بائع سوري يخوض بمفرده حربا ضد الاسد من مدينة بريطانية

تم نشره السبت 17 آذار / مارس 2012 11:36 صباحاً
 بائع سوري يخوض بمفرده حربا ضد الاسد من مدينة بريطانية

المدينة نيوز -  أصبح رامي عبد الرحمن وهو صاحب متجر سوري بمدينة كوفنتري البريطانية بالنسبة لكثيرين وجها للانتفاضة السورية ضد الرئيس بشار الاسد. انه محارب وحيد.

على بعد الاف الاميال من وطنه يدير عبد الرحمن من منزل صغير مستأجر في كوفنتري جماعة للنشطاء تعتبر الابرز في سوريا والتي أصبح عملها محوريا بالنسبة للطريقة التي يتم بها تغطية الانتفاضة وفهمها في العالم.

ومع حظر دخول المراقبين الاجانب والصحفيين الى سوريا تعتبر شبكته التي تتألف من أكثر من 200 ناشط منتشرين في الاماكن الاكثر اضطرابا في البلاد المصدر الاشهر -وان كان الاكثر اثارة للجدل- للمعلومات في الصراع المستمر منذ عام.

كل يوم تتدفق التقارير عن القتلى وأعمال العنف من سوريا عبر شبكته السرية التي تعتمد على متصلين لا يكشفون عن أسمائهم يعملون من منازل امنة بمعاقل المعارضة في حمص وادلب الى منزل عبد الرحمن المؤلف من غرفتين بمدينة كوفنتري.

ورغم أنه يرأس ما يعرف عالميا باسم (المرصد السوري لحقوق الانسان) الا انه يعتمد بشكل شبه كامل على نفسه بمساعدة بضعة مساعدين في استقبال روايات الشهود والبيانات والتسجيلات المصورة التي يلتقطها هواة من مواقع الاشتباكات والتحقق منها.

وفي شقته الصغيرة الهادئة التي يجلس بها وحيدا كثيرا ما تتخلل اتصالاته بأعضاء شبكته على الارض أصوات اطلاق نار وانفجارات بفعل القصف.

يقول عبد الرحمن بائع الملابس الذي لا يستخدم اسمه الحقيقي لحماية اسرته "انا رجل بسيط... أعمل في مكتبي. هذا جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي وهذه هواتفي. لا أحتاج الى أشخاص كثيرين."

ويضيف وهو يجلس أمام جهاز الكمبيوتر وقد ركز عينيه بشدة على الشاشة انه يعيش في عالم مليء بالاعداء.

وتتوالى الهجمات على عبد الرحمن من كل الاطراف. اذ قالت حكومة الاسد انه يكذب كما شنت الالة الدعائية القوية حملة ضده في التلفزيون الرسمي السوري. وهدد مؤيدو الاسد علنا بقتله.

ويخيم على عمله شعور دائم بأن عملاء الاسد ربما يراقبونه حتى في بريطانيا. وتلقى عبد الرحمن وهو مواطن بريطاني وابلا من رسائل التهديد عبر البريد الالكتروني.

وقال عبد الرحمن "عندما تكون عرضة للهجوم من جانب جهات مختلفة كثيرة فهذا يعني أنك تسير على الطريق الصحيح... عندما تقول الحقيقة يكون لك الكثير من الاعداء."

لكنه مع ذلك يتعرض ايضا للهجوم من جانب معسكر المعارضة. اذ يتهمه بعض أنصار المعارضة بأنه يتعامل بحذر أكثر مما ينبغي فيما يتعلق بأعداد القتلى في حين يلومه اخرون بأن أعداد القتلى التي يعلنها تتضمن قتلى قوات الاسد مما يشوه قضيتهم.

ويقول عبد الرحمن (40 عاما) انه يشعر بالثقة لاسباب منها أنه يحظى بدعم منظمات حقوقية دولية مثل منظمة العفو الدولية التي تؤيد بقوة عمله بصفته مصدر موثوق به ويمكن الاعتماد عليه. وتستخدم معظم المؤسسات الاخبارية الاجنبية أيضا الارقام الصادرة عنه.

وقال جيمس لينش المسؤول الاعلامي لمنظمة العفو الدولية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا "نتبادل المعلومات عن حقوق الانسان مع رامي عبد الرحمن من المرصد السوري بانتظام الى جانب عدد من المنظمات المماثلة."

وتابع "بوجه عام نرى ان المعلومات التي يزودنا بها موثوق بها وغير منحازة."

وتعكس الخلافات بين الشخصيات المنفية خارج سوريا سواء في بريطانيا أو أماكن أخرى انقسامات سياسية أوسع نطاقا بين حركة المعارضة السورية المتشرذمة وخاصة فيما يتعلق بقضية التدخل العسكري وتوصيل المساعدات الانسانية.

