سوريا بلد ال " 17جهاز أمني " واسرار العلاقات الايرانيه والنظام فيها
المدينه نيوز - رصد : فيما تحاول القوى الدولية والإقليمية وعلى رأسها مصر الضغط بشدة على النظام السوري ، لإيقاف أعمال القمع والجرائم التي ترتكبها قواته ضد الشعب المطالب بإسقاطه، تقف إيران على النقيض تماما مدعومة بموقف روسي - صيني متشدد يطيل عمرالمأساة ولا يقبل إلا بحلول تكرس بقاء بشار الأسد لعدم اتضاح معالم بدائله المفترضة ، الأمر الذي يثير تساؤلات المراقبين.
ورغم الاعتقاد السائد بأن وقوف طهران إلى جانب بشار الأسد هو نوع واضح من الاصطفاف الطائفي، ذلك أن نظام الحكم العلوي في سوريا، هو جزء من نظام الحكم الشيعي في الجمهورية الإسلامية، إلا أنه يتجاوز الحدود السورية إلى ما هو أبعد من ذلك ، وربما يصل إلى حد إحراق المنطقة بالكامل انطلاقا من إشعال ورقة الطائفية السورية .
وقد أعادت تصريحات نقلتها وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء عن حسين طائب، رئيس دائرة استخبارات الحرس الثوري الإيراني، أكد فيها أن بلاده مسئولة عن "دعم حكومة الرئيس بشار الأسد، وعدم السماح بكسر خط المقاومة " الحديث عن المصلحة الإيرانية القوية في بقاء الأسد إلى الواجهة .
كما أثارت التقارير التي تناقلتها وسائل الإعلام العربية والأجنبية عن وجود مقاتلين من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، بالإضافة إلى مقاتلين من ميليشيات شيعية عراقية ، الكثير من التساؤلات عن حدود استمرار طهران في دعم نظام بشار الأسد..
باعتباره حليفا لا بديل عنه ضمن المشروع الإيراني لدرجة أن إنقاذه يعد هدفا يستحق أن تساهم في زعزعة منطقتي الشرق الأوسط والخليج العربي بالكامل وتسييل استثماراتها السياسية الإقليمية من أجله، حتى تحافظ على التوازنات الإقليمية والدولية التي تبقيها لاعبا رئيسا في المنطقة والعالم .
ولعل المتتبع لمنحنى صعود العلاقات بين دمشق وطهران منذ نشوئها إبان حكم حافظ الأسد الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية،واستقرار الأمور لنظام الحكم الشيعي الثيوقراطى-الثيوقراطية تعنى حكومة الكهنوت الديني أو التي يسيطر على رجالها الفكر الكهنوتي
وهو مصطلح يوناني يعنى حكم الآلهة أو الدولة الدينية، ويعبر عن نظام حكم الذي يستمد شرعيته وسلطاته مباشرة من الإله أو الكتاب الديني ، وتتكون الطبقة الحاكمة فيه من الكهنه ورجال الدين الذين يعتبرون أنفسهم موجهين عن طريق الإله وينفذوا شرائع وتعاليم دينيه - فى إيران عام 1979 يمكنه أن يدرك بوضوح أن سوريا تعد منطقة نفوذ لإيران، وكذلك لبنان، وهي أوراق يحاول النظام الإيراني من خلالها، الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية، بالإضافة إلى استخدام تلك الأوراق ضد منافسيه الإقليميين، مثل تركيا والسعودية .
علاقات طائفية
حيث بدأت العلاقات القائمة على أساس طائفي في منحاها التصاعدي عندما دخل جناح البعث العراقي على خط النزاع مع البعث السوري وانتهت المواجهة بين الجناحين بحفلة إعدامات لقيادة العراق القطرية والقومية وهروب عدد من قيادات جناح البعث السوري إلى العراق مع استقرار الأمور لصدام حسين في حكم العراق عام 1979 .
وزادت الفجوة بين بغداد ودمشق قبل فترة قليلة من اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في الرابع من سبتمبر عام 1980 عندما احتلت إيران عددا من النقاط الحدودية العراقية ووقف نظام حافظ الأسد في صف إيران بكل قوة ، حيث أغلق حدوده مع العراق وقطع العلاقات ومنع تدفق النفط العراقي عبر ميناء طرطوس في محاولة لإضعاف قدرة بغداد الاقتصادية .
