"اللاشمانيا" تشوه الاردنيين وتمتص دماءهم في الأغوار.. والحكومة " تتفرج"
المدينة نيوز – علي الزينات- ينتظر سكان منطقة الأغوار الشمالية تدخلا حكوميا عاجلا لانهاء الكارثة الصحية التي يواجهونها، وانهاء حالة الرعب والهلع التي تخيم على حياتهم اليومية بسبب انتشار ذبابة اللاشمانيا في كافة مناطق الأغوار وخصوصا في وسط وجنوب لواء الأغوار الشمالية (المشارع وكريمة وسليخات ) .
فهؤلاء أكدوا لمندوب المدينة نيوز الذي رصد الوضع من الميدان ان احدا من الجهات المعنية لم يتحرك تجاه مكافحة هذا المرض والذباب والجرذان ، وأشاروا إلى أن الإصابات وصلت الى 244 إصابة لغاية الآن إلى جانب الإصابات الجديدة التي يتعرض لها مواطنون يوميا وفي أي وقت.
ولفتوا إلى أن خطر الذباب وانتشاره يزداد في فصل الصيف الذي يكون جوا ملائما لانتشار ذباب اللاشمانيا في المناطق السكنية.
واستغرب السكان عدم تجاوب الجهات الرسمية مع هذا المرض الذي يفتك بأبنائهم يوما إثر يوم ، وقالوا أن المواطن في الأغوار لا يلق أي اهتمام من قبل المسؤولين والجهات المعنية التي لم تتخذ لغاية اللحظة إجراء فاعلا في القضاء على عوامل انتشار المرض .
وتساءلوا هل ينتظر المسؤولون أن يتم تحويل الأغوار إلى منطقة حجر صحي ؟. واكدوا أن وزارة البلديات لم تقم برش المبيدات سوى مرة واحدة فقط ولم تغطي كافة المناطق لمجابهة الذباب ، كما أنها لم تكافح الجرذان ، رغم أن مستودع البلدية مليء بمواد الرش .
وقال مواطنون في بلدية شرحبيل بن حسنة إن رئيس البلدية يقوم بتخزين المبيدات الحشرية في المستودعات ويقوم باستخدامها لأغراضه الشخصية ، وذلك لرش مزارع الأبقار التي لديه ولا يعطي المواطنين الا المواد "المسوسة" اي التالفة على حد تعبير بعضهم.
المعلم حسام السواعي الذي لدغته الذبابة ، قال انه اكتشف الاصابة بعد ثلاثة شهور من حدوثها. وأضاف أنه لم يعرف بالإصابة ولم يهتم باللدغة. وبين ان مكان اللدغة بدا يكبر ويتسع وبدأ اللحم بالتشقق حيث أصبح منظرها مشمئزا.
وقال ان الاطباء قاموا بأخذ العينات وتأكدوا من اصابتي باللشمانيا.
وعبر السواعي عن شعوره بالألم الذي يعانيه حتى الآن جراء لدغة الذبابة ، وقال " إنها أصبحت تعيق حركته ، وأصبحت تؤثر تأثيرا سلبيا على نفسه ، وإنه يشعر بالألم بشكل يومي ، ويقوم بأخذ ابرة فولترين كل يومين للتخفيف من الألم" .
اما بالنسبة للعلاج الذي يحصل عليها فاشار الى إن ما يقوم به أطباء الصحة هو تبريد المنطقة الملدوغة ولكن ووفق قول الأطباء فإن هذا التبريد يقوم بتقليل درجة الحرارة بشكل كبير وذلك يؤثر على الجسم "لانه يقتل الخلايا".
وتابع قوله "العلاج المستخدم غير مجدي". واكد استنادا الى ما اخبره به الأطباء فإن العلاج يكمن من خلال ابرة سعرها 60 دينارا وكل شخص يريد 25 ابرة تقريبا ولكنها تتسبب بفشل كلوي ، كما انها مكلفة للغاية .
شقيقة حسام هي الاخرى اصيبت بلدغة الذبابة وهي طالبة مدرسة ومتفوقة بمدرستها ، ولكن ، والحديث لشقيقها ، منذ اصابتها في يدها انقطعت عن الذهاب إلى المدرسة ، وقد أثرت الإصابة على نفسيتها وتراجعت في المستوى الاكاديمي .
وقال إن فترة علاجها استمر 14 يوما عن طريق المراهم والتبريد ، حيث اكدوا لها الاطباء ان العلاج يتوقف على هذه المرحلة ومن ثم يتم العلاج عن طريق الابرة .
من جهته قال الدكتور بلال بني هاني مير صحة لواء الأغوار الشمالية للمدينة نيوز إنه لم يعرف عدد الحالات المصابة في اللواء ، وعن دور المديرية قال بني هاني إن دور المديرية يقتصر فقط على توعية وتثقيف المواطنين بالذبابة وأعراض الاصابة إلى جانب العلاج ، وبين انه منذ السنة الماضية بدأت مديرية الصحة بتوعية المواطنين .