وأسس واحد من أشد معارضي عبد الرحمن وهو مصعب عزاوي الطبيب الذي تحول الى ناشط مرصدا منافسا في لندن لتوثيق الانتهاكات في سوريا وشكك في مصداقية عبد الرحمن. وتقوض الانقسامات المستمرة الجهود لتوحيد حركة المعارضة.

وقال عزاوي لرويترز "أوافق على ان توحيد قوى نشطاء حقوق الانسان أفضل... (لكن) اذا لم أثق في زميلي لماذ أضيع وقتي..."


 وأضاف قائلا "في مسار أي ثورة كان هناك نوع من الاستقطاب. لم تكن المعارضة في الحرب الاهلية الامريكية موحدة.. لم تكن المقاومة الفرنسية ضد النازي موحدة.. لم تكن المعارضة الليبية موحدة."

وتنزلق سوريا فيما يبدو الى حرب أهلية مما يزيد من صعوبة عمل نشطاء حقوق الانسان وعمال المساعدات الانسانية. وتتعرض معاقل المعارضة لقصف يومي من جانب قوات الاسد وتتزايد أعداد القتلى المدنيين سريعا.

وفي الوقت الذي يبحث فيه العالم سبل وقف واحدة من أطول الانتفاضات العربية وأكثرها دموية أصبحت دقة أرقام القتلى أمرا محوريا للنقاش الدولي بشأن ما اذا كان التدخل العسكري أمرا محتوما في مرحلة ما.

وتقول الامم المتحدة ان قوات الاسد قتلت أكثر من ثمانية الاف شخص خلال الانتفاضة. وقالت مفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين يوم الثلاثاء ان نحو 230 ألف سوري فروا من ديارهم خلال الاثنى عشر شهرا الماضية.

ومع احتدام النقاش يتعرض منهج عبد الرحمن لمزيد من التمحيص. لكن في ظل وجود قلة من المحررين المستقلين يعملون على الارض في سوريا يكون من المستحيل فعليا التحقق من المعلومات الواردة من هذا البلد.

ويدافع عبد الرحمن بقوة عن دقة معلوماته. وزاد عدد فريق شبكته التي شكلها عام 2006 تدريجيا الى أكثر من 200 شخص يصفهم بأنهم "مقاتلون ليس بالسلاح لكن بحقوق الانسان".

ويقول عبد الرحمن الذي سافر الى بريطانيا عام 2000 بعد أن أمضى فترة في السجن لممارسة نشاط سياسي انها قوة موثوق بها ومدربة جيدا. ويضيف انه لا ينشر المعلومات الا اذا تم التحقق منها من مصدرين مستقلين على الاقل.

وتتم الاتصالات عبر خدمة سكايب وهي خدمة هاتفية يصعب تتبعها. ومثل المنظمات السرية الاخرى لا يعرف النشطاء الاسماء الحقيقية لكل منهم ولا أماكن تواجد كل فرد منهم لحماية هيكل الفريق.

وتقول منظمات دولية لحقوق الانسان انها لا ترى سببا يدفعها للتشكيك في مصداقية عبد الرحمن. وقال لينش "عملنا مع رامي عبد الرحمن منذ عام 2007 على الاقل وهذا يعني أنه لم يظهر فجأة من الفراغ."  


 وطبقا لاحصاء عبد الرحمن حتى 12 مارس اذار قتل 6403 مدنيين بينهم متمردون. ويبلغ عدد القتلى من قوات الامن 2370 بينهم 443 من العسكريين المنشقين.

وقال عبد الرحمن "لا (أكشف) عن أسماء أحد. هذا بهدف حماية أمنهم". وقتل ستة من أفراد فريق الاتصالات الخاص به في سوريا منذ بدء الانتفاضة.

ومع ذلك لم تهدأ الانتقادات الموجهة اليه. وكتب شخص على مدونته على الانترنت يتهمه بتلقي تمويل من جهاز المخابرات البريطانية اضافة الى الاخوان المسلمين.

وكشف بيان اخر أذيع على الانترنت عن الاسم الحقيقي لعبد الرحمن ووصفه بأنه "رجل يقيم في كوفنتري كانت مهنته الاصلية تركيب الاطباق اللاقطة."

ووصفه البعض بأنه رجل محترف دعاية يبحث عن دور بارز في المستقبل في حكومة ما بعد الاسد. وشكك اخرون في منهجه وطريقة عمله قائلين ان أرقامه وبياناته غير دقيقة.

