سلسلة كشف المستور: قراءة في أحداث جامعة البلقاء الأخيرة ؟!
تم نشره الإثنين 05 كانون الأوّل / ديسمبر 2011 09:14 مساءً
عبدالله محمد الخرابشه
شهدت جامعة البلقاء التطبيقية أحداثاً دامية، امتدت لتصل إلى مدينة السلط ولعدة أيام، وأجد انه من الضروري بل من الواجب أن نقف وقفة تحليله نقدية لهذه الأحداث، للوقوف على مواطن الخلل، وتشخيصها، سعياً لعلاجها وتلافيها في المرات القادمة.
أن العنف الجامعي الذي وصل إلى العنف المجتمعي كفيل إلى إيصالنا إلى عنف الدولة، وعنف الوطن إذا لم يجد حلولاً سريعةً وعاجله لا تحتمل التأخير.
فمن خلال نظرة تحليله نقدية منطقية بعيدة عن المداهنات والتملق والرياء، أجد أن منابع العنف في الأحداث الأخيرة تسيل في ثلاثة أودية تلتقي بمجموعها لتشكل نهراً من التهديدات الخطيرة لمقومات الدولة وأركانها، الأول منها: وهو خاص بالدولة، فما نراه ونشاهده، ما هو إلا ثمار تغول الحكام الإداريين على الحركات الشعبية المطالبة بالإصلاح في زمان مضى، حتى كانت ابسط المظاهرات تحتاج إلى كم هائل من الموافقات، ناهيك عن الرفض في كثير من الأحيان، حتى أصبح المواطن في غنى عن موافقة الدولة، مما أسهم بشكل مباشر في إفقاد الدولة لهيبتها، وإشاعة حالة الفوضى التي نشاهدها هذه الأيام ليس في السلط وحدها بل في كل رقعه من الوطن، هذا من جانب ومن جانب آخر فأن اتخاذ الدولة قرارها بإنشاء مديرية عامه لقوات الدرك وفصلها عن مديرية الأمن العام، كان له كبير الأثر في إلصاق تهمة العنف والإرهاب الشعبي لمديرية الدرك، وإفقاد مديرية الأمن العام لهيبتها، وهيبته الدولة في النهاية، لذا أجد انه من الضروري تحسين صورة الأمن العام وذلك بعودة قوات الدرك إلى حضن مديرية الأمن العام الأم.
والثاني منها : يتعلق بالجانب الاقتصادي، فقد كتبت سابقاً مقالأ بعنوان ( إلى أين سيوصلنا الإصلاح الاقتصادي؟!)، وكنت قد تعرضت في هذا المقال إلى أن الدولة قد أشغلت جل جهدها وتفكيرها في خطط الإصلاح الاقتصادية عديمة الفائدة، ونسيت أو تناست أن الإصلاح له شقين : اقتصادي واجتماعي، ولم تعر بالاً للإصلاح الاجتماعي، حتى غدا المواطن لا حول له ولا قوة في سبيل تحقيق ابسط متطلبات الحياة، مما أجبره على النزول إلى الشارع، والتحدث بلغته، ومحاولة التعبير بشتى الطرق والوسائل لرفضه لحركات الإصلاح الاقتصادية المزعومة التي أوصلته إلى حافة الهاوية، ولم يبق لديه ما يخاف منه، فمن ارتفاع لأسعار المواد التموينية، وزيادة في المحروقات، وتآكل للرواتب، وعجز تام وكامل عن مواكبة الحياة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها، وقلة الحيلة وذات اليد وكثرة متطلبات الحياة بمُجملها.
والثالث منها : يتعلق بالتراث، والثقافة المتوارثة التي ورثناها عن آبائنا، ونسعى جاهدين إلى توريثها لأبنائنا وأحفادنا من بعدهم، وهي النزعات العشائرية ، والتحيز العشائري، والأحقاد التاريخية البغيضة الدفينة، التي تفوح منها رائحة النتانة، و يقوم بتهييجها أصحاب المصالح الخاصة والانتخابية كلما دعت حاجتهم الشخصية لذلك .
أما الرابع منها : فهو يتعلق بجامعاتنا، فقد أجريت دراسات مكثفة في الفترة الأخيرة عن العنف الجامعي، لم يُنشر الكثير منها لأسباب سياسية، خلصت هذه الدراسات أن (الفراغ المعرفي) يتصدر قائمة العوامل المُسببة للعنف، واعني ب(الفراغ المعرفي) عدم تعبئة أوقات فراغ الطلبة في البحث العلمي، ودليل ذلك أن معظم حركات العنف الجامعي هي وليدة رحم الكليات الإنسانية، أما الكليات العلمية التي تُشغل طلبتها بالبحث والمشاريع، فان الوقت لا يسمح لهم بممارسة أي عمل آخر سوى البحث والعلم والانجاز، ناهيك أن فاقد الشيء لا يُعطيه، فالفراغ المعرفي لا يقتصر على الطلبة فحسب، فالمدرسين أيضاً - مع كل الأسف- يعانون من المشكلة ذاتها وهي (الفراغ المعرفي)، لا بل أن بعضهم يعاني من (العدم المعرفي)، وهذا واقع علينا أن نعترف به، وأن لا ندفن رؤوسنا بالرمال كما النعامة، بل علينا أن نواجه الحقيقة حلوها ومرها، وما عبارة وزير التعليم العالي الأسبق وليد المعاني حينما قال: ( أن بعض مدرسي جامعاتنا غير مؤهل لدخول بواباتها) كفيل لوضوح الرؤية، وكشف واقع التعليم العالي في الاردن، وإن استفتاءً علمياً بسيطاً تقوم به إدارة الجامعة بين أبنائها الطلبة كفيل بان يبين لها مدى (العدم المعرفي) الذي يعاني منه كثير من أساتذتنا، و قطعاً لا اقصد الجميع .
