إسرائيل: الكيان الغاصب
تم نشره الثلاثاء 31st كانون الثّاني / يناير 2012 06:21 مساءً
فايز الدويري
- في خضم الربيع العربي تراجع الاهتمام لدى شريحة واسعة من الكتاب والمثقفين العرب في الكتابة والحديث عن الخطر الصهيوني. لهم بعض العذر في ذلك، فما يجري على الساحة العربية من أحداث، والمقاربات الأمنية الدموية التي انتهجها بعض الحكام العرب واجهزتهم القمعية تذهب بلب العاقل، فيما يرى البعض الآخر أن الربيع العربي هو مقدمة لنهضة عربية جديدة تعيد الحياة لجسد الأمة الذي نخرته الأمراض المزنة، وستصب نتائجه في صالح الشعوب العربية قاطبة، مستعيدة مواطنتها وكرامتها وحقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وسيكون الرابح الأكبر قضية المسلمين والعرب الاولى " القضية الفلسطينية "، لذا لا ضير إن تركز الاهتمام علي ما يجري في الشارع العربي في الوقت الراهن.
مهما ألم بالأمة العربية من خطوب تبقى اسرائيل هي التهديد الرئيس للأمن القومي العربي أو على أقل تقدير أمن عدد من الدول العربية حتى في حال الإفتراض أن تسوية الصراع العربي- الاسرائيلي ستتحقق على أساس إنسحاب اسرائيل من جميع الاراضي العربية المحتلة وقيام السلام على تعاقدات والتزامات متبادلة.
فمهما كانت الصيغ الأمنية المتبادلة التي ستنتهي اليها عملية التفاوض والتي ستكون إطارا للسلام فإنه سيبقى سلاما مؤقتا، لأن الصراع العربي الصهيوني صراع حضاري وجودي،ففلسطين التاريخية لا تتسع لوجود قوميتين متضادتين، وتاريخها العربي والاسلامي يحتم أن تبقى عربية اسلامية،وفي المقابل تصر اسرائيل على يهودية الدولة في المدى القصير ويهودية فلسطين في المدى البعيد ، وتبقى إسرائيل هي الخطر الرئيس الذي يهدد الأمة العربية في الحاضر والمستقبل لأسباب عدة منها:
النظرية الصهيونية: يمكن إستخلاص جوهر التحدي من بعض مبادئ الصهيونية ومقومات نظرية الأمن والسلام الاسرائيلي وسياسات حكومات اسارائيل المتعاقبه ومنها:
- القوة فوق الحق وضرورة حتمية لبلوغ أهداف الصهيونية، والعمل السياسي سبيل لتعبئة الطاقات، وإستنادا الى ذلك قرر هيرتزل أن الأمة اليهودية سوف تبقى وغيرها يجب القضاء عليه لأنه غير أهل للبقاء.
- العمل العسكري ضرورة لا غنى عنها لفتح المجال أمام الاستعمار الاستيطاني، والاستعمار الاستيطاني هو الوسيلة للإستيلاء على الأرض وتوسيع دائرة سيطرة الدولة على ما حولها.
- بناء السلام على اساس مصلحة اسرائيل.
وإذا كانت الصهيونية قد تجسدت في دولة إسرائيل كجهاز منفذ لأهدافها فإن طغيان مفهوم الدولة ومصالحها استدعت بعض التمهل في تطبيق بعض المبادئ، مما ادى الى بروز قيادة جديدة تتولى الآن احياء تلك المبادئ وصياغة المشروع الصهيوني بما يتلائم والمتغيرات الاقليمية والدولية.
نصح ريتشارد بيل اسرائيل بإنهاء عملية السلام والبدء بحملة حرب باردة في الشرق الأوسط على النمط الريغاني والتي ادت الى تفكك الاتحاد السوفييتي في حينه،ويمكن لاسرائيل صياغة استراتيجية وعملية سلام تعتمدان على اساس فكري جديد يحتفظ بالمبادرة الاستراتيجية ويعيد بناء الصهيونية.
ويعتبر كتاب "مكان تحت الشمس " لبنيامين نتنياهو المرجع الرئيس للتعرف على الافكار والمبادئ التي تسعى اسرائيل لإحيائها. يرى نتنياهو أن العالم مبني على الخير والشر، ولا سبيل الى الأمن والاستقرار الى بقضاء الخير على الشر، وأن اسرائيل ودول الحضارة الغربية هي الخير وأن اعداء اسرائيل هم الشر ولا بد من انتزاع بؤر الشر من الشرق الأوسط والمتمثلة في القومية العربية والاسلام الاصولي، وأن السلام الذي يمكن تحقيقه هو السلام المبني على قوة الردع، وفي حال فشل هذه القوة فلا بد من إستخدام قوة السلاح لفرضه، ويرى نتنياهو أن قوة اسرائيل تعتمد على السلاح والأرض ولذا فإن هضبة الجولان والضفة الغربية تمثلان جدارا لا يمكن التخلي عنهما، وهما يمثلان عمقا وارتفاعا استراتيجيين ضروريين حتى في ظل امتلاك السلاح النووي، والتخلي عنهما هو انتحار لإسرائيل، وهما من القضايا غير القابلة للتفاوض. ويرى ايضا أن الاستيطان حق لكل يهودي، ولا دولة فلسطينية غرب النهر.
