ظاهرة التسرب من المدارس ... إلى متى ؟!!!
بدأنا مؤخراً نلاحظ ان هناك ظاهرة أصبحت تحدث بصورة كبيرة في مجتمعنا على مختلف الأعمار والمراحل التعليمية الآ وهي "ظاهرة التسرب من المدارس "
ان ظاهرة التسرب من المدارس موجودة في جميع البلدان, حيث لا يخلو أي بلد منها, لكنها متفاوتة من بلد لآخر, كما أنه لا يمكن لأي نظام تربوي من التخلص منها نهائياً ... لكن لا بد من المحاولة قدر الإمكان من التقليل منها على الأقل .
هناك الكثير من الطلاب لا يلتزمون بالدوام الرسمي في المدارس, حيث يفترض ان يكون الطلبة في اوقات الدوام داخل الغرفة الصفية, لكنك تنذهل عندما تجد الكثير منهم ليس بالداخل ... بل بالخارج متسلقين على الجدران, هاربين الى الخارج ...!!!
هذه الظاهرة اصبحت الآن تتجاوز كل الحدود بصورة كبيرة جداً ... لماذا يحصل كل هذا ... لماذا ؟!!!
لماذا أصبح التعليم الآن مسخرة عند العديد من الطلاب, بينما كان في الماضي واجباً عند اكثرهم ...!!!
لماذا أصبحت مكانة المعلم الآن في الحضيض ؟!!!
منذ ان منع المعلم من ضرب الطلاب, ومنذ ان عوقب على ذلك ... أصبح الآن الطالب هو من يضرب المعلم !!!
أصبح المعلم لا يساوي شيء وكأنه غير موجود ... لماذا كل هذه البشاعة والقباحة ... لماذا ؟!!!
انا لا أدعو الى الضرب المبرح والمؤذي للطلاب, ولكن ما المانع من العقاب لهم, والضرب جزء من العقاب, شريطة الآ يكون مؤذي للطالب من الناحية الجسدية والمعنوية والنفسية, لماذا نمنع المعلم من هذه الوسيلة, اذا كنّا نعتبره بأنه مربي لأجيالنا, علماً بأن المربي يضطر احيانا الى استخدام العقاب .
المعلم في القدم كانت مكانته اكثر قدراً واكثر اهمية, وقيمة عظيمة في المجتمع, ليس فقط عند الطلاب, بل الأهل ايضاً, كان الطالب عندما يمشي معّلمه بنفس الطريق الذي يمشي به ... امّا ان يغيرطريقه اويُبقي برأسه ارضاً خشيةً, وحياءاً, واحتراماً له ... أمّا الآن عندما يرى الطالب معّلمه, كأنه لم يراه ... وكأنه غير موجود, وترى بعضهم يتفوهون بألفاظ دنيئة أمامهم, وأحياناً كثيرة يتعمدون إسماعهم إياها, لانهم يكونون قاصدينهم بها ... لماذا وصلنا الى هذا الواقع الأليم ... لماذا ؟!
انتهاكنا لحقوق المعلم وقيمته, تعتبر دمار للمجتمع بصورة عامة, والعملية التربوية بصورة خاصة, لأن المعلم هو الأساس في العملية التربوية, حيث أنه يعتير حجر الزاوية فيها, فدوره كبير جداً في إعداد شباب المستقبل, لأنه يركز ويرسخ ويعزز لديهم الإحساس بالإنتماء لدينهم وبلدهم .
ظاهرة التسرب تكون عادةً نتيجة لعدم ميول الطلاب الى الدراسة, وانخفاض الدافعية عندهم, نجد الآن الكثير منهم يفضلون الخروج الى سوق العمل , والعمل بأي وظيفة ليلبي حاجاته وحاجات اسرته, خاصةً اذا كان ذلك الطالب يتيماً ...
التحدث عن هذه الظاهره لا ينتهي, لكن بإختصار هذه الظاهرة قاتلة للمجتمع, وجريمة كبيرة, لا بد من ايجاد حل لها ولو مجرد محاولة القيام بذلك, ولا بد ايضاً من زيادة قدر المعلم, واعطاءه أهمية وحقوق تمكنه من القيام بواجباته على اكمل وجه ...
يجب ان نتخلص من تكرار القول "ان الطالب هو الأساس الآن في العملية التعليمية " ونلغي دور المعلم ونقلل من مكانته, لانه مهما كان الطالب واصلاً الى مراتب عالية من الفهم والعلم, سيبقى بحاجة الى انسان يرشده الآ وهو المعلم ...
المعلم انسان عظيم في مكانته وعلمه الذي يعطيه لنا, دون شمل فئة قليلة منهم لا يقوموا بواجباتهم على اكمل وجه ...
نسأل الله عز وجل ان يبارك لنا في معلمينا, ويحفظهم لنا, ويزيد من قيمتهم وعطاءهم, وان لا ننسى فضلهم علينا ونقدر عطاءهم لنا ...
" من علّمني حرفاً كنت له عبداً "
وكما قال الشاعر :-
" قم للمعلّم وفّه التّبجيلا *** كاد المعلّم ان يكون رسولاً "