أما الخامس والأخير : فأقوله مع كل مرارة الأسف والألم وخيبة الأمل، أن الجامعة بدأت تخضع في بعض قراراتها لضغوط العباءات، من خارج أسوار الجامعة، ففي اللحظة التي كنت أترقب فيها إصدار اشد العقوبات على كل من تثبت لجان التحقيق تورطه في أعمال العنف التي شهدتها الجامعة ، ليكونوا عبرة لغيرهم، ودرساً قاسياً يتعلم منه من تسول له نفسه المساس بهيبة الجامعة ومقدراتها، في ذات الوقت أجد إدارة الجامعة تخرج بقرار وقف العقوبات، وطي صفحة الماضي.
وهنا أتساءل: هل تضمن إدارة الجامعة عدم تكرار الحادثة مرة أخرى ؟! وهل الموقعون على وثيقة الشرف في نبذ العنف الجامعي ضامنون لأبنائهم بعدم تكرار هذه الحادثة؟! ومن يعوض الجامعة والموظفين ومدينة السلط وأصحاب المحلات التجارية الذين خَرُبت بيوتهم وما عاد لهم مصدر رزق آخر؟! من يعوض أصحاب السيارات التي أُحرقت؟! ومن يعوض صاحب آلية (برش) الإسفلت التي كانت تعمل من اجل إعادة تعبيد طرق السلط المهترئة منذ أمد ؟! من يعوض خوف آبائنا وأمهاتنا على أولادهم ؟! من يعوض رعب أبنائنا الطلبة في مؤسسة يجب أن لا يكون للرعب فيها موطئ قدم؟! ومن يعوض الوطن إن فقد هيبته؟! وأين نجد وطناً إن فقدنا الأمن والأمان في الوطن ؟! أسئلة وأسئلة أضعها بين يدي صناع القرار أتمنى أن تجد لها شيئاُ آخر غير عبارة (للحفظ).
أن العنف الجامعي الذي وصل إلى العنف المجتمعي كفيل إلى إيصالنا إلى عنف الدولة، وعنف الوطن إذا لم يجد حلولاً سريعةً وعاجله لا تحتمل التأخير.
فمن خلال نظرة تحليله نقدية منطقية بعيدة عن المداهنات والتملق والرياء، أجد أن منابع العنف في الأحداث الأخيرة تسيل في ثلاثة أودية تلتقي بمجموعها لتشكل نهراً من التهديدات الخطيرة لمقومات الدولة وأركانها، الأول منها: وهو خاص بالدولة، فما نراه ونشاهده، ما هو إلا ثمار تغول الحكام الإداريين على الحركات الشعبية المطالبة بالإصلاح في زمان مضى، حتى كانت ابسط المظاهرات تحتاج إلى كم هائل من الموافقات، ناهيك عن الرفض في كثير من الأحيان، حتى أصبح المواطن في غنى عن موافقة الدولة، مما أسهم بشكل مباشر في إفقاد الدولة لهيبتها، وإشاعة حالة الفوضى التي نشاهدها هذه الأيام ليس في السلط وحدها بل في كل رقعه من الوطن، هذا من جانب ومن جانب آخر فأن اتخاذ الدولة قرارها بإنشاء مديرية عامه لقوات الدرك وفصلها عن مديرية الأمن العام، كان له كبير الأثر في إلصاق تهمة العنف والإرهاب الشعبي لمديرية الدرك، وإفقاد مديرية الأمن العام لهيبتها، وهيبته الدولة في النهاية، لذا أجد انه من الضروري تحسين صورة الأمن العام وذلك بعودة قوات الدرك إلى حضن مديرية الأمن العام الأم.
والثاني منها : يتعلق بالجانب الاقتصادي، فقد كتبت سابقاً مقالأ بعنوان ( إلى أين سيوصلنا الإصلاح الاقتصادي؟!)، وكنت قد تعرضت في هذا المقال إلى أن الدولة قد أشغلت جل جهدها وتفكيرها في خطط الإصلاح الاقتصادية عديمة الفائدة، ونسيت أو تناست أن الإصلاح له شقين : اقتصادي واجتماعي، ولم تعر بالاً للإصلاح الاجتماعي، حتى غدا المواطن لا حول له ولا قوة في سبيل تحقيق ابسط متطلبات الحياة، مما أجبره على النزول إلى الشارع، والتحدث بلغته، ومحاولة التعبير بشتى الطرق والوسائل لرفضه لحركات الإصلاح الاقتصادية المزعومة التي أوصلته إلى حافة الهاوية، ولم يبق لديه ما يخاف منه، فمن ارتفاع لأسعار المواد التموينية، وزيادة في المحروقات، وتآكل للرواتب، وعجز تام وكامل عن مواكبة الحياة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها، وقلة الحيلة وذات اليد وكثرة متطلبات الحياة بمُجملها.
والثالث منها : يتعلق بالتراث، والثقافة المتوارثة التي ورثناها عن آبائنا، ونسعى جاهدين إلى توريثها لأبنائنا وأحفادنا من بعدهم، وهي النزعات العشائرية ، والتحيز العشائري، والأحقاد التاريخية البغيضة الدفينة، التي تفوح منها رائحة النتانة، و يقوم بتهييجها أصحاب المصالح الخاصة والانتخابية كلما دعت حاجتهم الشخصية لذلك .
أما الرابع منها : فهو يتعلق بجامعاتنا، فقد أجريت دراسات مكثفة في الفترة الأخيرة عن العنف الجامعي، لم يُنشر الكثير منها لأسباب سياسية، خلصت هذه الدراسات أن (الفراغ المعرفي) يتصدر قائمة العوامل المُسببة للعنف، واعني ب(الفراغ المعرفي) عدم تعبئة أوقات فراغ الطلبة في البحث العلمي، ودليل ذلك أن معظم حركات العنف الجامعي هي وليدة رحم الكليات الإنسانية، أما الكليات العلمية التي تُشغل طلبتها بالبحث والمشاريع، فان الوقت لا يسمح لهم بممارسة أي عمل آخر سوى البحث والعلم والانجاز، ناهيك أن فاقد الشيء لا يُعطيه، فالفراغ المعرفي لا يقتصر على الطلبة فحسب، فالمدرسين أيضاً - مع كل الأسف- يعانون من المشكلة ذاتها وهي (الفراغ المعرفي)، لا بل أن بعضهم يعاني من (العدم المعرفي)، وهذا واقع علينا أن نعترف به، وأن لا ندفن رؤوسنا بالرمال كما النعامة، بل علينا أن نواجه الحقيقة حلوها ومرها، وما عبارة وزير التعليم العالي الأسبق وليد المعاني حينما قال: ( أن بعض مدرسي جامعاتنا غير مؤهل لدخول بواباتها) كفيل لوضوح الرؤية، وكشف واقع التعليم العالي في الاردن، وإن استفتاءً علمياً بسيطاً تقوم به إدارة الجامعة بين أبنائها الطلبة كفيل بان يبين لها مدى (العدم المعرفي) الذي يعاني منه كثير من أساتذتنا، و قطعاً لا اقصد الجميع .
أما الخامس والأخير : فأقوله مع كل مرارة الأسف والألم وخيبة الأمل، أن الجامعة بدأت تخضع في بعض قراراتها لضغوط العباءات، من خارج أسوار الجامعة، ففي اللحظة التي كنت أترقب فيها إصدار اشد العقوبات على كل من تثبت لجان التحقيق تورطه في أعمال العنف التي شهدتها الجامعة ، ليكونوا عبرة لغيرهم، ودرساً قاسياً يتعلم منه من تسول له نفسه المساس بهيبة الجامعة ومقدراتها، في ذات الوقت أجد إدارة الجامعة تخرج بقرار وقف العقوبات، وطي صفحة الماضي.
وهنا أتساءل: هل تضمن إدارة الجامعة عدم تكرار الحادثة مرة أخرى ؟! وهل الموقعون على وثيقة الشرف في نبذ العنف الجامعي ضامنون لأبنائهم بعدم تكرار هذه الحادثة؟! ومن يعوض الجامعة والموظفين ومدينة السلط وأصحاب المحلات التجارية الذين خَرُبت بيوتهم وما عاد لهم مصدر رزق آخر؟! من يعوض أصحاب السيارات التي أُحرقت؟! ومن يعوض صاحب آلية (برش) الإسفلت التي كانت تعمل من اجل إعادة تعبيد طرق السلط المهترئة منذ أمد ؟! من يعوض خوف آبائنا وأمهاتنا على أولادهم ؟! من يعوض رعب أبنائنا الطلبة في مؤسسة يجب أن لا يكون للرعب فيها موطئ قدم؟! ومن يعوض الوطن إن فقد هيبته؟! وأين نجد وطناً إن فقدنا الأمن والأمان في الوطن ؟! أسئلة وأسئلة أضعها بين يدي صناع القرار أتمنى أن تجد لها شيئاُ آخر غير عبارة (للحفظ).