هل مصالح النواب أولى من مصالح النظام ؟

تم نشره الخميس 12 تمّوز / يوليو 2012 12:33 صباحاً
 هل مصالح النواب  أولى من مصالح النظام ؟
حسن المومني

المدينة نيوز -ايحرص أكثرية النواب على الإصرار على بقاء الصوت الواحد في قانون الانتخاب لدوافع مختلفة ، سواء استجابة للتعليمات التي تردهم من الدولة الخفية التي تسوس الأمور بمنظور امني للمحافظة على مكتسباتها وصلاحياتها التي توسعت لتشمل كل شيء ، على حساب صلاحياتها الرئيسية في حماية امن البلد واستقلاله ومنع اختراق أجهزته ومؤسساته ، وتعتقد أن اجتهاداتها منزلة لا يأتيها الباطل ولا يشوبها الخطأ ، وإنها في مصلحة المواطن الذي لا يعرف مصلحته !وان العناية الالاهية وضعتهم أوصياء على الشعب يفكرون ويخططون وينفذون لمصلحته ونيابة عنه !
أو حرصا من النواب على مصالحهم الخاصة وهي كثيرة ومتشعبة ، أولاها أن المجالس التي نشأت عن الصوت الواحد أصبح نوابها يشرعون لأنفسهم ، حماية لأموالهم أو لإعادة انتخابهم مرة أخرى إذ أن اغلب النواب كانوا من الرأسماليين الذين اشتروا بأموالهم الأصوات الانتخابية من الفقراء والمعدمين ، بصرف النظر عن كفاءتهم ، فوصل إلى المجلس من لا يستحق أن يكون ممثلا للشعب وحرم الأكفاء من الوصول إليه ، فتدنى مستوى التمثيل ومستوى أداء مجلس النواب ومستوى ونوعية النواب أيضا !
مجلس النواب يشرع لحساب نفسه وحماية لمصالحه لا لمصلحة الوطن ولا لحماية النظام واستمراره ، وما قانون ضريبة الدخل عنا ببعيد ، حيث كانت نسبة الضريبة على الشركات بما فيها البنوك وشركات التامين والشركات المساهمة الأخرى تصل إلى 55% من الأرباح ، وعندما سيطر أصحاب المصالح وأصحاب رؤوس الأموال على التشريع في مجلس النواب خالفوا الدستور الذي يلزم أن تكون ضريبة الدخل تصاعدية وأصبحت النسبة دون ال25% وحُملّت الضريبة على الفقراء قبل الأغنياء عندما فرضت ضريبة المبيعات على الجميع ، والتي ظلم بها الفقير لحساب إثراء الأغنياء في مجلس النواب أو المؤسسات والشركات التي مولت حملاتهم الانتخابية !

ومع مرور الوقت استشرى الفقر وعمت البطالة، وزادت المظالم وانتشر الفساد والمحسوبية ، وعمت الفوضى وزادت القلاقل وتطامنت هيبة الدولة ، وأفلست موازنة الدولة أو كادت ، وزاد التضخم والأسعار ، واهتزت قيمة الدينار، وازدادت المطالب الشعبية والمظاهرات المطلبية والانتحار أو التهديد بالانتحار ما لم تجاب تلك الطلبات !

وما مطالبة النواب بمساواة رواتبهم برواتب الوزراء وهم لا يعطلون أعمالهم الخاصة ، في حين أن الوزراء موظفين ملتزمون بالعمل الرسمي وينقطعون عن أعمالهم الخاصة ، ما هو إلا ابتزاز للدولة واستغلال لمراكزهم واستثمارا لمواقعهم التمثيلية ّ!وما مطالبتهم بتعديل قانون تقاعد النواب واحتساب التقاعد لهم ، وهم ليسو موظفين وإنما هم بمراكز تمثيلية يمثلون الشعب، وفي كل أصقاع الدنيا لا يعطى هؤلاء رواتب عن عملهم النيابي وإنما مكافآت لقاء تعطيل بعض أعمالهم ، ولا يمنحون رواتب تقاعدية عن نيابتهم لا هم ولا رؤساء البلديات وأعضاؤها المنتخبون ، فلا يستحق هؤلاء رواتب أثناء عملهم التمثيلي وإنما مكافآت ، ولا رواتب تقاعدية بعد تركهم صفة التمثيل ، فلماذا يصر هؤلاء على المطالبة براتب التقاعد مادامت خدمتهم تمثيلية وليس لهم خدمة وظيفية سابقة في الدولة ؟! ولماذا تستجيب لهم الدولة ؟ أليس في ذلك تبديدا لأموال الخزينة وإضاعة لأموال الشعب لمن لا يستحق ، وابتزازا وضغوطا وانحرافا في استعمال السلطة ؟ !وضعف من الدولة في الاستجابة لهذه المطالب ؟!
وحتى الوزراء إذا لم يكن لديهم خدمة وظيفية سابقة في الدولة فلماذا يمنحون راتب التقاعد بعد القسم ؟! و تقضي العدالة أن تضاف خدمة الوزارة إلى خدماتهم الوظيفية السابقة في الدولة وتعطى على أساسها الرواتب التقاعدية 
وكذلك إصرار النواب على أن يحتفظوا بجوازات سفر دبلوماسية بعد تركهم الخدمة ، وهي خدمة مؤقتة ، وإذا جاز حملهم لهذه الجوازات أثناء الخدمة فلا يجوز أن يحتفظ النائب بجواز دبلوماسي بعد ترك الخدمة و انتهاء صفته التمثيلية التي منح الجواز الدبلوماسي على أساسها وبسببها !انها مكاسب شخصية يسعون لتحقيقها لأنفسهم !  وأخر ما يفكر به هؤلاء النواب هو مصلحة الشعب والدولة والنظام ، وينصب نشاطهم على تحقيق مصالحهم الخاصة أولا وأخيرا !ونعود إلى قانون الانتخاب الذي اقره مجلس النواب بالأكثرية ويكرس الصوت الواحد ونتساءل : هل مجلس النواب بتشكيلته الحالية مؤهل لإقرار هذا القانون ؟! وهل يمثل الصوت الواحد الذي أصروا عليه رأي الشعب الأردني بأكثريته ؟!وهل يحقق هذا التشريع الأمن والاستقرار ؟!
وفي البداية فان اللجنة القانونية في مجلس النواب التقت بجميع مؤسسات المجتمع المدني : بالنقابات والجمعيات والأحزاب وأخيرا بالمجالس الاستشارية في المحافظات والتي لم يؤخذ رأيها سابقا في أي موضوع ، وأجمعت هذه المؤسسات ومن قابلتهم اللجنة القانونية على رفض الصوت الواحد ، ولم يكن ذلك ديمقراطية من اللجنة القانونية للتأكد من رأي الشعب لاحترامه ، أو معرفة رغبه الشعب للأخذ بها ، وإنما كان بحثا عن جهات شعبية أو غير رسمية تؤيد نظام الصوت الواحد تعزز وجهة نظرهم المقررة سلفا ! ومع ذلك لم يجدوا في لقاءاتهم العديدة من يؤيد هذا النظام ، وكان إجماع من التقوا بهم على خلاف ذلك وضد الصوت الواحد ، وخلافا للإجماع الشعبي خرجت توصيات اللجنة القانونية بتبني هذا النظام !استنادا على ماذا ؟! رغبة الشعب أم رغبة القوى الخفية التي توجه البلد وتقوده إلى القلق والاضطراب والتمزق والخراب ، وأخيرا إلى الهاوية وما هو عليه ألان ؟ !!

مجلس النواب الحالي هو نتاج هذا القانون (قانون الصوت الواحد) ، ونتاج تدخلات الأجهزة الخفية التي زورت إرادة الشعب واعترفت متأخرة بهذا التدخل والتزوير! لذلك كافئوا الحكومة التي أجرت الانتخاب بأكبر نسبة من الثقة والتأييد عندما منحها 111نائبا ثقة وتأييدا من أصل 118 نائبا حضروا الجلسة ، لذلك سمي مجلس إل 111، وهي اكبر نسبة ثقة تمنح لأي حكومة أردنية عبر تاريخ الأردن النيابي الطويل ! وقد أُقيلت تلك الحكومة بعد أربعين يوما من ثقة مجلس النواب بها !ويعتقد هؤلاء أن التاريخ سيعيد نفسه وما حدث بالأمس من تزوير يمكن أن يحدث اليوم ، وأنهم سيعودون إلى مواقعهم النيابية إذا نفذوا هذا التوجيهات !
وهناك دوافع أخرى لبعض النواب ، تتلاقى مع التوجه الخفي للقوى التي تقف خلف هذا القانون : إذ أن هناك تيارا في مجلس النواب يمثله بعض أعضاء تكتل قديم يسعى هؤلاء إلى أن يُبعد الإخوان المسلمون عن الساحة الانتخابية حتى لا يتحدوا مع آخرين لتشكيل الأكثرية في المجلس وبالتالي يشكلون الحكومة القادمة ، ونظام الصوت الواحد الذي يرفضه الإخوان إذا ما اُقر فهو خير وسيلة لإبعادهم عن المشاركة في الترشيح والانتخاب ! وبالتالي يخلو الجو لهم و لرئيسهم ليكون رئيسا للحكومة بعد أن ينجح له من أعضاء القائمة الوطنية والنواب المحليين مع التحالفات ما يمكنه من قضاء هذه الشهوة في أن يصبح رئيسا للوزراء !
فهل يقع الإخوان في هذا الفخ ؟!وهل يقاطعون الانتخاب بالرغم من قاعدتهم الواسعة ليخلو الجو للمتآمرين لإتمام مؤامرتهم ؟!وهل سيُترك للفاسدين أن يتمددوا ويكملوا مشوارهم في جمع المليارات ويتمموا خراب البلد ؟!
وإذا كان النواب يعملون لمصلحتهم فقط لا لمصلحة المواطن والوطن ، فهل هم يخدمون نظام الحكم واستقراره واستمراره بهذا السلوك والتصرفات ؟! وهل من مصلحة النظام أن يجامل مثل هذه التوجهات التي قادت البلد إلى التذمر والفوضى بعد أن عبر غالبية الشعب عن رأيه برفض هذا القانون الذي مزق العشيرة والعائلة وخلق العداوات ضمن الأسرة الواحدة وافرز نوابا بأكثريتهم لا يستحقون هذه المواقع ؟!إن هذا النظام الانتخابي ليس ضد الإخوان ولن يمنع وصولهم للمجلس النيابي ، ولكنه ضد الشعب الأردني برمته والذي اكتوى بنتائجه وعانى من إفرازاته مع ما صاحبه من تدخل وتحريف بإرادة الناخبين ، وتبني المخبرين والعملاء !!إن نظام الحكم القوي الذي يحرص على استمرارية حكم الأسرة ، لا يقبل إلا مجلسا نيابيا قويا بانتخابات حرة نزيهة ، يعبر عن رأي أوسع الجماهير وينال رضاهم ، ليساعده في تحمل المسئولية وخدمة الشعب ،وماذا يخسر النظام بذلك عندما يحمّل الشعب مسئولية اختياره الحر النزيه ؟!أما المجالس المزورة صنيعة الصوت الواحد فلا توصلنا إلا إلى الفوضى والاضطراب وفقد الأمن وبالتالي فقد النظام الذي نحرص على بقائه واستمراره !

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات