تأهب فكر الشاب الأردني
في خضم التوتر العالمي والعربي على وجه الخصوص شهدنا ظاهرة مستفزة في شبابنا العربي ألا وهي ظاهرة الانحطاط الفكري والفتور في خلايا الإبداع والتميز بمجتمعاتنا العربية وأخص بالذكر المجتمع الأردني وفئة الشباب الغالبة....
في عهد السبعينات والثمانينات كنا نشهد حالات أبداعية حفرت من تحت الأرض طريقا للخروج من جذور الجهل التي سادة حضاراتنا ومجتمعاتنا فكانت مدارسنا وجامعاتنا بالرغم من شح مصادر وموارد الدعم وحالات التقدم العلمي والتكنولوجي التي كنا نادرا ما نعانيها وخيرت رجالات الوطن بصماتهم لا زالت موثقه في مؤسسات الفكر العربي و الأردني, حيث عان مثقفينا وشبابنا من حالات فقر وبطالة أشد من وضعنا الحالي لكن ألم نسال أنفسنا المتعبة لم أبدعوا وأثروا وخرجوا للحياة والعلم والتقدم ؟
من هنا نسال أنفسنا من هيا الأيادي الخفية وراء وضع شبابنا في هذا العصر؟ هل هيا تكنولوجيا الفكر العقيم التي زرعت في رحم النضوج الإبداعي في شبابنا فلم تنجب إلا الأوهام والتقليد الأعمى والتبرج الأخلاقي والانسياب وراء التيارات المحرضة على العنف الفكري في جامعاتنا ومجتمعاتنا وبيوتنا وكلها تحت شعار حرية الرأي والتفكير والديمقراطية فهل حريتنا هدمت حدودها لتنتهك حرمة التعليم والعادات والتقاليد وحتى أساسنا الإسلامي؟ فأين هم شبابنا عندما تطرح أفكار للإبداع العملي والفكري والتجدد , أين هم في أبراج التحضر العالمي ؟
تعليمنا يا للأسف بات كميا وانعدمت منه روح النوع والإشراق فخريجو جامعاتنا بالآلاف يحملون أوراقا لا أفكارا ولا أهدافا فأصبحنا نرى ونشاهد التعليقات السخيفة والساذجة على شبكات الانترنت والتلفاز عن البطالة ولشاب العاطل عن العمل ومأساته حتى أصبح شبح يقض مضاجع الآلاف من الشباب الأردني حتى أصبحنا كمن يرجم الشيطان بالحجارة متناسيا شيطانه الذي يتربع بعقله وأسلوبه فتارة نرى الشباب ينهمكون في الحرق والتكسير والمشاجرات الجوفاء وتارة نراهم قمة في التفلسف على شبكات الانترنت عن الحضارة والحكم الزائفة والعبارات الكئيبة فهل أصبحنا مخربين وأمسينا مثقفين, وغيرنا من دول العالم أشرقت إبداعاتهم من تحت حطام الحروب والعنصرية الفكرية والطائفية والعرقية متفاخرين بإبداعاتهم وانجازاتهم الفكرية والتكنولوجية التي نحن نبتهج ونتفنن باستخدامها وتقليدها.
عبارات قاتلة لدى الكثير منها " حل عني مش فاضي " وعبارة " والله فش حد فاهمني "
بالله عليكم هل هذه خلاصة وصفة التعليم لشبابنا الأردني؟, أصبح التفكير السائد يرثى له وتدمع له العين فالشاب يبحث عن الفيتامين السحري " الواسطة " قبل دخوله الجامعة ليحصل على وظيفة العمر فأصنامنا هيا الواسطة لتقربنا إلى الوظيفة زلفى.
وللأسف ومؤسساتنا ونقاباتنا ومناراتنا التعليمية لها كل الدعم لتحطيم الفكر الشبابي فأصبحنا نرى شعارات
" التخصصات الراكدة في سوق العمل" و "التخصصات المطلوبة في السوق المحلي " لم لا ترفعوا لنا شعارات " التخصصات الجديدة في سوق العمل ", فبلدنا والحمد لله مليء بالخيرات والثروات التي تحتاج لآلاف المهنيين والمتخصصين في إنتاجها واستخراجها ولكن يتم التستر عليها خوفا من الصحوة الفكرية التي يطالب فيها الآلاف من مفكرينا فالشاب الأردني مستعد ليقدم روحه وفكره وإبداعاته لبلده ووطنه التي تئول لغيرنا من الدول لكن أين هي أحضان التقدير والمصادر المقدمة له منكم أنتم يا من تدعون عشق الوطن والقيادة الحبيبة وروح الفكر الأردني؟.
أشبعتنا الاجتماعات والندوات وسياسيات التنظير من فئات يدها ليست في نار الوجع الشبابي فلو كانت كذلك لما ألقت بسهام التنظير والنظرة الدونية لخيرة شباب الوطن ممن يضيعون حياتهم في محاولة يائسة لصيد فريسة نادرة تدعى " الوظيفة ", بدل أن نقدم اللوم والانتقادات المسمومة لأبناء الوطن نأمل من جامعاتنا ومعاهدنا ومدارسنا ونقاباتنا ومؤسساتنا أن تمزق وتشتت ثوب الهمجية والعنف من جسد الشاب الأردني وتلبسهم ثياب الطموح والعز والأمل والسعي لخدمة الوطن وأهليهم ونجعل من غيرنا قدوة في فن المرونة في التعامل مع المصاعب والشدائد في أي ظرف وحادثة.
كلنا أمل ولهفة لتغيير فكرنا وأدوات الفكر لدينا لنرتقي إلى أعلى درجات النضوج الفكري والأخلاقي فالشاب الأردني رضع الشهامة والإبداع من أرضنا الطاهرة حماها الله لنا ولقائدنا ولإسلامنا العظيم...