وصبت روسيا وهي حليف قوي للاسد مزيدا من الزيت على النار بوصف المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يرأسه عبد الرحمن بأنه جماعة غير موثوق بها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش لوكالة أنباء ريا نوفوستي الرسمية "هذه (الجماعة) يرأسها رامي عبد الرحمن وهو شخص لم يحصل على تدريب في مجال الصحافة أو القانون ولم يكمل حتى تعليمه الثانوي."

ونفى عبد الرحمن جميع الاتهامات بما في ذلك الشائعات عن تمويله. وقال "النظام السوري يقول انني أحصل على أموال من جهاز المخابرات البريطاني (ام.اي.6) ويقول اخرون انني أحصل عليها من الخليج. أنا لا أحصل على تمويل من أي أحد في العالم."

ومضى يقول "لا أريد الحصول على أموال من أي بلد... لا أحد يمنح أموالا مقابل لا شيء. أريد أن أكون مستقلا. عندما تكون مستقلا تستطيع أن تقول ما تريد."

وقال عبد الرحمن ان صداعه الاكبر يتمثل في عزاوي الطبيب الاستشاري المقيم في لندن والشخصية المعارضة البارزة الذي قاد حملة من أجل فرض حظر جوي على سوريا. وندد عزاوي بمرصد كوفنتري ووصفه بأنه غير أمين.

ويبدو أن الكثير من الخلافات بينهما شخصية لكنها أحدثت استقطابا بين السوريين في بريطانيا مع تزايد الاتهامات بين لندن وكوفنتري.

وتعكس الخلافات انقسامات أوسع نطاقا بين المعارضة السورية في المنفى وخاصة تجاه قضية التدخل العسكري.

فقد دعا المجلس الوطني السوري وهو مظلة تمثل المعارضة الى تدخل غربي وتوجيه ضربات جوية لكن الكثير من الشخصيات المعارضة مثل عبد الرحمن لا توافق على ذلك وتقول ان الاسد يجب أن يسقط بأيدي الشعب السوري.

وتتزايد حدة التوتر بين السوريين في المنفى مع تزايد اراقة الدماء في مدنهم وبلداتهم. ومع استمرار قبضة الاسد القوية على السلطة يخشى كثيرون أيضا من تسلل عملاء أمنيين بينهم.

وقال محمد بدر أحد أفراد الجالية السورية الذي يملك مطعما في لندن تعرض لمضايقات محدودة "يوجد هنا مؤيدون للاسد أيضا. انهم يراقبون... بعض الاشخاص تلقوا تهديدات."

وفي لقاء مع رويترز في مقهى بغرب لندن ندد عزاوي الذي سافر الى بريطانيا عام 2008 بقوة بما يقوم به عبد الرحمن قائلا ان رفض منافسه في كوفنتري نشر أسماء الضحايا أثار الشكوك.

وتابع عزاوي قائلا "اذا ذكرت أعدادا (فقط)... فعندئذ أنا لا أعطيك فرصة لمراجعتي مستقبلا."

وردا على سؤال عن طبيعة الخلاف بينهما بدا رده غامضا وقال "لا أريد للخلافات الداخلية أن (تقوض) قضية الانتفاضة السورية."  

تقول جماعة عزاوي انها تضم أكثر من 200 نشط على الارض. ويقترب العدد الاجمالي لقتلى الانتفاضة الذي تعلنه من العدد الذي أعلنه مرصد عبد الرحمن. وأسست موقعا منافسا على الانترنت بنفس الاسم ولا يحظى مرصد عزاوي بنفس شهرة مرصد عبد الرحمن كما أن الجهات التي تنقل عنه بيانات أقل من منافسه.

أما أكثر ما يؤلم عبد الرحمن فهو أسرته التي انقلبت عليه اما بدافع الخوف واما بسبب شكها في عمله.

يقول عبد الرحمن "جميع أفراد أسرتي توقفوا عن الاتصال بي. لم تعد أمي تتحدث معي على الاطلاق".

وقال عبد الرحمن الذي يبدو مرهقا ولا تكف هواتفه الموجودة على المائدة عن الرنين ان الكثيرين في بلدته بانياس خائفون وتعرضوا لعملية غسل مخ بفعل الدعاية الرسمية.

وأضاف "لقد هاجمني أخي في التلفزيون الرسمي. أخي الثاني الذي يعيش هنا في نفس المدينة (كوفنتري) يخشى زيارتي في منزلي". وأضاف ان والده (88 عاما) هو الوحيد من أسرته الذي أيده ودعمه في عمله.

وتوقف عبد الرحمن برهة وهو يجول ببصره في الغرفة ويقول "في نهاية المطاف أنا سعيد لاني أعتقد انني أقوم بعمل جيد للشعب السوري. لذا حين تموت فانك تعلم أنك قمت بشيء جيد في حياتك."  ( رويترز )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات