حتى لا تصبح العشائرية راعية للفساد
تشكل العشائر في مجملها النسيج العام للمجتمع الأردني وقد كانت عبر تاريخ الدولة أحد أهم ركائز الاستقرار لكن ما نشاهده في السنوات الأخيرة أن بعض هذه العشائر أصبحت ترى نفسها فوق الحكومة وبعضها أخذ يعامل الحكومة كند له فيحاول الحصول منها على بعض الامتيازات
ومن المؤسف أن الضعف الحكومي وتفشي الفساد ساعدا في تعالي قوة العشائر في وجه الحكومة فأصبحنا نرى بعض هذه العشائر عند إقدام الحكومة على القبض على مجرم ما يقوم بعض أفراد العشيرة التي ينتمي إليها ذاك المجرم بحرق بعض الأماكن العامة أو بقطع بعض الطرقات ولا تهدأ الأمور حتى يتم إطلاق هذا المجرم بل وصل الأمر في بعض الحالات إلى أن جهاز الأمن العام أصبح يقدم عطوات أمنية لبعض العشائر في حالة ما إذا أقدم شرطي على إطلاق الرصاص على مجرم خطر فأصابه أو قتله
الأخطر من ذلك أن هذه العشائر والتي يتشكل منها الشعب الأردني ترفع صوتها مطالبة بمحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين لكن عندما يتم القبض على مسؤول فاسد من أبناء هذه العشيرة أو تلك فإننا نرى هذه العشيرة تقف إلى جانب هذا المسؤول الذي ينتمي إليها فتتحول إلى داعمة إلى هذا الفاسد
لا أحد يقول للعشائر أن لا تقف مع أبناءها لكن يجب أن يكون ذلك وفق القانون فعلى العشائر أن لا تقدم الحماية والدعم لأولئك الفاسدين الذي عاثوا في مقدرات البلاد فساداً ونهباً بل عليهم ترك الأمر للقضاء فهو الفيصل الذي سيحكم في كون هذا المسؤول فاسد أم لا أما الوقوف مع الفاسدين لمجرد الانتماء العشائري حتى وإن كانت أدلة جرمه وفساده واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار فهذا في حد ذاته يشكل ضربة من تلك العشيرة للدولة ومؤسساتها
فعلى العشائر أن تدرك بأن هذا المسؤول الفاسد عندما كان يقدم على فساده أنه لم يكن يفكر لا في عشيرة ولا في دولة ولا في وطن ولا في مواطن بل كان جلّ تفكيره منحصر بأمر واحد وهو كيف يضخم ثروته وأرصدته البنكية في البنوك الأجنبية ولذلك فإن على العشائر أن تفكر في سيادة الدولة والقانون وأن لا تنظر إلى محاكمة أو اتهام أحد أبناءها الفاسدين إلى أنه اتهام لكل العشيرة فالفاسد لا يمثل إلا نفسه وجرمه عار عليه وحده ...