مكانك قف
ورغم التوقعات بان طريق مرسي لن يكون سهلا بعد وصوله إلى سدة الحكم في مصر، فستزرع أمامه كل المعيقات لإفشاله، وسيتم محاربة الرجل بكل الوسائل المتاحة والممكنة من داخل مصر ومن خارجها، لإقناع الجميع بان النموذج الإسلامي عاجز عن مواكبة تطورات المرحلة الحالية، وسيتم تحميل مرسي أيضا تبعات الفشل الذي ورثه عن نظام حسني مبارك، وما أفسده مبارك في ثلاث عقود، سيطالب مرسي بإصلاحه بمائة يوم، وإلا سيعتبرونه فاشل، عداك عن المشادات التي سيقوم المجلس العسكري باستعراضها لإثبات وجوده في ساحة القرار السياسي المصري، ويضاف إلى ذلك آلاف الرجال المزروعين في مناصب ووظائف إدارية حساسة في الدولة، ولا يزالون يدينون لنظام حسني مبارك بالولاء، وسيكون تعاونهم مع النظام الجديد شكلي وفي أدنى الدرجات.
أما في البلاد العربية الأخرى، فسقوط نظام بشار الأسد سيولد ارتدادات عنيفة في الشارع العربي تحسب لصالح الجماعات الإسلامية أيضا، وخصوصا في الدول التي بدأت فيها بوادر تأثر بالربيع العربي، وهذا الأمر مدرك تماما من الزعامات العربية، ولهذه الأسباب تتحفظ الدول العربية عن أي تدخل بالشأن السوري، وتتأمل من نظام بشار الأسد أن يستعيد السيطرة الأمنية على الأوضاع في بلاده، ليتنفسوا هم الصعداء، وتسكن شعوبهم التي ترغب بالثورة عليهم واقتلاعهم، و اعتقد أن فرص نجاح بشار الأسد باستعادة السيطرة الأمنية في بلاده أصبحت خارج سيطرته، وان سقوطه قد اقترب، وان نصر الله للشعب السوري قريب.
وفي بلادنا رغم أننا ندعي بأننا ماضون في مسيرة الإصلاح، وإننا نخطو في هذا المجال خطوات كبيرة، وان الإعلام يدعم الحكومة، وان الجماعات الإسلامية عندنا مخترقة امنيا، وان منظومة الإصلاح السياسي اكتملت، وأننا نسير نحو انتخابات نزيهة وشفافة لإفراز مجلس نواب قادر على ممارسة واجباته بقوة، نقول إننا رغم كل التطور والإصلاح الاسمي، لازلنا نقف عند نفس النقطة التي انطلقنا منها، وان المسيرات الشعبية لم يكن يسمع بها في بلادنا إلا من يخرج بها، ولا زالت الحكومة تتعامل مع مطالب الشعب بنفس الطريقة التي كانت تتعامل بها معهم قبل وفاة البوعزيزي بتونس، ولا زالت الحكومة تشتكي الفقر وتحصن الفاسدين، في حين أن الشعب يبحث عن الحرية ويطالب بالاقتصاص من الفاسدين، فتجاهل الحكومة للمطالب الشعبية ومحاولتها التذاكي على الشعب يولد اعتقاد أن الحكومة لازالت تنفذ الإيعاز "مكانك قف ".