المعلم والنقابة.. من الإضراب إلى الخصخصة..!!
- اعتصم الممرضون جزئياً يوم الاثنين ولمدة ساعتين فقررت الحكومة منحهم علاواتهم وبأثر رجعي , أما العمل الاضافي وصعوبات العمل فهي شأن وزارتهم , وهم يستحقون فهي حقوق مكتسبة وليست مـِنّة من أحد .
المعلمون سبقوا الممرضين بالاعتصام وفي توقيت قاتل , يلامس العمل الوطني وهو امتحان الثانوية العامة , ولمدة أسبوع , لكن وللأسف دون أن تستجيب الحكومة للحد الأدنى من مطالب المعلمين المتمثل بالتصريح الحكومي المسؤول ومن خلال وسائل الإعلام , والذي يكفل الموافقة على تلبية هذه المطالب , وفي هذا الجانب عرض المعلمون ومن خلال وزير التربية أن يتم جدولة ما تبقى من العلاوة لامتلاك المعلمين الحس الوطني وبالتالي شعورهم بالمسؤولية تجاه الموازنة العامة و وضعها المحرج , ولكن لم يقابل ذلك أدنى شعور وطني تجاه المعلمين من الحكومة .
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تتعامل الحكومة مع المعلمين بهذه المنهجية من التهميش والدونية في النظرة لقضاياهم..؟؟ وهل تسعى الحكومة من خلال ذلك إلى ضرب مصداقية وأمان البرنامج التعليمي ضمن الخطة الدراسية السنوية المرتبطة بمواعيد محلية وخارجية لا يمكن تجاوزها..؟؟
الكل يعي رسالة و دور المعلم في بناء الوطن من خلال الانسان المنتمي , ويعي الجميع ما آلت إليه العملية التعليمية برمتها من تشويه بسبب الخطط المستوردة والخاضعة لشروط صندوق النقد الدولي ومراكز قوى عالمية تتحكم فيها اليهودية العالمية , وتتماشى مع مصالحهم في انتاج أجيال أقرب إلى نهجهم , ليكونوا في خدمتهم في مراحل متقدمة من التسوية القادمة في المنطقة بحيث تصبح إسرائيل هي المركز , والتي سترتبط بها كل دول المنطقة بمشاريع إستراتيجية ليصبح الأمر الواقع والمصيري , إستحالة الاستغناء عن إسرائيل وبالتالي السعي إلى حمايتها والمحافظة على ديمومتها.
المعلمون يعدّون العدة لأجل إضراب مفتوح مع بداية الفصل الدراسي الثاني(6/2) , ويعلم الجميع مدى خطورة تنفيذ هذا الإضراب على الأبناء والمجتمع والدولة , وما يثير حفيظة المعلمين أن الحكومة لم تطلق أدنى عبارة إعلامية , ولو من مسؤول حكومي ليشعر المعلمون بالاحترام والاهتمام كما يدّعون في أكثر من مكان وفي أكثر من خطاب .
تسعى الحكومة من خلال المماطلة وعدم الاهتمام والنظرة الفوقية واستخدام أبواق إعلامية إلى تحقيق غايتين وفي آن واحد وهما :
أولاً : تفتيت جسم المعلمين الذي توحد على الفكرة وهي النقابة المهنية لتكون لسان حال المعلمين والناطق باسمهم والمدافع عن حقوقهم , ولقناعة الحكومة أن اللجنة الوطنية هي الأكثر تمثيلاً وامتداداً على أرض الوطن , ولأن هذه اللجنة وقفت نداً أمام الحكومات المتعاقبة خلال حراك المعلمين من الالتفاف على حق المعلمين في وجود نقابة تجمعهم بالمسميات الأخرى , ولأنها اللجنة الوطنية , قد وقفت أيضاً نداً للمخطط المرسوم مسبقاً من صناديق العبودية الدولية بخصخصة التعليم في الأردن فحالت دون إتمام المشروع , ولكن , المشروع لا يزال قائماً في أروقة الحكومات , ومن هنا لا زال التخوف لدى الحكومة من سيطرة هذه اللجنة على الهيئة المركزية لنقابة المعلمين , وهو المجلس المعني باتخاذ القرارات المصيرية , ورسم خارطة طريق النقابة وابراز هويتها الوطنية , وبالتالي لا بد من السعي إلى عدم وصول اللجنة الوطنية بأغلبية , فكان لا بد من سؤال لدى المطبخ الحكومي "ما هو الحل لضرب تماسك هذه اللجنة.. وكيف يتم إقصاؤها..؟؟
نعم هي عملية تفتيت جسم المعلمين الذي إتحد وتجاوز الكثير من الخطوط , فأزال الغبار عن عقدّ من الفساد الكمبرادوري المتآمر , فكانت الاختراقات في صفوف المعلمين وفي اللجان الممثلة لهم , فجعلت منهم دعاة فرقة وتحريض لايجاد الانقسامات العمودية في الفكرة الجمعية للمعلمين , وعذراً لمن كان تفكيره ضيقاً بحدود ذاته أو لجنته , لربما لا يعلم بأي اتجاه تذهب الأمور .
ثانياً : ايجاد حالة من المواجهة بين المعلمين والمجتمع المحلي , على أساس المصالح , فالمواطن يريد لأبناءه ارتياد المدارس وهو مطمئن أن العملية التعليمية بأمان في ظل وجود معلم جاهز لإستقباله كل صباح , بينما المعلم قد أوصلته هذه الطغمة الفاسدة في حكوماتنا المتعاقبة إلى الحالة التي أصبح فيها مستعداً للتوقف عن تقديم رسالته لأجل الدفاع عن مصالحه التي اغتالتها آلة الفساد ورموزه .. وبالتالي إيصال المجتمع المحلي إلى تساؤل كبير وبحجم الوطن , ما هو الحل في ظل ارتباط مستقبل العملية التعليمية ومستقبل الأبناء والأجيال القادمة بمصلحة المعلم الشخصية والمهنية..؟؟
ويغفل البعض من المجتمع , ومن المعلمين , أن هذه الحالة هي من صنيع الحكومة , ولكن , لماذا؟؟
المجتمع يحرص على سلامة التعليم لأنه أساس بناء الفرد والمجتمع , وطريق التقدم ومشعل الحرية , ويعلم أن المعلمين هم من صفوة القوم وقادته نحو التغيير , فالمجتمع يريد الاستقرار في تعليم أبنائه وبناء العقل والنفس المنتمية , ولكن بين ما يريد المعلم وبين ما يريد المجتمع , أوجدت الحكومة المواجهة بينهما , ولتكون عليهم حجة ومن ثم إتمام رسم خريطة المستقبل , فيكون الحل الذي تريد تمريره من خلال الضغط المجتمعي وليس بقرار فوقي , نعم هي مؤامرة خصخصة التعليم وافراغه من مضمونه الوطني , وإنتاج أجيال غير قادرة على الارتباط بالأرض والتاريخ , وإنما ارتباطها مستقبلاً بما هو مستهدف للمنطقة من مشروع إقليمي ينهي الصراع القائم , بتسوية تؤدي إلى أن تصبح إسرائيل مركزاً للمنطقة , وجميع من حولها مرتبط بها عضوياً , ومن ثم سيادة الفكرة "بقائي من بقاء المصلحة" والمرتبطة بديمومة بقاء إسرائيل وبالتالي الحفاظ على أمنها .