونظام السلطة داخل الأسرة الذي يؤكد على حل المشكلة ضمن الأسرة الممتدة، وتهديد الجاني للضحية، والإجراءات القانونية الروتينية.
استجابة الأردن لمشكلة العنف الأسري
يثمن الأردنيون الأسرة عالياً ويعتبرونها وحدة المجتمع الأساسية والمصدر الأول للمعرفة ولاكتساب أفرادها السلوك الاجتماعي والهوية الثقافية والقيم الروحية والثقافية، وتنطلق رؤية الأردنيين للأسرة من قيمهم الدينية والثقافية التي تثمن الأسرة والأطفال، وتؤكد على علاقات المودة والرحمة، وتحث على التعامل بالحسنى.
وتكرس الوثائق الوطنية الأردنية مبدأ المساواة وضرورة الحفاظ على كيان الأسرة وتوفير العيش الآمن لها، إذ ينص الدستور الأردني على مبدأ المساواة بين جميع الأردنيين أمام القانون، ويشدد الميثاق الوطني ( ١٩٩٠ ) على ضرورة توفير الدولة للأسرة "أسباب تكوينها وعيشها الكريم، " وأكدت وثيقة الأردن أولا على ضرورة مراجعة التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة .( والطفل، لتتوافق مع المواثيق الدولية التي وقع عليها الأردن (
يلتزم المجتمع الأردني بأعلى مستوياته بحماية الأسرة وتمكينها وتعزيز دورها في تطوير المجتمع وبرفض جميع أشكال العنف داخلها، ويتمثل هذا الالتزام في خطاب المرحوم جلالة الملك حسين أمام البرلمان في عام ١٩٩٦
(يعتبر العنف أحد اخطر الظواهر التي تشكل مصدراً لمعاناة المرأة، يهدد العنف التضامن داخل مجتمعنا الذي يشكل جزءاً من المجتمع الإسلامي العزيز، كما انه يتعارض مع دعوتنا المستمرة إلى المحافظة على كرامة الإنسان وحقوقه)
كما يلتزم الأردن بتأمين الحقوق المتساوية لجميع المواطنين بشكل عام والمرأة والطفل بشكل خاص وبتمكينهم للاستفادة من أقصى طاقاتهم، فقد أكد الملك عبد الله الثاني في خطاب له في عام ١٩٩٩ على ضرورة حماية حقوق المرأة والطفل:
(بدأنا نشهد بعض الظواهر التي تسبب المعاناة للمرأة، وتشكل انتهاكاً لبعض حقوقها الأساسية، ولذا نتطلع إلى تعديل التشريعات التي تنتقص من حقوقها أو توقع الظلم عليها، وإلى توفير التسهيلات التي تعينها على أداء دورها كشريك في التربية والبناء دون تمييز أو محاباة، إن الطفولة بحاجة إلى رعاية خاصة تحميها من العنف والتشرد والإستغلال، وتوفر لها النمو الطبيعي المتوازن داخل الأسرة وفي المجتمع ومؤسسات الرعاية الاجتماعية.)
ومنذ ان تولت الملكة رانيا العبد الله مهمتها كملكة في الأردن أبدت اهتماماً كبيراً في الأنشطة التي تعزز حماية الأسر والطفل، ففي خطاب لها أمام الحلقة الدراسية لمشروع تبادل المعلومات حول حماية الأسرة في الثاني عشر من تموز عام ٢٠٠٠ أكدت على:
(لقد قمنا في الأردن بالعمل على قضايا أمن الأسرة لفترة زمنية، وقد واجه الأردن لفترة طويلة بعض القضايا مثل الإساءة للأطفال، ونحن نؤمن بمواجهة التحديات وليس غض النظر عنها.)