وقال ان علاج تلك الاصابات يتم بمستشفى ابي عبيدة من خلال طبيب جلدية واحد مخصص لتلك الحالات وبواقع مرة كل اسبوعين، ويقوم من خلال جهاز مخصص لفحص المصابين ويقوم على إثر ذلك بإعطائه دواء .
ويدعو بني هاني كافة المواطنين إلى ان اي شخص يشعر بوخزة من ذبابة أو حشرة ويظهر في جلده دملة أو بثور فعليه مراجعة طبيب الصحة في المراكز الصحية ليتم فحصه والتأكد من حالته .
وأكدت السيدة سناء البكري رئيسة جمعية سيدات شرحبيل بن حسنة ظهور إصابات جديدة في الأغوار في منطقة سليخات وكريمة وأوصرة. وقالت ان طفلة عمرها 6 اشهر أصيبت بإصابة جديدة كما أصيبت طفلة اخرى تدرس في الروضة بلدغة اللاشمانيا .
وبينت البكري ان الحالات المسجلة في الصحة بلغت 244 اصابة .
وقالت البكري ان الجمعية هي التي تبنت تلك الحالات وهي التي كشفت الإصابات لأنها رأت تقصيرا كبيرا من الجهات المعنية .
وقالت ان التقصير لا يزال مستمرا ، حيث لم يتم اي نوع من المكافحة للوقاية من المرض ، وقالت ان المكافحة يجب ان تكون في رش المبيدات لمكافحة الجرذان والذباب .
وأشارت إلى مطالبة وزارة الزراعة التي بدورها قالت سنقوم بدراسة الحلول ، وأكدت أن رش المبيدات الحشرية يجب أن يكون 3 مرات بالأسبوع عن طريق البلديات ، والبلديات امكاناتها محدودة ، مركزة على أن المطلوب تكاتف الجهود من قبل كافة الجهات الرسمية .
وبينت ان الجمعية من منطلق دورها تقوم بحملات تثقيفية وتوعوية للمجتمع المحلي بتعريفهم بالذبابة وشكلها وما يمكن أن تسببه وإجراءات الوقاية منها ، من خلال ندوات توعية .
من جانبه قال رئيس بلدية شرحبيل بن حسنة أحمد خميس ابداح ان البلدية بدأت حملة الرش والمكافحة منذ 4 من الشهر الحالي شملت المرزة والتركمان والقرن والسليخات وابو سيدو ، وان الحملة مستمرة .
وأضاف ان البلدية لا تستطيع رش المبيدات في كل المناطق وبشكل مكثف فامكانات البلدية محدودة ، ولا نستطيع أن نقوم بدور اكبر من ذلك .
وأوضح ان البلدية خاطبت وزيري الزراعة والصحة بخصوص ذلك ، ولكن لم تقم تلك الجهات بأي دور لغاية الآن .
مرض اللاشمانيا
إنه مرض طفيلي معد ومشترك يصيب الانسان وبعض الحيوانات و ينتقل من المريض إلى السليم بواسطة الحشرات و ينتشر في البلدان الاستوائية وشبه الاستوائية ( بلدان حوض البحر المتوسط ،غرب و جنوب آسيا، شمال افريقيا ،أمريكا الوسطى و الجنوبية ، المكسيك )
يصيب هذا المرض جميع الناس وبكل الأعمار و الجميع لديهم قابلية للاصابة بهذا المرض .
ولمرض اللاشمانيا نوعان أساسيان هما :
1- اللاشمانيا الجديدة : وتقتصر على تقرحات جلدية دون أمراض أخرى و قد تكون سطحية .
2- اللاشمانيا الحشوية: هو مرض قاتل و ينتشر في الهند و الصين و السودان .
من المعروف بأن لكل مرض ساري سلسة عدوى و إن هذه السلسلة في مرض اللاشمانيا تتكون من ثلاث حلقات و في حال غياب أى حلقة من هذه السلسلة فإن مرض اللاشمانيا ينتهي تواجده
وهذه الحلقات هي :
أولاً: العوامل المسببة للمرض : والتي هي عبارة عن طفيليات صغيرة من وحيدات الخلية تعيش بشكل اجباري داخل الخلايا عند الانسان والحيوان وتتكاثر هذه الطفيليات مرحلة أولى ضمن الانسان و الحيوان ومرحلة ثانية مكملة للأولى ضمن الحشرة الناقلة، يوجد عدة أنواع من هذه الطفيليات التي تتبع جنس اللاشمانيا و كل نوع منها يسبب إصابة محددة.
اما طفيليات اللاشمانيا فهي من نوع تروبيكا تسبب الشكل الجلدي الجاف، والطفيليات من نوع ماجور تسبب الشكل الجلدي الرطب أما طفيليات من نوع انفانتوم فإنها تسبب اللاشمانيا الحشوية.
