لتعـــــــــارفوا ...!!
ترى لماذا خلق الله الإنسان؟ سؤال يتبادر إلى الأذهان أحياناً، وسرعان ما تأتي إجابته من البعض بأن الخالق خلق الإنسان للعبادة، مستشهدين بقوله عزوجل :((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) سورة الذاريات الآية 56، كما سنجد آخرين يتهربون من إجابته بحكم أنه من "المحرمات "، والأمور التي لا يجب التفكير بها كثيراً، سؤالنا هنا اليوم هو لماذا خلق الله الناس من أصول وأعراق مختلفة؟ أيضا سيعتبر الكثيرون هذا الكلام من الخوض في المحرمات، ولكننا نعتقد بأننا بحاجة ماسة للخوض في هذه المسألة، والتي وللأسف جر علينا تجاهلنا الكثير من الويلات والمآسي. تعالوا نتأمل سوياً قول الله عز وجل في كتابه الكريم: ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)) سورة الحجرات الآية 13، فمن ينظر في هذه الآية يجد كلمة "الناس "، جميع الناس، ولم يأتي الخطاب محصوراً بالمسلمين فقط أو غيرهم، ثم التأكيد على أن الإختلاف بدأ مع بداية خلق أبو البشر آدم عليه السلام، ودليل ذلك "من ذكر وأنثى "، أي من مخلوقين مختلفين تماماً، جاءت منهما كل الأنساب والأعراق والشعوب والقبائل بعد ذلك، والتي إختلفت في عاداتها وتقاليدها ودياناتها، ثم جائت كلمة "لتعارفوا "، وهو موضوعنا هنا، والشاهد فيه، وختم العزيز الحكيم "إن أكرمكم عند الله أتقاكم "، ومن ينظر بتمعن في هذه الآية سيجد الدليل القاطع على أهمية التعارف والتحاور مع الآخرين، وأنه الوصفة السحرية لحل جميع المشاكل، فلم يكن دين الإسلام يوما دين إنغلاق، بل دائما ما كان يصل إلى أبعد الحدود بالكلمة الطيبة، والمبادرة الحسنة، وهذا ملخص ما وددنا إيصاله هنا لكل من يرفضون حوار الآخرين، بل وأحياناً يرفضون وجود الآخر بالكلية، وعلى هؤلاء وغيرهم الإيمان بأننا جزء من هذا العالم لم نختار من فيه، ومن ليس فيه يوماً، وقد أكرمنا الله عزوجل بحمل أمانة ديننا، وأرشدنا إلى الطريق القويم بأن نتعارف ونتحاور مع الآخرين، لنكون صفحات تشرق في هذه الدنيا، وتبين كم أن ديننا يزخر بالمعاني العظيمة، وكم كان نبينا محمد عليه السلام كريماً، ومنفتحاً على الآخرين، وكم أن أمة الإسلام كانت دائما منارة للمحبة والسلام.