وبناء على هذا الإلتزام الوطني بتعزيز مكانة الأسرة وحمايتها من المخاطر التي تهدد كيانها، تم إطلاق مشروع حماية الأسرة في عام ٢٠٠٠ ، وتم تأسيس المجلس الوطني لشؤون الأسرة في عام ٢٠٠١ وأوكلت إليه مهام المساهمة في وضع السياسات والإستراتيجيات المتعلقة بالأسرة
وتعتبر مشكلة العنف الأسري مشكلة معقدة في جميع جوانبها، ولم تنجح جهود علماء الاجتماع في تطوير أطر نظرية لفهم هذه الظاهرة وتفسير سلوك كل من الضحايا والجناة، وعلى الرغم من وجود أدلة على معاناة الجاني من مشاكل عاطفية ونفسية، إلا أنه لم يتم تحديد خصائص المسيئين للأطفال أو لكبار السن بشكل مفصل، وعلى ما يبدو أنه لا يوجد عامل واحد وراء العنف الأسري، بل هو نتاج التداخل المعقد بين البيئة الاجتماعية وتاريخ المسيء الشخصي وخصائصه الشخصية.
إن فهم عوامل بعينها وتتابع ظهور هذه العوامل عند عائلة ما لا يساعد في تحديد أسباب العنف ولكنه قد يكون عاملاً مساعداً في تحديد نوعية التدخل اللازم في هذه الحالة، أظهرت نتائج الدراسات التي أجريت في عدد من البلدان أن العوامل التالية تساعد في إيجاد بيئة مناسبة للعنف الأسري:
١. الدخل.
أظهرت العديد من الدراسات خلال العقود الأخيرة على وجود علاقة قوية بين الفقر وبين العنف وسوء معاملة الأطفال، حيث بينت نتائج إحدى الدراسات على أن الإساءة للزوجة تحدث في جميع الفئات بغض النظر عن المهنة أو عن مستوى التعليم أو الدخل، لكنه أكثر انتشاراً وشدة في الأسر من الفئات ذات المستوى الاقتصادي والاجتماعي المتدني.
٢. اللامساواة المرتبطة بالنوع الاجتماعي .
إن من أهم عوامل خطورة تعرض النساء للعنف هو اللامساواة المرتبطة بالنوع الاجتماعي وقد أظهرت الدراسات انه كلما اتسعت اللامساواة القائمة على النوع في العلاقات الأسرية والاجتماعية كلما ازداد احتمال وقوع العنف ضد النساء.
٣. الضغوط والخلافات الزوجية.
هناك علاقة ما بين العنف الأسري وضغوطات الحياة، مثل البطالة والمشكلات المالية والمرض أو وفاة أحد أفراد الأسرة، وأظهرت العديد من الدراسات أن هناك ارتباط بين البطالة وسوء معاملة الطفل. كما بينت دراسات أخرى أن الخلافات الزوجية المستمرة وتدني المستوى الاقتصادي الاجتماعي يزيد من احتمال تعرض الزوجة للإساءة.
٤. العزلة الاجتماعية وغياب الدعم الاجتماعي.
من غير الواضح فيما إذا كانت العزلة الاجتماعية سبباً للعنف الأسري أو نتيجة له، إلا إن الباحثين متفقون على أن احتمال وقوع العنف داخل الأسرة يكون أكبر إذا كانت الأسرة منعزلة اجتماعياً عن الجيران أو الأقارب، فالدعم الاجتماعي المتمثل بشبكة علاقات الأسرة مع محيطها عامل هام في حماية الأسرة من العنف، فكلما ازداد اندماج الأسرة في المجتمع المحلي وكلما ازداد عدد
المنظمات التي تنتمي لها كلما تضاءل احتمال وقوع العنف داخل الأسرة.
٥. الخصائص الشخصية
أظهرت نتائج البحوث عدم وجود أية علاقة بين الخصائص الشخصية للجاني والاضطرابات النفسية التي يعاني منها وبين ارتكابه العنف ضد أحد أفراد الأسرة، وفي حال إصابة الجاني بأية اضطرابات نفسية، خاصة الاكتئاب أو الفصام، فأنه من المهم التعرف على هذه الاضطرابات وذلك لتقرير نوع التدخل المناسب، وقد بينت الأبحاث وجود بعض الخصائص الشخصية المرتبطة بسوء معاملة الطفل، مثل تدني احترام الذات، وضعف التحكم بالانفعالات، الاكتئاب، والقلق، والسلوك العدائي.
٦. تعاطي الكحول والمخدرات
لا تتفق نتائج الدراسات حول مدى الارتباط ما بين تعاطي الكحول أو المخدرات وسوء معاملة الأطفال أو الزوجة، إذ أظهرت نتائج بعضها وجود ارتباط قوي بينهما ونتائج بعضها الآخر لم يظهر أي ارتباط.
٧. انتقال العنف الأسري بين الأجيال
أظهرت الأبحاث أن الطفل الذي يعيش في منزل فيه عنف أسري قد يكون عنيفاً، أو يصبح عنيفاً في المستقبل، مقارنة مع غيره من الأطفال الذين نشئوا في بيئة آمنة.
عواقب العنف الأسري
إن العنف مشكلة متعددة الوجوه، فهو مشكلة اجتماعية وصحية واقتصادية وثقافية في الوقت نفسه، فهو من أهم مسببات التفكك الأسري الذي غالبا ما تكون نتائجه وخيمة على الأطفال، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية العنف كمشكلة صحية نظراً للإصابات الجسدية والعاهات الناتجة عنه. هناك دلائل كثيرة على الأذى الذي يلحق بالصحة العقلية للمرأة التي تعيش في بيئة مسيئة وعلى الأذى العقلي النفسي الذي يلحق بالأطفال الذين يعيشون في مثل هذه البيئة، إذ بينت الأبحاث والدراسات على أن الأطفال الذين يعيشون في بيئة يسودها العنف يعانون من ضعف النمو العقلي والنفسي، مثل تأخر النطق وتأخر اكتساب المهارات اللغوية، بالإضافة إلى فقدان احترام الذات والتبول الليلي اللاإرادي والتغيب عن المدرسة واتخاذ العنف وسيلة للتعامل مع محيطه، كما بينت الأبحاث أن الأطفال سواء كانوا مشاهدين للإساءات أم كانوا هم أنفسهم ضحايا العنف الأسري أو الإساءة الجنسية يعانون من مشاكل سلوكية كأطفال وكراشدين، إذ قد يتحولون عندها إلى أفراد مسيئين لعائلاته .
ولا تتوقف عواقب العنف على الإصابات الجسدية والآثار النفسية السلبية، فللعنف آثار اقتصادية تتمثل بتكاليف العناية الصحية والنفسية بالضحية والجاني بالإضافة إلى العبء الذي تتحمله المؤسسات الصحية والاجتماعية، وفي الغالب يتحمل القطاع العام أعباء الكلفة الاقتصادية لعلاج الإصابات الجسدية وعلاج الاضطرابات النفسية الناتجة عن العنف ونتائجه السلبية على الإنتاج والاستثمار. بالإضافة إلى التكاليف المترتبة على الخدمات الصحية، هناك التكاليف المترتبة على استجابة الشرطة والنظام القضائي للتبليغ عن حالات العنف الأسري، إن التحقيقات وما يلحقها من إقامة دعاوى تشكل ضغطاً على المصادر الاجتماعية النادرة والتي كان بالإمكان بذلها في نواح أو نشاطات إنتاجية، ومن هنا تصبح معالجة مشكلة العنف الأسري أمراً ضرورياً لتحسين نوعية حياة المواطنين من خلال ضمان حقوقهم وإتاحة الفرص المتساوية لهم جميعا.
ويتضح دور وزارة التنمية الاجتماعية في حماية الأسرة بعامة وحماية الأطفال من الإساءة بخاصة، كما يظهر من التشريعات الناظمة لعملها، التي يأتي في مقدمتها الدستور، والتشريعات الصادرة بمقتضاه، وهي قانون نشأتها رقم 14 لسنة 1956، وقانون التصديق على اتفاقية حقوق الطفل رقم 50 لسنة 2006 ، وقانون الحماية من العنف الأسري رقم (6) لسنة 2008، وقانون الأحداث رقم 28 لسنة 1968 وتعديلاته حتى سنة 2007 ، و نظام ترخيص دور حماية الأسرة رقم (48) لسنة 2004، و نظام ترخيص وإدارة دور رعاية الأطفال الإيوائية رقم 49 لسنة 2009، تعليمات ترخيص دور الحماية رقم (15) لسنة 2009 وتعليمات دور تربية وتأهيل الأحداث لسنة 2010.
وما يؤكد قيام الوزارة بدورها في مجال حماية الطفل من الإساءة، الجدول أدناه، الذي يشير إلى عدد حالات الإساءة، التي تعاملت معها مكاتبها في إدارة حماية الأسرة، وأقسامها في المحافظات، في الفترة من عام 1998 وحتى تاريخه.