اما الخازن الطفيلي (المستودع ) وهو المكان الذي يتواجد فيه طفيلي اللاشمانيا ويعيش ويتكاثر فيه و يصبح مصدراً للاصابة :
1- القوارض البرية : وتعتبر مستودعا طبيعيا لطفيليات اللاشمانيا التي تسبب النوع الجلدي الرطب
2- الانسان المصاب: وهو خازن للاشمانيا الجلدية الجافة من نوع تروبيكا
3- الكلاب و الثعالب وابن آوى : جميعها مستودعات لطفيليات اللاشمانيا الحشوية
الذباب الناقل للمرض :
تعتبر أنثى ذبابة الرمل هي المسؤولة عن نقل طفيليات اللاشمانيا من المريض للسليم. هناك اكثر من 35 نوعا من هذا الذباب الناقل والذي ينتشر بشكل واسع في "البلدان العربية - بلدان حوض المتوسط - بعض بلدان امريكا اللاتينية".
وذبابة الرمل هي حشرة صغيرة الحجم من 5ر1 - 2مم صفراء اللون وتتواجد على مدار السنة ماعدا الشتاء حيث تكون في مرحلة البيات الشتوي، وتعيش في المناطق الحارة والرطبة والخفيفة الرياح وتنشط فقط في مثل الظروف
تضع الانثى مابين 20 - 100 بيضة في التربة الرطبة وتنضج فقط في المناطق المناخية الملائمة وخاصة عند الغروب والليل وتقفز وتطير طيران هادىء لايسمع له صوت تتغذى الذكور والاناث على السوائل السكرية من النباتات لكن لابد للانثى الملقحة من وجبة دموية لحاجتها للاباضة حيث تنجذب أنثى ذبابة الرمل لرائحة المصاب باللاشمانيا ومفرزات الجسم فتقوم بلدغ الانسان ليلا وهو نائم في الاماكن المكشوفة من الجسم مثل الوجه ،الرقبة الاطراف، وأحيانا الجذع ويتم هذا في الاوقات الحارة من فصل الصيف وتبلغ ذروته في شهر آب - ايلول وبعد أن تأخذ رشفة دم من الانسان المصاب تختار مكان مظلما ورطبا وغنيا بالمواد العضوية حيث تتغذى عليها اليرقات التي ستخرج من تلك البيوض وعند اكتمال نمو البيوض وتصبح قادرة على الطيران يتكاثر الطفيلي في معي الحشرة حتى تصبح هذه الحشرة حاملة للطفيلي طيلة حياتها.
وتختبىء ذبابة الرمل في النهار في الزوايا المظلمة من البيوت المهجورة وفي شقوق الغرف والجدران والزرائب والاسطبلات وقن الدجاج وجحور القوارض
وعندما تقوم ذبابة الرمل بلدغ الانسان تضع له طفيليات اللاشمانيا التي تأخذ بالتكاثر في منطقة الاصابة فقط وخلال مدة من الزمن تتراوح من اسبوعين الى ستة أشهر تظهر في مكان العضة حطاطة صغيرة حمراء اللون وغير التهابية وغير مؤلمة تكبر تدريبيا وقد تصل من 1 - 5 سم ثم تتحول بعدها الى عقيدة صغيرة تعلوها قشرة صغيرة تكبر وتنز ومن ثم تتقرح من وسطها وتتشكل قشرة سمراء تتعلق بشدة بالنسيج الجلدي ويمكن أن تبقى لمدة قد تبلغ السنة أحيانا ومن هنا جاءت تسميتها العامة بحبة السنة ونسبة لكثرة تواجدها في حلب عرفت بحبة حلب.
العوامل المؤثرة في انتشار مرض اللاشمانيا:
هناك عدة اسباب ادت الى تزايد مرض اللاشمانيا معظمها سببه النشاط البشري ومايحدثه من تغيرات في البيئة المحيطة نتيجة التوسع في المشاريع الزراعية والصناعية والتوسع العمراني العشوائي ونتيجة لاستخدام المبيدات الحشرية التي أخلت بالتوازن الحشري حيث ادى ذلك الى سيادة أنواع معينة من الحشرات على حساب أنواع اخرى.
فعمليات انشاء السدود بالرغم ما تحققه من فوائد فهي تؤدي بالمقابل الى تغيير في درجات ا لحرارة والرطوبة في المناطق المجاورة للسد وهذا يؤدي الى خلق ظروف ملائمة لذباب الرمل من جهة والى وجود القوارض من جهة اخرى وهذا ماحدث بالضبط في منطقة محردة والغاب حيث ظهرت اصابات اللاشمانيا بعد انشاء السدود فيهما.
يرتبط زيادة حالات الاصابة باللاشمانيا بتزايد الحركة السكانية الى الاماكن المبوءة مثل البدو الرحل وغيرهم الذين يرافقون اغنامهم ومواشيهم سعيا للمرعى في المناطق التي يستوطن فيها مرض اللاشمانيا حيث يتعرضون للاصابة بهذا المرض وكذلك يلاحظ زيادة الاصابات عند العساكر الذين يؤدون خدمتهم في المناطق الموبوءة .