كما قدم الأسد الأب دعما غير محدود لوجستيا وعسكريا وسياسيا لإيران وهو ما أدى إلى فتور علاقات دمشق مع دول الخليج العربي التي كانت تدعم العراق في ذلك الوقت وتوقفت المساعدات الخليجية لسوريا .
ومع تدعيم العلاقات مع الدولة الشيعية الأكبر واستخدام كافة الوسائل لتقوية الطائفة العلوية تمكن حافظ الأسد من ربط دمشق بطهران خاصة بعد تصعيد الكوادر العلوية وسيطرتها على كل مفاصل الدولة السورية .
فيما تمكن حافظ الأسد من تمديد الصيغة الطائفية إلى لبنان من خلال تقوية الأطراف الشيعية ودعم الأقليات العلوية في منطقة جبل محسن التي ارتكبت مجازر ضد السنة أشهرها مجزرتي باب التبانة عامي 1985 و1986 .
وقام الأسد ببناء 17 جهازا أمنيا كان القائمون عليها من العلويين أو الموالين لهم من الطوائف الأخرى وحصر الترقيات العليا بالجيش والأمن في الضباط العلويين ، حيث لم يكن الضباط السنة يحصلون على رتبة أكثر من عميد ، وحتى لو تمت ترقيتهم إلى لواء يحالون إلى أعمال إدارية بعيدة مفاصل القوة بالجيش السوري .
انشقاق الجيش السوري
وكان قادة الفرق والألوية من العلويين وهنا يمكن للمتابع لحركة الانشقاقات في الجيش السوري أن يدرك مدى انخفاض رتب الضباط المنشقين ، وهم من السنة الذين عمل نظام الأسد سواء في عهد حافظ أو بشار على إبقائهم بعيدا عن مراكز القيادة .
فيما أبقى حافظ الأسد على شخصية سنية موالية له في الواجهة وهو مصطفى طلاس وزير الدفاع الذي أجرى تفاهما معه حول نسبة الضباط السنة بالجيش ، وكان أغلبهم من أقاربه في منطقة الرستن في محافظة حمص وهو ما يفسر وجود أسماء كثيرة من المنشقين مؤخرا عن الجيش السوري والانضمام للثورة من آل طراس وأصهارهم عائلة فرزات .
وكما كان طلاس اليد السنية التي تبطش ، كان هو من يوقع قرارات الإعدام الميدانية حتى يخفى الأسد طائفيته ،وذلك رغم مخالفة هذا للدستور الذي ينص على وجوب توقيع الرئيس على قرارات الإعدام بنفسه .
وبعد وفاة الأسد الأب سار ابنه بشار على نفس المنهج في تقديم الامتيازات للطائفة العلوية وتدعيم العلاقات مع طهران التي تحول إلى مجرد تابع لها ، حيث بدأت حركات التشيع التي يقودها عدد من رجال الدين العراقيين والإيرانيين في الانتشار خاصة في الأوساط الفقيرة بمناطق درعا وشرق سوريا .
وكانت حركات التشييع قد بدأها جميل شقيق حافظ الاسد فى ثمانينيات القرن الماضى عندما أسس جمعية "المرتضى" وهدفها الاساسى تشييع اهل السنة فى سوريا ، رغم أن لفظ " الشيعة "لم يكن معروفا فى سوريا مع وجود بعض الاسر الشيعية التى سكنت حى الامين فى دمشق ومنها أسرة اللحام والنودى وكريم والمرتضى وهى عائلات كانت الدولة العثمانية قد جمعتها حيث تلقوا تعليمهم فى مدرسة المحسنية ، كما توجد بعض القرى القريبة من حمص وحماه يطلق على أهلها من الشيعة لقب "المتاولة" .
النفوذ الإيراني
إلا أن امتداد النفوذ الايرانى فى سوريا ساهم فى بناء ما يعرف بمقام "السيدة زينب" فى تلك القرية السنية والتى سكنها العراقيون الذين جردهم صدام من الجنسية وطردهم قبيل الحرب مع ايران ، حتى أن التليفزيون السورى شهد سابقة غير معهودة عندما ظهر معمم شيعى يدعى عبد الحميد المهاجر ليقدم برنامج " حديث الجمعة" الذى كان يكرسه للحديث عن فضائل أهل البيت على نمط البرامج الدينية الشيعية وذلك لاستقطاب اهل السنة بطريقة عاطفية .