اسم المكتب مجموع الحالات عدد الحالات المغلقة عدد الحالات المتابعة
عمان الادارة 12426 4612 7814
شرق عمان 2475 600 1875
مادبا 778 535 243
الزرقاء 2541 556 1985
العقبة 1039 802 237
البلقاء 1643 724 919
اربد 2280 761 1519
الكرك 844 137 472
جرش 444 138 306
المفرق 400 101 299
الرصيفة 1458 159 1299
المجموع 26328
9125
16968
كما ما يؤكد قيام الوزارة أيضا بدورها في مجال حماية الطفل، سجلاتها، التي تشير إلى عدد مؤسساتها، والمؤسسات، التي تشرف عليها، ومتلقي تلك الخدمات.
1. المنتفعين من دور الرعاية الاجتماعية الايؤائية على النحو التالي
• عدد الدور التي ترعى اطفال ( ذكور ، واناث ) 31 دار منها خمسة تتبع للوزارة والباقي يتبع للقطاع الاهلي التطوعي تقدم خدمات الرعاية الاجتماعية لحوالي 1000 طفل بمعدل سنوي.
• دار الوفاق الاسري والتي تقدم خدماتها للنساء المعنفات بحيث يبلغ عدد النساء المعنفات سنويا والتي تقدم الدار خدمات متكاملة لهن (800) امرأة
2. دور الرعاية الاجتماعية
• مؤسسة الحسين الاجتماعيه وتقدم هذه المؤسسة خدمات الرعاية المتكامله للاطفال من الجنسين من عمر يوم ولغاية 6سنوات.
• دار الحنان /اربد وتقدم الخدمات للاطفال الاناث من عمر 12سنوات ولغاية عمر 18سنة.
• دار رعاية الاطفال /عمان ويقدم الخدمات للاطفال الذكور من عمر 10سنوات ولغاية 14سنة.
• دار رعاية الاطفال / شفا بدران ويقدم خدماته للاطفال من 15سنة ولغاية عمر اقل من 18 سنة.
• دار رعاية الفتيات الرصيفة وتقدم خدماتها الى الفتيات المحتاجات للحماية والرعاية من عمر 12 سنة ولغاية اقل من 18 سنة.
• دار الوفاق الاسري للنساء المعنفات وتقدم الخدمات المتكاملة ومنها الخدمات (الايوائية – والاجتماعية – والنفسية – والصحية – والمساعدة القانونية )
• ويدعم هذه المؤسسات مجموعه من المؤسسات التابعه للقطاع الاهلي التطوعي وهي مرخصه من الوزاره وبعضها مرتبط باتفاقيات مع الوزاره التي تشرف على جوده الخدمات المقدمه فيها للأطفال.
3. البرامج التي تقدمها دور الرعاية
• البرنامج الاكاديمي : تهيئة الظروف المناسبة والحاق الاطفال في اقرب مدرسة للدار لمتابعة تحصيلهم العلمي وتسجيلهم في مدارس خاصة .
• برنامج محو الاميه : فتح صفوف محو امية لتعليم الغير ملتحقين بالمدارس لتعليمهم.
• برنامج التعليم الغير نظامي : فتح صف للمنقطعين عن الدراسة داخل الدار بالتعاون مع مديريات التربية والتعليم.
• برنامج الرعاية الصحيه : توفير الرعاية الصحية الاولية داخل الدار وتحويل الحالات التي تستدعي ذلك الى المراكز الصحية والمستشفيات، وعقد محاضرات بالرعايه الصحية تثقيفية.
• برنامج مهارات الحياة الاساسيه : اكسابهم مهارات الاتصال والتواصل والعناية بالذات.
• التدريب المهني: تنفيذ برامج متنوعه لتدريبهم على مهن مختلفة لاكسابهم مهنه.
• البرنامج الرياضي: تنفيذ انشطة رياضية متنوعه داخل الدور وكذلك اشراك الدور في دوري رياضي.
• البرنامج الديني: تنفيذ محاضرات توعيه دينيه وتثقيفهم من خلال الوعظ والارشاد الديني.
• البرنامج اللامنهجي: اقامة مخيمات ومعسكرات كشفية وكذلك تنفيذ رحلات ترفيهيه للاماكن السياحيه والدينيه.