ثلاث حكومات خلال عام واحد
شهدت السلطة التنفيذية في الأردن خلال عام تقريبا ثلاث حكومات هي حكومة سمير الرفاعي وما رافقها من تعديل وزاري وحكومة البخيت والتي أيضا شهدت تعديل في طاقمها وأخرها حكومة الخصاونة والمؤشرات تتحدث عن إجراء تعديل وزاري بعد أن اعترف الرئيس في الجلسات الخاصة أن هناك مجموعة من الوزراء تم فرضهم عليه وألان يعاني من سوء أدائهم في وزارتهم .
والمشكلة الحقيقية لا تكمن في مسألة التغيير وإنما ما يترتب على التغيير والتعديل من نفقات باهظة أفلست الخزينة العامة فلو افترضنا أن كل حكومة تضم في طاقمها الوزاري ثلاثين شخصا ويتم تعديل عشرة منهم بعد انقضاء شهرين من عمر الحكومة لاتضح لدينا بان السلطة التنفيذية في المملكة يتقلب عليها خلال العام مئة وعشرين وزيرا.
والأمر لا يتوقف فقط عند رواتب وتقاعد الوزراء ومياومتهم وتعيين المحاسيب والعلاقات الشخصية بل يتعداه إلى تغيير معظم رجالات الحكومة على اعتبار أنهم أنصار الرئيس السابق وحدث ولا حرج عن الفساد الإداري الذي يترافق مع التغيير أو التعديل والاحباطات التي تلحق بطبقة صغار ومتوسطي الموظفين وكأنهم أمام مشاهد الدراما المصرية التي يوميا تنجب جيلا جديدا من الفنانين والممثلين وأتحدى ثلثي الشعب الأردني وأنا واحد منهم إذا كانوا يعرفوا أسماء وزرائهم.
لغاية هذه اللحظة فان مسيرة الإصلاح هي ضحك على الذقون وتسكين الألم بدلا من إجراء جراحات صادقة لاستئصال الورم الخبيث الذي انتشر في كافة أوصال الدولة.
كما أن التغيير مازال شكليا ولم يرتق إلى طابع التعامل مع الحالة الأردنية التي تولدت عقب موجة الربيع العربي فكثير من شخصيات البلد ممن يتسلمون ارفع المناصب لا يحظوا بالقبول الشعبي ولا يلقوا أي تأييد لسياستهم في الشارع فالمجرب لا يجرب ولكن الطبقة الحاكمة في البلد ونتيجة الخوف على مكتسباتها وامتيازاتها تنظر إلى الإصلاحيين بنظرة الشك والعداء خاصة إذا ما علمنا أن مثل هؤلاء الشرفاء الذين تم إقصاءهم إن تمكنوا من الوصول إلى السلطة سيكشفون ما كان يدار ويحاك تحت طاولة صنع القرار التي تغض الأنظار كثيرا عن تصرفات من باعوا الوطن وقبضوا حقه تحت مسميات الخصخصة واستثمار أراضي الدولة الأميرية لغايات الاستفادة الشخصية .
أسالوا أمناء عمان السابقين عن تحرير الشيكات بملايين الدنانير واسألوا طواقم الأمانة المختصة لمصلحة من تذهب عوائد مخالفات السير؟
إذن فالتغيير الذي تشهده المملكة يندرج تحت مبدأ الاستحياء أو الخوف أحيانا من المواطن الذي ضاق ذرعا من منغصات الحياة بعد أن شاهد ولمس أن توزيع مكتسبات الدولة لا يستفيد منها إلا طبقة لا تتجاوز العشرين في المائة وهي طبقة تربطها مصالح شخصية وعلاقات النسب والكأس .