تنورة قصيرة وحجاب
كنت أتجول في أحد الشوارع المكتظة بالمتسوقين----- كان يوما جميلا ومشمسا تتخلله نسائم الهواء العليل---- نعم انه يوم يطيب فيه التجول والترحال ---- . نظرت الى من في السوق فوجدتهم مشغولين كل في قضاء حوائجة---- فهذا شاب يمشي مسرعا الى جامعتة---- وهذا شاب يجلس على الرصيف سارحا يدخن سيجارة ------- وهذه فتاه تمشي باستحياء----- وأخرى تمشي باستعلاء---- وهذه عجوز تمد يدها للناس من العوز والحاجة----- وهناك مجموعة شباب تجلس في مقهى على جانب الطريق يحتسون فنجان من القهوه---- ولا تنسو الارجيلة----!
وهذا شاب يهرول لعله يلحق صلاة المغرب جماعة في المسجد----- وهذا سائق تكسي يخالف كل أنظمة السير ويتجاوز عن السيارات مسرعا لعلة يحصل على رزق غير ما كتبه الله له من رزق----! وهذه فتاه تتناول الطعام في المطعم وطفل صغير ينظر اليها عبر زجاج المطعم ------------! وشاب لم يجد وقتا لتناول الطعام جالسا فتنااول طعامة وهو يمشي مسرعا---- !
صخب وحياة تملأ أجواء هذا الشارع----- ولكنه صخب جميل وممتع----- ما كان ينغص جمال هذا الشاارع بكل ما فيه من ايجابيات وسلبيات هو صوت زوامير السيارات------!
لكن فجأة حل صمت غريب في المكان---- ماذا يجري ____؟ لم أعد أسمع إلا القليل من زوامير السيارات ---- حاولت أن ابحث عن سبب هذا الصمت المفاجئ---جميع من في الشارع كانوا ينظرون في إتجاة واحد ---- من في المقهى ومن في المطعم وحتى من في داخل السيارات ----كلهم ينظرون بنفس الاتجاة وبتمعن وبصمت غريب----كانت ترتسم على وجوههم علامات لم استطع ان افسرها في وقتها ------------
بكل صراحة خفت ان ألتفت خلفي حتى أشاهد ما ينظر اليه كل من في الشارع كبارا وصغارا--- نساءا ورجالا ----!
قلت لنفسي انه من المؤكد لحدث جلل ما جعل الكل يصمت بهذه الطريقه--------!!!
حاولت استراق نظرة للخلف وانا امشي لعلي أجد إجابات لما يدور من حولي----ولكن ما هذا ---؟
توقفت عن المشي وأخذت أنظر الى ما ينظر إليه جميع من كان في الشارع--------- لم أعد أقوى على الكلام أو حتى التعليق----- إنها فتاة تمشي في الشارع بإستعلاء, وتدك الارض تحت كعبها العالي وكأنها تقول (( يا أرض إشتدي ما حدى قدي)).
صدقوني انها لم تكن جميلة بل أقل جمالا من أي فتاة كانت تمشي في الشارع-----سيسألني بعضكم إذا لماذا جذبت انتباة الكل---
لقد كانت هذه الفتاة ترتدي حجابا أقل ما قد يقال عنه انه مثالي ورائع ولكن هذا فقط من الأعلى -------!!!!
فمن الاسفل كانت ترتدي تنورة قصيرة لا تكاد تستر إلا جزءا يسيرا من ساقيها العاريتان-----!!
منظر يثير الإشمئزاز قبل ان يثير التعجب والحيرة---- نعم الآن استطعت ان أفسر ما كان يرتسم على وجه الجميع---- انه الاشمئزاز----!
يا سيدتي من أجبرك أن ترتدي الحجاب مخطئ , لأن الحجاب حياة وسلوك أخلاقي قبل ان يكون من تعاليم ديننا الحنيف------ يا سيدتي صدقيني لو لم ترتدي الحجاب ولبستي تنورة قصيرة او ما هو اكثر اثارة لما انتبه اليك كل من في الشارع كما حصل معك----- لإنك خرجت عن المألوف----
أنت كمن أحضر حمارا الى مزرعته وألبسة عرف ديك وقال لجيرانه ستسمعون غدا صياح الديك مع بزوغ فجر يوم جديد ------- ولكنهم استيقضو فزعين من نهيق الحمار-----!
مالسبب الذي جعل المرأة المسلمة العفيفة الطاهرة تتجرأ وتتمادى .. ؟ أين العفة والحياء؟ بل أين الله في قلبها ..؟
إلى متى ستظلين هدفا لسهام مسمومة، والأعين المحمومة؟--- الى متى هذا الاستهزاء بتعاليم ديننا الإسلامي وتقاليد مجتمعاتنا المحافظة---- إلى متى هذا التناقض والسفور في ما تلبسين----
أين أنت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :- ( صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات ، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها توجد من مسيرة كذا وكذا )
لن اتناول هذا الموضوع الذي شاع في شوارعنا وبين بناتنا من ناحيه دينيه لأننا جميعا نعرف ما هو اللباس الشرعي----!
