ما يطلق عليهم " البلطجية " لهم فِكر
لقد بدأت تتضح الآن أمورنا على الساحة الأردنية , من حيث الحركات والمطالبات وغيرها , واستطيع ألان أن أقسم المواطنين إلى أربعة أقسام , القسم الأول الإصلاحيون المتشددون وهم غالباً يضمرون غير ما يعلنون , وهم غير مبالين بما سيحدث للوطن وربما معهم مفاتيح الجنة فلا يأسفون على شيء, وهم الإسلاميون ومعهم التيارات المتشددة والمعارضين التقليدين , ومن يتبعهم فإنه يسير نحو المجهول , لان مطالبهم وغايتهم غير واضحة وغير محددة مع إن مطالبتهم بمكافحة الفساد مقبولة , وبتغيير قانون الانتخاب مقبولة , ولكن مطالبتهم مثلاُ بإعادة موارد الدولة التي بيعت غير منطقية لأنه قانونياً .. لا يمكن القيام بذلك, ويبدو أن لهم مطالب أخرى لا يفصحون عنها .
والقسم الثاني هم المطالبين بالإصلاح , وهولاء مطالبهم معقولة ومنطقية , هم يطالبون بالحد من الفساد وإصلاح القوانين بشكل لا يشكل خطراً على الدولة وبشكل منطقي متسلسل , ومستعدين لإبداء رأيهم وللتعبير عنة علناً في الشارع ,ولهم نظرتهم المستقبلية بالتحول إلى الأفضل من حيث تطبيق القانون والنظام , وبعضهم يشترك مع هذا الاتجاه من باب الشهرة وحب الظهور , ومع مرور الوقت فأن بعضاُ منهم سيذهب باتجاه القسم الأول وبعضهم سيذهب باتجاة الصامتون .
القسم الثالث وهم الصامتون , وهم الأغلبية وهولاء بعضهم يخشى على الوطن من الفوضى وبعضهم يخشى على نفسه إن عبر عن رأيه , وتجدهم يتقلبون برأيهم حسب ما يسمعوا ويروا , وان كانوا أغلبية فتأثيرهم ضعيف على مجرى الأحداث .
والقسم الرابع وهم ما يطلق عليهم " بالبلطجية " , وهولاء لهم رأي وفكر خاص بهم , وان كانت الكلمة لها مدلول سلبي , إلا أن لهم رأي ويتحركون في الشارع بناءً عليه , فهم يروا أن بقاء الحال على ما هو عليه هو الأفضل والأسلم للوطن والمواطن , وهم أيضاً يرغبون بمكافحة الفساد والإصلاح ولكن بمنظور حكومي وتحت إشراف الملك , ولا يرغبون بأن تتحدث جماعات أخرى بالإنابة عنهم , وعموماً فأن تصرفاتهم التي تؤخذ عليهم أحيانا ما هي إلا ردة فعل لمل يقوم به الآخرين , وهم لا يبادروا إلى فعاليات ونشاطات , هم فقط يعبروا عن رأيهم عندما يرون أن هناك ضرورة لذلك .
ولذلك فهم أيضاً لهم الحق في التعبير شأنهم شأن أي جماعة أو تيار , ولا يعني وجود خطباء ومنظرين في جماعة معينة , أن لهم الحق في الكلام ولا يجوز لغيرهم , وأما حدوث اشتباكات بين طرفين فهذا الذنب به على الطرفين , ولا يجوز إلقاء التهم على طرف دون طرف , وان على صاحب الرأي الذي يريد إن يعلنه في الشارع أن يدفع الثمن , ودائماً التعبير في الشارع تحدث به إصابات ولو من التدافع والازدحام , ومن لا يريد القبول بالثمن فليتزم بيته وليعبر عن رأيه من هناك , وما حدث مؤخراً من اقتحام مقرات الإسلاميين في المفرق, هو مرفوض من جميع الأردنيين , ولا أحد يقبل به , ولكن عند انفعال الناس في الشارع لا أحد يتنبأ بما سيحدث , ومن يستطيع أن يجزم أنه لو كان هناك مقر أو مكاتب " للبلطجية " فلن تتم مهاجمتها من الطرف الأخر ؟ وأما سلوك الأجهزة الأمنية فهو سلوك حضاري متعقل , ومن يطعن به فهو يجانب الصواب ويفتري على الحقيقة , خصوصاً عندما نرى ما يحدث في بقية بلدان العالم .
وان بقاء الحال هو دائماً اسلم من السير إلى المجهول , وخاصة في حالة عدم وضوح الرؤيا وعدم بيان الأهداف الحقيقة والمبتغيات النهائية , وإذا كنا نطالب بحرية الرأي , فلتكن للجميع دون قدح وذم ودون اشتباك بالأيدي , ودون أن تنتقص فئة من أخرى , وان تتغول فئة على أخرى , ومن هنا يبدو أن فكر ورأي ما يسمون "بالبلطجية "هو الأسلم والأفضل , في هذه الفترة وأعتقد أننا سنرى في الأيام القادمة , تحولاً كبيراً من الأقسام الأخرى إلى هذه الفئة , ومع أنني أطالب بمكافحة الفساد وأطالب بالعدالة والقانون , إلا إنني وخوفاً على وطني وخوفاً من السعي نحو المجهول فأنني قد سأصبح "بلطجياً ".