صُنع في الصين
برغم وفرة المعروضات في هذه الايام،وبما لم يشبه أيامنا الغابرة(حيث القلة في المعروض والشحٌ في النقود)،فقد أعجبني كثرة الكستناء ولمعانها في محلات الخضار، والأكثر إعجابا كان ثمنها المعقول،تناسبا مع ثمنها في الزمان القديم إن وجدت،حاشا المحلات التي كنا لا نقربها، وننعتها بالصيدليات،تمييزا لها في الأسعار عن محلات الخضارالاخرى،على كل حال اشتريت الكستناء وشويتها،لكنها لم تتقشر وبَقِيَتْ تلك الفروة الرقيقة الجافة تحت القشرة الصلبة متشبثة ًبها،لكن في النهاية ابتعلناها بما تحمله من قشر.
اليوم رأيت الكستناء تتلألأ فلم أقربها،لما خلفته في خاطري من ذكريات مزعجة،أساءت الى تاربخها القديم ،بل لقد أعلنت عن سُخْطي للبائع، فقال أنت اخذت من الكستناء الصينية،سأعطيك من التركية،هي أغلى لكنها تتقشر،وان وضعتها على النار فلا تتفجر، فكرهت أن أتهور، فاشتريت القليل منها،فكانت غريبة أثبتت الأخيرة بالفعل أنها،كما أنك لست بحاجة الى ثقبها،فهي لا تتفجر،وتتقشر وحدها،وليس فيها حبة واحدة مضروبة، فاستغربت من أمر الصين،كل شيءفيها مغشوش ورديء حتى الكستناءلم تتركها؛ لماذا لم تترك لنا الصين الكستناء والتفاح من غير تزييف!؟.
في المخبز كان رجل رث ُّالثياب،يتململ ويتحدث، ويكثر التلفت وتظهر على يديه علامات الشقاء المتواصل،فالشقوق فيهما رفيعة وسوداء،طبعا رأيتها بوضوح من كثرة ماكان يلوح بهما أثناء حديثه، ولن أتكلم عن علامات البؤس التي وشمه الفقر بها في وجهه النحيل فكلكم تعرفون تلك العلامات؛ كان يحدث شخصا آخر يقف الى جانبه، عن شيخ عشيرة قصده في حاجة، لانه لا عشيرة له وبالتالي فلا شيخ لديه، المهم يقول الراوي بأن الشيخ قد رافقه ليقضي حاجته،ففوجيء المسكين بتوقف الشيخ عند محطة البنزين،ثم طالبه بأن يملأ خزان السيارة،فيذكر عندئذ بأنه خجل خجلا شديدا،لأنه لا يملك أكثر من خمسة دنانير،كان يبقي عليها،ويحميها من الهلاك،لكي يحضر بنصفها شيئا من الكاز ليدفيء أبناءه،وبالنصف الآخر شيئا يأكلونه،فلما اعتذر للشيخ بأنه فقير،نظر الشيخ اليه نظر المغشي عليه من الموت،وقال أنا الملوم لأنني خرجت لمساعدة من هو مثلك.
اخذت خبزي وأخذت آلآم الرجل الفقير معي ومضيت، وأنا افكر بالصينوالشيخ والكستناء ......................وتساءلت هل يا ترى لو خلعنا عباءة ذلك الشيخ ،وشماغه المهدب يدويا،ثم جردناه من بقية ملابسه،هل يا ترى سنقرأ على قفاه عبارة ًتفيد بأنه .