امنية العام الجديد
كان صباح الأول من كانون الثاني ....عندما استيقظ على رائحة حذائه الملقى في زاوية غرفته الوحيدة.
للبردِ رائحة ُ جوعٍ مزمنٍ ، يتحدُّ مع تلك التي يعبق بها المكان ، تتسللُ إلى معدته الفارغة، تصل إلى أحشائه ، تنفخُها فيتكوّرُ بطنه الملتصق بظهره قليلاً، تمنى لو أنَّ باستطاعته البقاء كغيره في الفراش ، لكنه لا يستطيع فثمة الكثير ليعمله ليحصلَ على رغيف الساندويش .
تناول حذاءه ، تأمله ، كانت ثقوبه قد كبرت عامًا آخر ، ولم يعد يفصل بينها سوى خيوط رقيقة من الجلد المتقشر ، نظر إلى صورة والده المعلقة على الجدار قبالته ، رمقها بحقد عاتب ، انتعل حذاءه ، لعن عيشته ، صفق الباب خلفه وخرج !
قطرات المطر تنزلق عن أحذية المارة بانسياب ، بينما تتخلل أصابع قدميه ، تنخر عظمها ، يشعر بقشعريرةٍ في جسده ، يلعن عيشته مرة أخرى ويتابع المسير.
تستوقفه عنوةً تلك الزاوية كان قد ظهر من خلالها على شاشة التلفاز قبل سنتين في برنامج "أ حلامك في العالم الجديد " ، كان حينها يُعالج أحد ثقوب حذائه عندما فاجأته المذيعة سائلة ً:
ـ " ما أمنياتك في العام الجديد ؟ " .
ـ " حذاء جديد ! " .... أجاب بلا تردد .
بعدها رسمَ صورًا متعددةً لأحذية بألوانٍ مختلفة ، وهمًّا واحدًا كان يشغله ، و هو عدم امتلاكه لطلاء تلميع الأحذية !
ناريمان ابو اسماعيل