مجلة أصول: رؤية الأجيال الوفية

المدينة نيوز - يظن المرء للوهلة الأولى التي يلتقي فيها شباباً من أصول فلسطينية في أميركا اللاتينية لا يكادون يعرفون سوى كلمات قليلة من العربية أنهم ابتعدوا تماما عن ثقافتهم وجذورهم.
لكنه سرعان ما يكتشف زيف ظنه عندما يرى حماسهم الجارف للتعبير عن حقوقهم في شتى المنابر إيمانا منهم بأهمية الإعلام في صنع الحدث على مستوى العالم.
يغبطونك إذا ما عرفوا أنك رأيت يوماً ذلك الوطن الذي تخيلوه من حكايات الجدات والآباء الذين صبوا جُلّ همّهم بالعودة بهم إلى الأصول.
الشباب من الجيل الثالث في السلفادور كان حريصا على خدمة وطنه في وطنٍ آخر بفكرةٍ صغيرة كانت حلما فأصبحت حقيقة ملموسة.
وبجهودهم الفردية وبتوجيه من رئيس الجمعية الفلسطينية في السلفادور سمعان خوري، ظهرت إلى النور منذ ثلاث سنوات مجلة (أصول) وهي المجلة الوحيدة التي تعنى بالأدب والثقافة والتاريخ الفلسطيني باللغة الإسبانية.
المجلة
وتسعى المجلة التي تصدر كل شهرين تقريبا إلى إدراج عدد من المقالات المتنوعة التي تصب في بوتقة الهوية الفلسطينية، ففي كل عدد نجد مقالات عن التاريخ الفلسطيني القديم والحديث كما هو الحال في العدد الأخير الذي خصص مساحة كبيرة للحديث عن تاريخ النكبة وأصل التسمية.
في نفس السياق تحرص المجلة على تقديم شخصيات من أصول فلسطينية وعربية يتقلدون مناصب مرموقة على اختلاف الأصعدة الثقافية والاجتماعية والسياسية تحت عنوان " إخواننا في أميركا الوسطى".
وحرصاً منها على الإلمام بجميع الجوانب الثقافية التي تحمل قيم الحضارة، يعمل الشباب بشكل دؤوب من أجل جمع مواد أدبية من أشعار وقصص قصيرة تناسب طبيعة المجلة التي يفضلون أن تكون موضوعاتها قصيرة تحمل أفكارا مختزلة ومعبّرة عن طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تحديات الموضوعات الأدبية
وعن التحديات التي تواجههم في إصدار المجلة، تحدثت الآنسة عفيفة ميغيل عن صعوبة إيجاد المواضيع المتعلقة بالشعر والأدب الفلسطيني المترجم إلى الإسبانية، ومعظمه ليس متوفرا على الشبكة العنكبوتية، كما أن الأعمال الورقية المترجمة لا تصل إلى السلفادور.
هذا جعلنا نفكر -تضيف ميغيل- بالبحث عن شعراء وأدباء من أصول عربية في أميركا اللاتينية ووجدنا أن هناك الكثير الذين بدأنا نُعرّف بهم وبأعمالهم خصوصا ما يتعلق منها بعواطف المُهَجّر من أرضه، كالشاعر الفلسطيني الهندوراسي خورخيه قطان، إضافة إلى أعمدة الأدب والشعر الفلسطيني كـمحمود درويش وفدوى طوقان وغيرهما، مشيرة إلى أنهم مهتمون أيضا بأدب فلسطيني معاصر يعبر عن الوضع الراهن.
نجاح فاق التوقعات
ونجحت المجلة بفضل كُتّابها من شباب الجيل الثالث الذي يطرح التاريخ برؤية عصرية تتوافق مع اللغة الإعلامية السائدة حاليا باستقطاب عدد كبير من القرّاء ذوي الأصول الفلسطينية والسلفادوريين.
وأصبحت المجلة توزع مؤخرا 3500 نسخة مجانا، وبتمويل يقتصر على إعلانات المشاركة، ليمتد التوزيع إلى خارج السلفادور بحيث تم توزيع 500 نسخة في نيكاراغوا من العدد الأخير.
من جهته أشاد سمعان خوري بدور الشباب في ظهور المجلة إلى النور، وقال "نحن سعداء بالإقبال الكبير على قراءة المجلة من قبل إخواننا الفلسطينيين والسلفادوريين على حد سواء، بالرغم من أنها ليست مجلة محترفة".
وأضاف "كان لا بد لنا من منبر إعلامي يدعم حقوقنا كفلسطينيين في العودة إلى ديارنا واسترداد أرضنا المسلوبة، استطعنا الظهور في القنوات الإعلامية والإذاعة في عدة مناسبات، لكن مجلة أصول أنشأت لنا منبرا إعلاميا ثابتا".
( الجزيرة)