فضيحة في الأردن..!
ما كتبته الزميلة الصحافية آمال الضامن "العرب اليوم 31/5/2012 " حول أجور عاملات تستخدمهن وزارة التربية والتعليم كـ "آذنات " في مراكز محو الأمية وبأجر شهري يبلغ عشرة دنانير، يشكّل، إذا كان صحيحاً، إهانة بالغة للبلد، وليس لهؤلاء العاملات فحسب.. ويجسّد صورة لنمط تفكيري خال من المنطق والتربية والإنسانية، وهي أكبر من فضيحة مراكز الرعاية الخاصة التي أغضبت الملك، والتي تحمّلت مسؤوليتها وزارة التنمية الاجتماعية، فكيف يمكن أن نتصور أجوراً في المملكة إلى هذا الحد من الإذلال والإسفاف والسخرية والإهانة للإنسان، إلاّ إذا كان محكوماً على هؤلاء الآذنات البالغ عددهن (350) مواطنة أردنية بالسجن مع الشغل والنفاذ مع حرمانهن من وجبات الطعام والملبس والمسكن..!!؟
أعتقد أن هذا الموضوع "الفضيحة " يجب أن يستنفر الحكومة بكامل طاقمها بدءاً من رئيس الحكومة مروراً بوزير التربية والتعليم والأمينين العامين للوزارة، وانتهاءاً بالمسؤول عن إدارة مراكز محو الأمية، وتحديداً الشخص أو اللجنة التي حددّت هذا الأجر، وكل مسؤول في الوزارة وقّع على صرف مطالبة شهرية بهذا الراتب الكبير..!! فلا يجوز بحال أن تحدث مثل هذه الفضيحة الإنسانية الصارخة دون محاسبة المسؤولين، كون منْ وقعت عليهن الإساءة ينتمين إلى جنس يسمى "الجنس البشري " وليس إلى جنس آخر، ولو افترضنا أن الوزارة استخدمت جنساً آخر مثلاً لا ينتمي للبشر، كأن تستخدم "دابةً " أو "كلبةً " أما كانت ستوفيها حقها كاملاً فيما يتعلق بإطعامها وسقايتها وإيوائها حد الكفاية..!!؟ وثانياً كونهن مواطنات أردنيات، وثالثاً كونها تحدث في بلد هاشمي الأصول والجذور يتفاخر بأنه يحافظ على حقوق الإنسان ويصونها وبخاصة الإنسان العامل، وهي أكبر انتهاك لحقوق الإنسان العامل، لا بل أكبر انتهاك للمواطَنَة في البلاد، والمفارقة أننا بالأمس فقط أطلقنا مبادرة أرضية الحماية الاجتماعية كأول دولة في المنطقة تتبنى هذه المبادرة الأممية الرامية إلى حماية الإنسان وتمكنيه من العيش الكريم، وكان إطلاقها بمشاركة وزارة التربية والتعليم..!!
لا تكفي الاعتذارات ولا حتى الاستقالات، وفي كل مرة ندعو الملك أن يتدخّل.. وفي كل مرة نراه أول المنتفضين والغاضبين على انتهاكات أو إساءات أو اعتداءات على حقوق الإنسان تحدث في هذه المؤسسة أو تلك.. وندعو جلالته هذه المرة أن يحاسب المسؤولين المباشرين وغير المباشرين الذين تسببّوا أو سمحوا أو سكتوا على هذه الفضيحة الكبرى.. كما ندعوه إلى تصويب أوضاع العاملات في مراكز محو الأمية التابعة لوزارة التربية والتعليم (وكنت أول من كتب مستغيثاً بالملك لإنصافهن) من معلمات لا تزال أكثر من (350) معلمة منهن يتقاضين (100) دينار شهرياً فقط، ولا زلن محرومات من حقوقهم في الاشتراك بالضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، والحد الأدنى للأجور، والإجازات المرضية مدفوعة الأجر، والتثبيت وغيرها من الحقوق الأساسية..!! كما ندعوه إلى تصويب أوضاع الآذنات العاملات في هذه المراكز بإعطائهن كامل حقوقهن وعلى رأسها الحد الأدنى للأجور والضمان الاجتماعي..
أما الدرس: فما بين "الأنسنة " و "الشيطنة " حجاب حاجز لا يخرقه إلاّ أولئك الذين يسعون في الأرض فساداً.. وأَوْلى أنْ تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف وأن يُنفوْا من الأرض..!!