وحتى لا تتهم هذه المدرسة بأنها من دعاة الحرب ، تحدثت عن السلام وشرحت معناة، فالسلام لا يكون الى مع الديمقراطيات، أما الدكتاتوريات والأنظمة الشمولية فال بد من إشهار السلاح في وجهها، وهنا يقدم درسا في الأخلاق للدول الغربية بأن عليها مساعدة اسرائيل لأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.
إن من أهم المخاطر التي غذتها الصهيونية الجديدة هي إحياء مفهوم السيادة اليهودية بدلا من السيادة الاسرائلية على الأرض المحتلة، وبذلك صبغ المفهوم القومي بصبغة دينية حيث أصبح التخلي عن أي قطعة من أرض فلسطين يتعارض مع جوهر العقيدة اليهودية.
التفوق: يوفر التفوق لصاحبة إمكانيات التحدي ويتجسد ذلك في المحصلة النهائية لميزان القوى بين الطرفين، ولتحقيق ذلك فإن اسرائيل تعتمد مفهوم الجندي الذكي والسلاح الذكي، ولدى إسرائيل بعض الامكانات التي تساعدها على بلوغ هدفها هذا، فهي تجسد مجتمعا متقدما في صناعته العسكرية.
أسلحة الدمار الشامل: تتبع أسرائيل ما يعرف بسياسة الغموض النووي،ولقد كانت عبارة " أن إسرائيل لن تكون أول دولة تدخل اسلحة نووية في منطقة الشرق الأوسط ولن تسمح أن تكون الثانية "،احدى ركائز الغموض النووي والهدف منها الردع بالشك ، إلا أن المؤكد اقليميا وعالميا إن اسرائيل تمتلك ما يزيد عن 200 قنبلة نووية من عيارات مختلفة، كما تمتلك قدرات متطورة جدا وكميات كبيرة من الأسلحة الكيموية والجرثومية، بالاضافة الى وسائل ايصالها الى أي نقطة في الجغرافيا العربية.
العزل والتطويق: شكلت كل من تركيا وايران واثيوبيا تحديا للعالم العربي على الرغم من الإرث الحضاري والتاريخي المشترك،ادركت إسرائيل ذلك فوضعت استراتيجية محددة تهدف الى إحاطة الوطن العربي بطوق يخلق ويبث ويعقد المشكلات بين الدول العربية وجوارها،وأوصى بنغوريون قبل موته بتوثيق علاقات ا لتعاون مع اهم الدول المحيطة بالوطن العربي تطبيقا لسياسة شد الأطراف.
لجملة الاسباب اعلاة وغيرها الكثير تبقى إسرائيل هي التحدي الأخطر الذي يواجه الأمة العربية، ولكن هل سينجح الربيع العربي في إعادة توحيد المواقف العربية تجاه قضاياه المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والخطر الصهيوني القديم الجديد المتجدد.
مهما ألم بالأمة العربية من خطوب تبقى اسرائيل هي التهديد الرئيس للأمن القومي العربي أو على أقل تقدير أمن عدد من الدول العربية حتى في حال الإفتراض أن تسوية الصراع العربي- الاسرائيلي ستتحقق على أساس إنسحاب اسرائيل من جميع الاراضي العربية المحتلة وقيام السلام على تعاقدات والتزامات متبادلة.
فمهما كانت الصيغ الأمنية المتبادلة التي ستنتهي اليها عملية التفاوض والتي ستكون إطارا للسلام فإنه سيبقى سلاما مؤقتا، لأن الصراع العربي الصهيوني صراع حضاري وجودي،ففلسطين التاريخية لا تتسع لوجود قوميتين متضادتين، وتاريخها العربي والاسلامي يحتم أن تبقى عربية اسلامية،وفي المقابل تصر اسرائيل على يهودية الدولة في المدى القصير ويهودية فلسطين في المدى البعيد ، وتبقى إسرائيل هي الخطر الرئيس الذي يهدد الأمة العربية في الحاضر والمستقبل لأسباب عدة منها:
النظرية الصهيونية: يمكن إستخلاص جوهر التحدي من بعض مبادئ الصهيونية ومقومات نظرية الأمن والسلام الاسرائيلي وسياسات حكومات اسارائيل المتعاقبه ومنها:
- القوة فوق الحق وضرورة حتمية لبلوغ أهداف الصهيونية، والعمل السياسي سبيل لتعبئة الطاقات، وإستنادا الى ذلك قرر هيرتزل أن الأمة اليهودية سوف تبقى وغيرها يجب القضاء عليه لأنه غير أهل للبقاء.
- العمل العسكري ضرورة لا غنى عنها لفتح المجال أمام الاستعمار الاستيطاني، والاستعمار الاستيطاني هو الوسيلة للإستيلاء على الأرض وتوسيع دائرة سيطرة الدولة على ما حولها.
- بناء السلام على اساس مصلحة اسرائيل.
وإذا كانت الصهيونية قد تجسدت في دولة إسرائيل كجهاز منفذ لأهدافها فإن طغيان مفهوم الدولة ومصالحها استدعت بعض التمهل في تطبيق بعض المبادئ، مما ادى الى بروز قيادة جديدة تتولى الآن احياء تلك المبادئ وصياغة المشروع الصهيوني بما يتلائم والمتغيرات الاقليمية والدولية.
نصح ريتشارد بيل اسرائيل بإنهاء عملية السلام والبدء بحملة حرب باردة في الشرق الأوسط على النمط الريغاني والتي ادت الى تفكك الاتحاد السوفييتي في حينه،ويمكن لاسرائيل صياغة استراتيجية وعملية سلام تعتمدان على اساس فكري جديد يحتفظ بالمبادرة الاستراتيجية ويعيد بناء الصهيونية.
ويعتبر كتاب "مكان تحت الشمس " لبنيامين نتنياهو المرجع الرئيس للتعرف على الافكار والمبادئ التي تسعى اسرائيل لإحيائها. يرى نتنياهو أن العالم مبني على الخير والشر، ولا سبيل الى الأمن والاستقرار الى بقضاء الخير على الشر، وأن اسرائيل ودول الحضارة الغربية هي الخير وأن اعداء اسرائيل هم الشر ولا بد من انتزاع بؤر الشر من الشرق الأوسط والمتمثلة في القومية العربية والاسلام الاصولي، وأن السلام الذي يمكن تحقيقه هو السلام المبني على قوة الردع، وفي حال فشل هذه القوة فلا بد من إستخدام قوة السلاح لفرضه، ويرى نتنياهو أن قوة اسرائيل تعتمد على السلاح والأرض ولذا فإن هضبة الجولان والضفة الغربية تمثلان جدارا لا يمكن التخلي عنهما، وهما يمثلان عمقا وارتفاعا استراتيجيين ضروريين حتى في ظل امتلاك السلاح النووي، والتخلي عنهما هو انتحار لإسرائيل، وهما من القضايا غير القابلة للتفاوض. ويرى ايضا أن الاستيطان حق لكل يهودي، ولا دولة فلسطينية غرب النهر.
وحتى لا تتهم هذه المدرسة بأنها من دعاة الحرب ، تحدثت عن السلام وشرحت معناة، فالسلام لا يكون الى مع الديمقراطيات، أما الدكتاتوريات والأنظمة الشمولية فال بد من إشهار السلاح في وجهها، وهنا يقدم درسا في الأخلاق للدول الغربية بأن عليها مساعدة اسرائيل لأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.
إن من أهم المخاطر التي غذتها الصهيونية الجديدة هي إحياء مفهوم السيادة اليهودية بدلا من السيادة الاسرائلية على الأرض المحتلة، وبذلك صبغ المفهوم القومي بصبغة دينية حيث أصبح التخلي عن أي قطعة من أرض فلسطين يتعارض مع جوهر العقيدة اليهودية.
التفوق: يوفر التفوق لصاحبة إمكانيات التحدي ويتجسد ذلك في المحصلة النهائية لميزان القوى بين الطرفين، ولتحقيق ذلك فإن اسرائيل تعتمد مفهوم الجندي الذكي والسلاح الذكي، ولدى إسرائيل بعض الامكانات التي تساعدها على بلوغ هدفها هذا، فهي تجسد مجتمعا متقدما في صناعته العسكرية.
أسلحة الدمار الشامل: تتبع أسرائيل ما يعرف بسياسة الغموض النووي،ولقد كانت عبارة " أن إسرائيل لن تكون أول دولة تدخل اسلحة نووية في منطقة الشرق الأوسط ولن تسمح أن تكون الثانية "،احدى ركائز الغموض النووي والهدف منها الردع بالشك ، إلا أن المؤكد اقليميا وعالميا إن اسرائيل تمتلك ما يزيد عن 200 قنبلة نووية من عيارات مختلفة، كما تمتلك قدرات متطورة جدا وكميات كبيرة من الأسلحة الكيموية والجرثومية، بالاضافة الى وسائل ايصالها الى أي نقطة في الجغرافيا العربية.
العزل والتطويق: شكلت كل من تركيا وايران واثيوبيا تحديا للعالم العربي على الرغم من الإرث الحضاري والتاريخي المشترك،ادركت إسرائيل ذلك فوضعت استراتيجية محددة تهدف الى إحاطة الوطن العربي بطوق يخلق ويبث ويعقد المشكلات بين الدول العربية وجوارها،وأوصى بنغوريون قبل موته بتوثيق علاقات ا لتعاون مع اهم الدول المحيطة بالوطن العربي تطبيقا لسياسة شد الأطراف.
لجملة الاسباب اعلاة وغيرها الكثير تبقى إسرائيل هي التحدي الأخطر الذي يواجه الأمة العربية، ولكن هل سينجح الربيع العربي في إعادة توحيد المواقف العربية تجاه قضاياه المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والخطر الصهيوني القديم الجديد المتجدد.