ولكن اصبحنا نشاهد الكثير من البنات يرتدين الحجاب على ملابس لا تستر شيئا من الجسم------من قال ان الحجاب هو تغطيه شعر الرأس فقط----؟
سأتناول الموضوع من الناحيه الجماليه التي تبحث عنها معظم البنات من ارتداء هكذا ملابس----
تخيلي نفسك يا سيدتي تذهبين لشراء قالب من الحلوى , لتجدي صاحب المحل يزين القالب بشرائح الطماطم-----! هل ترغبين به ----؟من المؤكد سيكون جوابك لا---- ولكنك ستقفين أمام هذا القالب لدقائق تتمعنين به وتسألين نفسك لماذا هذا التناقض-----؟
الآن مع ان القالب مزين بطريقة جميلة ورائعة ولكن غريبة ومتناقضة , سيأتي العامل الذي يعمل في المحل وبكل لباقة ولطف سيقدم لكل قطعة صغيرة من هذا القالب الجميل لتتذوقي طعمها-----
هل ستأكلي منها --------؟ من المؤكد لا-------------- لماذا---؟
لأنها تثير الاشمئزاز فكيف نأكل الطماطم مع الكريمة والحلوى----؟ انه شيئ لا تتقبله النفس مع ان منظرة جميل------
هل اقتنعتي يا سيدتي ان جمالك لا يكون بالتناقض , فإما ان تكوني متحجبة بمعنة الكلمة وهناك ما هو جميل جدا ورائع من الملابس الشرعيه, وإما ان تلبسي ما تشائين من ملابس لا تستر شيئا منك . وحسابك عند الله تعالى-
فلتكن ملابسك متناسقة ووقتها فقط لن تكوني غريبة بين الناس ولن تكوني محط لإشمئزاز الآخرين-----
يا سيدتي--- جميعنا عندما نذهب الى اللحام نتفرج على اللحم المعروض والمكشوف للجميع , نتفحصه بأعيننا , وقد نتفحصة بأيدينا---
ولكننا عندما نختار سنختار اللحم المغطى والمخبأ في الثلاجة لأنه أنقى وأطهر ولم تلوثه ايدي العابثين------!
يا سيدتي ألم تسمعي ماذا اجابت الناشطة اليمنيه توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام عندما سألها الصحفيون بعد إلقائها محاضرة علميه في إحدى الجامعات الأمريكية , وكانت قد أعجبت الحضور بعلمها---
سألها الصحافيون مستغربين أن لباسها لا يعكس مدى علمها ظنا منهم ان الحجاب رمز تخلف ورجعية
فأجابتهم بكل بساطة و ذكاء قائلة : إن الإنسان في العصور الأولى كان شبه عاري
ومع تطور فكره عبر الزمن بدأ يرتدي الثياب , وما أنا عليه اليوم وما أرتديه هو قمة الفكر والرقي الذي وصل إليه الإنسان عبر العصور وليس تخلفا .
أما العري فهو علامة التخلف والرجوع بفكر الإنسان إلى العصور الأولى.
ألم تسمعي قول الشاعر حين قال مخاطبا من يرتدين ما هو متناقض من الملابس :-
قالتْ ، وفي أجفانها كَحَلٌ *** يُغْري ، وفي كلماتها جِدُّ :
عربيةٌ ، حرِّيَّتي جعلتْ *** مني فتاةً مالها نِـدُّ
أغشى بقاعَ الأرض ما سَنَحَتْ *** لي فرصةٌ ، بالنفس أعتـدُّ
عربيّةٌ ، فسألتُ : مسلمةٌ *** قالتْ : نعم ، ولخالقي الحمدُ
فسألْتُها ، والنفسُ حائرةٌ *** والنارُ في قلبي لها وَقْدُ :
من أينَ هذا الزِّيُّ ؟ ما عرفَتْ *** أرضُ الحجاز ، ولا رأتْ نجدُ
هذا التبذُّلُ ، يا محدِّثتي *** سَهْمٌ من الإلحادِ مرتدُّ
فتنمَّرتْ ثم انثنتْ صَلَفاً *** ولسانُها لِسِبَابِهَا عَبْدُ
قالت : أنا بالنَّفسِ واثقةٌ *** حرِّيتي دون الهوى سَـدُّ
فأجبتُها _ والحزن يعصفُ بي - : *** أخشى بأنْ يتناثر العقدُ
ضدَّان يا أختاه ما اجتمعا *** دينُ الهدى والفسقُ والصَّدُّ
والله ما أَزْرَى بأمَّتنَا *** إلا ازدواجٌ ما لَهُ حدُّ
وفي الختام لا تنسي يا سيدتي قول الله تعالى في محكم تنزيلة :-
(( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون )) . صدق الله العظيم