قصة قصيرة منار حافظ إسماعيل

تم نشره الأحد 01st نيسان / أبريل 2012 08:28 مساءً
  قصة قصيرة  منار حافظ إسماعيل


المدينة نيوز - هل أصبحت كلمة تحفرها القلوب.. بدماء سطرتها الشعوب على قلب مسلم عربي جريح؟ هل صرت رسما ترسمه الأنامل على جدار الحزن خطته سنابل؟..

- سنابل..أين أنت يا سنابل؟
- هل من أحد ينادي على سنابل؟
- الحمد لله أنك لا زلت تسمعين...
- ماذا تقصدين؟
- أقصد أنه قد بحّ صوتي وتقطّعت أوتاره وأنت لا زلت تستفسرين إن كان أحدهم يسأل عن سنابل؟!!
- آسفة، لكن حقا لم أكن لأسمعكِ وإلا فهل أجرؤ على أن لا أركض لأقبل يديك وأطلب منك رضاك؟!..
- الله يرضى عنك يمّا، لكني أريد أن أعرف أين كنت؟
- كنت أرسم على جدار الصمت آهاتي، وأغزل من حكايا الجدات دَمْعاتي..كنت أخيط اسم فلسطين ولكن على الحجر..
- أنا أخاف عليك، ألم أقل لك إن الرسم على الجدران بات ممنوعا..والاقتراب منه لم يعد مسموحا؟
- نعم، وعرفت أن الهواء بات أيضا عني مقطوعا..وعيوني لا تستطيع إلا أن تتشبث بجدران الماضي، أُحب هناك..حيث أرضنا المنهوبة..وعطر لعشق صار مسلوبا..حتى قبره جعلوه مقلوبا، أحب هناك.. وأُمنع حتى أن أرسم حلما...أتعلمين يا أمي إن متُّ يوما أو قُطعت أطرافي فإن روحي سترسم على هذا الجدار أحلامي.. وإن تحقق أهم حلم في أحد الأزمنة وهدم الجدار فسترتقي رسومي إلى السماء وتعانق المساء وروح حبيبي الذي سلبوه مني قبل يوم واحد من الزفاف...
- إلى متى ستبقى ذكراه عالقة في بالك؟ انظري إلى نفسك إن عمرك يمر سراعا، وغدا ستجدين نفسك وحيدة مع أحلامك...
- أجل هي الأيام تطوى، والأحلام تبقى عالقة في البال لا تمحا.... أنا شخصيا أحب أن أعيش مع أحلامي وأرسمها وأكتبها خطوة فخطوة كاندفاع طفل يكتشف الحياة ويَخطَ خطواته البطيئة المتسارعة عليها دون ملل...
أتعلمين يا أمي: قلوبنا المنسية وقصصنا التي لا نحكيها إلا لأنفسنا كلها هناك؟...
- ما أعلمه أن لك قلبا رقيقا لا يحتمل الأسى ولكني لا أدري كيف استطعت أن تظلي حبيسة آهاتك؟!
آن لك أن تعيشي ذاكرة جديدة وأحلاما سعيدة، لقد آن لقلبك أن يستقبل حياة أحلى...
- يا إلهي كم تستقبل قلوبنا من زوار! بعضهم خفيف الظل و آخر نستعجل رحيله، لكنهم في النهاية كلهم
يرحلون..أجل يرحلون سواء طال مكوثهم أو قصر؛ فهم مجرد ضيوف فتحنا لهم أبواب قلوبنا، إلا أننا
في النهاية سنسعى جاهدين وبكل الطرق الودية إلى أن يعودوا سالمين من حيث أتوا؛ لأنه وباختصار لم
يعد لهم في قلوبنا متسع..ولكن هناك وفي داخل قلوبنا أيضا يزورنا ضيف لم نتوقع أن يصبح توأم
الروح..يختلط بنبضات قلوبنا..ويسكن كل لحظة حب أو كره عشناها..يصبح جزءا من هذا القلب، فإن
حاول الابتعاد سيتوقف نبض القلب لبرهة، فإن خرج منه فذلك يعني أن هذا القلب قد مات وصار أشلاء
مبعثرة....
سأجمع أشلاءك يا قلبي مجددا وأرسم روحي داخل لوحات الوطن.. سأقص كل أقاصيصي داخلها لتصبح أجمل لوحات عرفها تاريخ البشر، ثم سأبيعها على بسطة عمري الضائع والمقهور.. سأبيعها لك وحدك يا حبيبي فأنت وحدك من يقدرها ويصونها داخل المقل...
سأجمع ثمن الدماء التي سالت منك يا عمري، ستكون غاليا أكثر مما ظنوا أو اعتقدوا فأنا لا أبيع عمري إلا لأغلى شخص وبأغلى ثمن...
- ماذا ستفعلين؟
- غدا ستعلمين؟

جديلة من قمح ذهبية كونتها جديلة الصبيّة.. داعب شَعْرها الهواء وفتحت شفاهها لِتُقَبّل الماء.. لكنها ما ارتوت إلا من الدماء؛ تلك الدماء التي خطّت على قلب مسلم عربي جريح! نمت ونمت حتى صارت ناضجة.. وأصبح طعمها أشهى.. والخبز من سواها لا يؤكل.. هذا أكيد فهي صناعة فلسطينية.. ودمغة لا تمَّحي من على جسد الضحية.. وإن كنتم لا تعرفون الضحية فإنّ سنابل تثبت لكم أنه فلسطينيّ الهويّة......

اليوم روح سنابل تعانق المحبوب في جنان الخلود.. وترسم بهدوء اسم فلسطين التي لن تكون يوما مجرّد كلمة.. ولن تكون مجرد رسمة... إنها فلسطين التي تعيش فينا... إنها الكلمة، ورسمة للحب لوّنتها عذابات السنين.. إنها الروح والجسد.. إنها الأرض والعرض والكبد.. إنها البلد التي هي أغلى من الولد........
سنابل روحها هناك في السماء عانقت المساء كما أرادت بعد أن هدمت ولو جزءا من الجدار وفكّت الحصار عن عمرها السليب...
روحها حلّقت بعد أن ماتوا كحراس بلهاء مرسوم على جبينهم عبارات الصهيونية على أحد بوابات الحراسة الليلية عند جدار عازل يتسم بالعنصرية.. لكنها كسنابل القمح الذهبية استطاعت اختراقه لتلتقي مع الحبيب في مكان واحد فيُقام عرسها ويكون مهرها دم الضحية نهديه لفلسطين الأبيّة...

 منار حافظ إسماعيل



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات