محاضرة في منتدى شومان تناقش موضوع اللغة العربية وتحديات العصر

 
المدينة نيوز -  - قال العالم اللغوي التونسي وزير التعليم العالي والبحث العلمي سابقاً الدكتور عبد السلام المسدي ان اللغة العربية تستجمع قواها كي تتخطى عقبة الإشكالات الجوهرية القائمة أمامها.

واضاف في محاضرة القاها مساء الاثنين في منتدى عبد الحميد شومان الثقافي إن اللسان العربي – شأنه شأن سائر الألسنة البشرية – إنما هو بأهله وأهله هم المتكلمون به من الجموع .

وتحدث المحاضر عن التحدّيات التي تواجهها اللغة العربية نتيجة لتراكمات تاريخية , فيها ما هو نابع من طبيعة اللغة العربية بوصفها لغة سامية ذات تكاثرٍ اشتقاقي ، وهو ما يُنتج إشكالات تقنيّة سواء في الطباعة أو القراءة أو التعاطي التكنولوجيّ واستثمار الوسائط المبتكَرة.

واستند في المحاضرة التي قدمه فيها الدكتور خالد الجبر الى ما يتحدث عنه الناس من الفجوة الرقميّة وفيها ما هو مرتبط بالوضع الحضاري الذي آل إليه العرب والذي تبرز فيه إرادات دولية متنفذة تريد إقصاء الثقافات الإنسانية العريقة في ضرب من الثأر التاريخي , وذلك بغية تكريس نسق ثقافي متفرد يجني وحده ثمار الوضع البشري الجديد القابع تحت سطوة العولمة النمطية.

وقال المسدي وهو حاصل على جائزة سلطان العويس في الآداب العام 2009 ويحمل عضوية مجمع اللغة العربية في ليبيا ودمشق والمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون إن اللغة أمر جليل، فمن المفروض أن يكون شأنها عند أمّة العرب أجلّ وأمكن، لكن الواقع التاريخي الراهن يشهد بعكس ما كان من المظنون أن تجريَ به الأحداث.

وتساءل : هل نحن العربَ معنيون بمسألة موت اللغات ؟ وهل اللغة العربية تخوض الصراع مع لغة إنسانية أخرى ؟ فإن هي تخوضه أفترقى المواجهة إلى الحد الذي يصح أن نتحدث فيه عن حرب لغوية ؟ ثمّ هل اللغة العربية تواجه من التحديات ما يهدّدها في وجودها؟.

وبين أن عدد اللغات في العالم اليوم لا يقل بأي صورة من الصور عن أربعة آلاف لغة، وذلك إذا كانت مقاييسنا صارمة في عزل ما قد يكون لهجة من لهجات اللغة الأم، كأن نقتصر في العد والحساب على اللغة العربية الفصحى ونعزل كل اللهجات العامية، فإذا ما وسّعنا دائرة الإحصاء حصلنا على ستة آلاف لغة في العالم، وبناء على ذلك يفضل الدارسون المهتمون باستشراف المستقبل أن يعتمدوا الرقم الوسط : خمسة آلاف لغة بالمعنى التام للغة الذي تخرج من دائرته العامّيّات وكل التنويعات اللهجيّة.

وقال : أن عددا هائلا من اللغات تموت بمعدل 25 لغة كل عام، وقد بات ثابتا لدى العلماء المختصين أن 600 لغة في العالم أخذت طريقها التدريجي نحو الانقراض، وأن النسق الحالي لمجريات الأمور سيفضي – خلال القرن الواحد والعشرين – إلى اندثار ما لا يقل عن ثلاثة الاف لغة.

ولفت إلى أن العلماء المختصين منزعجون من هذا المشهد اللغوي في الواقع الإنساني قاطبة، وبصرف النظر عن دوافع الحنين أو بواعث الحميّة فإن هؤلاء العلماء يتحسرون لظاهرة الانقراض من موقع العلم الخالص، فكل لغة تموت تحرمنا من اكتشاف نسق محدد ومخصوص من منظومات العقل البشري، حيث تتوالج المقوّمات اللغوية والنفسية والإدراكيّة، ثمّ إن تلاشي بعض اللغات يعطل مشروع علم اللسانيات.

( بترا)