ومن المفارقات التى شهدتها سوريا بعد وفاة الأسد الأب ، محاولة بشار النأى بنفسه ظاهريا عن الانتماء للمذهب الشيعى حيث قام بإصدار اوامره الى أحد شيوخ السنة بالصلاة على والده فى مسجد " ناعسه" الذى بناه حافظ واطلق عليه اسم والدته فى مسقط رأسه بالقرداحة التي لم يكن بها أى مسجد قبل ذلك ، حيث تمت الصلاة عليه باربعة تكبيرات خلافا للطريقة الشيعية والتى تشمل سبع تكبيرات .
كما تزوج بشار من عائلة سنية هى عائلة فواز الاخرس وهو ما أدى الى شيوع الاعتقاد بان بشار متأثر بالسنة وانه أحد تلاميذ الشيخ محمد سعيد البوطى ، إلا أن الواقع يؤكد ازدياد حملات التشييع ، حيث ظهرت الحسينيات " المساجد الشيعية" لاول مرة فى منطقة " مطله" بمحافظة دير الزور وفى منطقة درعا جنوبى البلاد واصبحت الكتب الإيرانية تملا الأسواق فيما تم منع الكتب السعودية .
وحتى يكتمل التحالف الاستراتيجي تم تمكين إيران اقتصاديا ، حيث منحت الشركات الإيرانية في عهد بشار مشاريع استراتيجية فى مجالات النقل والكهرباء بالإضافة إلى تصنيع السيارات التى تعرف باسم "شام " وتنفذها شركة "خودرو" .
وكانت كل المخططات تتجه إلى تشييع أكبر عدد من السنة السوريين وتغليف هذا المشروع بلافتة شريفة هي " المقاومة والممانعة" وذلك بقوة ثلاثية هي إيران وسوريا وحزب الله خاصة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وهو حلف طائفي بالأساس .
تفعيل البعد الطائفي
ولعل نجاح إيران حتى الآن في تفعيل البعد الطائفي يتنافى مع كل معطيات التاريخ السوري وهو ما يرجح فرضية نظام بشار الأسد ونهاية المشروع الطائفي برمته في تلك المنطقة المشتعلة من العالم .
فسوريا تعد البلد الثاني بعد الهند في عدد الطوائف الدينية حيث تضم 20 طائفة ، إلا أن المجتمع السورى لم يعان من الطائفية على الإطلاق باستثناء أحداث عام 1856 ، حيث نشأ نزاع بين أكراد دمشق وهم من السنة والمسيحيين وتصدى لحله الأمير عبد القادر الجزائري عندما كان منفيا في دمشق خلال الفترة من 1820 - 1861 حيث عد نفسه حاميا للمسيحيين في حين كانت هذه المرحلة بداية شرارة الحرب الأهلية في جبل لبنان .
وبعد ظهور سوريا الحديثة تحت حكم الملك فيصل لم يحدث نزاع قط بين طوائفها بل كانت سوريا عامل جذب للأقليات التي وفدت إليها في مراحل تاريخية مختلفة مثل الأرمن والشركس والاكراد والمسيحيون بطوائفهم " الكلدان - الآشوريين- الأرمن " وغيرهم .
وعندما احتل الجنرال هنرى جورو دمشق بعد إنذاره الشهير للملك فيصل عام 1920 والذي تضمن حل الجيش العربي وإلغاء التجنيد الإلزامي واستبدال العملة الذهبية بالعملة الفرنسية الورقية وتسليم خط حديد رياق - حلب ، وافق الملك فيصل ورفض وزير حربيته يوسف العظمة وهو من أصول تركمانية ، حيث جمع 3000 مقاتل إلا أن القوات الفرنسية تمكنت من دخول دمشق بعد هزيمتهم في موقعة ميسلون على جثث الشهداء ..
تقسيم سوريا
وبعد ذلك قاموا بتقسيم سوريا إلى خمس دويلات هي العلوية في الساحل والدروز في جبل العرب وحلب وتضم المنطقتين الشمالية والشرقية.
بالإضافة إلى دمشق وهو تقسيم تم على أساس طائفي مما أدى إلى اشتعال الثورة السورية عام 1925 وتسلم سلطان باشا الأطرش وهو شيخ الدروز الراية وأطلق عليها الثورة السورية الكبرى وشاركت فيها كل الطوائف حتى اضطرت فرنسا للتراجع عن قرار التقسيم .
وفى تلك الإثناء اجتمع عدد من شيوخ العلويين فى القرداحة مسقط راس الرئيس الراحل حافظ الاسد وتقدموا بمذكرة إلى السلطات الفرنسية تطالبها بعدم الحاقهم بالدولة السورية لانهم لا يستطيعون العيش مع المسلمين ،وأنه يجب النظر اليهم.
كما نظر الغرب بعين العطف الى اليهود ومن بينهم سليمان الاسد والد حافظ وهذا الامر ذكره صراحة منذ ايام وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ردا على المندوب السوري بالامم المتحدة بشار الجعفرى نهاية أغسطس الماضي في جلسة لمجلس الأمن من خلال عرضه لوثيقة تاريخية تحتفظ بها فرنسا تؤرخ لهذا الحدث .
تعايش سلمي
ولعل اكبر دليل على التعايش السلمي بين طوائف سوريا المختلفة هو محافظة الحسكة التي تقع أقصى الشمال الشرقي ومساحتها 10 ألاف كيلومتر يحدها شمالا تركيا وشرقا محافظة نينوى العراقية حيث تضم أكبر نسبة من الأكراد وفيها العرب وكل الطوائف المسيحية بالإضافة إلى الأيزيديين والشيشان وغيرهم من الأعراق والطوائف.
واستمر التعايش بين كل تلك الطوائف حتى نشب خلاف افتعله النظام عام 2004 في بلدة القامشلى بين العرب والأكراد خلال مباراة كرة قدم بين فريقي الفتوة من دير الزور وهم عرب سنة والجهاد من القامشلى حيث قامت قوات النظام بقتل عدد من شباب الأكراد وسلحت القبائل العربية بهدف إثارة النزعات الطائفية والقومية .
بينما حافظ النظام السوري على عدم منح الجنسية للأكراد منذ تولى حزب البعث الحكم عام 1963 باعتبارهم أجانب ولم يكتف بذلك وإنما قام بنقل عرب منطقة " الطبقة" حيث بنى سد الفرات مما ادى الى غمر أراضيهم بالمياه وقام بتوطينهم فى أراضى مملوكة للأكراد لتغيير الطبيعة الديموغرافية وانشاء ما أسماه الحزام العربي الذى وضع أسسه محمد طلب هلال رئيس الشعبة السياسية في الحسكة ورغم كل تلك الإجراءات لم يحدث صدام بين العرب والأكراد .
وعندما اندلعت الثورة السورية في 15 مارس 2011 حاول بشار شراء الأكراد بمنحهم الجنسية لكنهم لم يستجيبوا لتلك الإغراءات وانخرطوا في الثورة .
إلا أن حافظ الأسد أجاد اللعب بورقة الطائفية ، حيث كانت ثمة معوقات تقف حائلا أمام وصوله إلى كرسي الرئاسة، حيث اشترط الدستور عام 1951 إن يكون الرئيس سنيا بينما ينتمي الأسد كان من الطائفة العلوية .
العلوي
والعلوي كلمة حديثة أطلقتها فرنسا على الطائفة "النصيرية" وهى إحدى الفرق الضالة عند الشيعة وهى مكفرة من السنة والشيعة على حد سواء وهنا المفارقة ، إلا أن حافظ استطاع اللعب على المتناقضات حيث شهدت سوريا بعد الاستقلال عددا من الانقلابات بدأها حسنى الزعيم عام 1949 وتلاه سامى الحناوى والشيشيكلى إلى أن جاء عهد الوحدة مع مصر عام 1958 حتى مرحلة الانفصال وهو الانقلاب الذى نفذه العقيد الدمشقى عبد الكريم النحلاوى وقام بفصل غالبية الضباط البعثيين ومنهم النقيب حافظ الأسد إلا أن انقلاب مارس عام 1963 الذي جاء بالفريق أمين الحافظ إلى السلطة أدى إلى إعادة الضباط المفصولين وترفيع رتبهم .
وكان حافظ الأسد احد البعثيين من إتباع الجنرال صلاح شديد وبعد أن تمت ترقيته عمل على تمكين العلويين بعد إدخال الكثير منهم الى الجيش حتى قام بانقلاب عام 1966 الذي عرف بانقلاب البعثيين على البعثيين وانتهاء حكم امين الحافظ وجاء بنور الدين الاتاسى الذي عين حافظ وزيرا للدفاع في حكومة يوسف الزعيم وهو مسلم سني من دير الزور .
وعندما وقعت هزيمة يونيو 1967 وضياع الجولان أشارت أصابع الاتهام الى وزير الدفاع حافظ الأسد الذي تمكن من الافلات من الملاحقة حتى وقعت إحداث ايلول الأسود في سبتمبر 1970 ضد الفلسطينيين فى الأردن ورفض وزير الدفاع ارسال طائرات لحماية الدبابات السورية التي دخلت إلى منطقة المفرق الاردنية لدعم الفلسطينيين وهو ما أدى تدمير تلك القوات السورية.
وجرى على اثرها استدعاء الاسد واستجوابه حول القضيتين الجولان والمفرق الا انه سارع بالانقلاب على السلطة فى 16 نوفمبر عام 1970 وساعده قائد الشرطة العسكرية وجرى اعتقال كل القيادات العسكرية والوزراء فيما عرف بالحركة التصحيحية .
وزج الأسد بشخصية سنية ضعيفة هو احمد الخطيب ليتولى منصب الرئاسة وتلاها إعلان الإذاعة السورية في فبراير عام 1971 أن الفريق الأسد أشهر إسلامه حيث جرى بعد ذلك تسلمه للسلطة بالكامل .
بناء الدولة السورية
وعمل حافظ على بناء الدولة السورية وفق نظام يسمح له ولطائفته بالحكم المطلق واستغل فى ذلك حزب البعث كواجهة سياسية ، وصاغ دستورا يؤمن له هذا الامر والغاء العقبة الرئيسية فى توليه الرئاسة وهى ان الرئيس ينتمى الى الطائفة السنية واكتفى الدستور الجديد بذكر ان الرئيس مسلم فقط ثم جاء بالمادة السادسة من الدستور السوفيتى لتكون المادة الثامنة فى الدستور الجديد بعد ابدال كلمة الحزب الشيوعى بحزب البعث .
وتنص تلك المادة على أن حزب البعث هو القائد العام للمجتمع والدولة حيث اعتبر باقى التجمعات التى يراها شرعية ديكورا فى نظام الحكم خاصة القوميين والناصريين وشكل منهم ما أسماه الجبهة التقدمية الا انه ابقاها ضعيفة لا تمتلك حتى مقرات أو صحف .
وفى عام 1974 أفتى الإمام موسى الصدر مؤسس حركة المستضعفين فى الارض التى عرفت بحركة "أمل" والمجلس الشيعي الأعلى فى لبنان بأن الطائفة النصيرية هى جزء من الاثنى عشرية " المذهب الشيعى الجعفرى" وهى الفتوى التى حققت الكثير من المكاسب لحافظ رغم أن الإمام الخومينى كفر تلك الطائفة باعتبار أن الحركات الباطنية ومنها "النصيرية" من أسباب ضعف الإسلام .
واستغل حافظ الأسد الطائفة مع تكريس ثقافة أن السنة استعبدوا الطائفة وامتهنوا كرامتها وذكر ذلك فى خطاب تليفزيوني عام 1977 عندما اتهم أعيان حماه " الاغوات" بأنهم يمتهنون الرجال ويذلون النساء العلويين .
الأخوان في سوريا
وفى عام 1979 اعتبر الاسد الأب أن الاخوان المسلمين فى سوريا هم عدوه الاول وهو عداء موجه ضد السنة بشكل عام حيث تبلغ نسبتهم 84 فى المائة من سكان سوريا وهو ما أدى الى حملهم السلاح وتشكيل ما عرف بالطليعة المقاتلة فى سوريا التى نفذت عمليات الاغتيالات لرموز النظام .
وقد بررت تلك التطورات لحافظ الأسد قتل ألاف السنة فى سجن تدمر العسكرى بعد اصدار قانون الاعدام رقم 1949 لعام 1980الذى نص على اعدام كل من ينتمى إلى الاخوان أو يتعاطف معهم أو يحمل أفكارهم .
كما جرى ارتكاب مجازر تدمر عام 1980 وحماه عام 1982 التى راح ضحيتها 40 الف شخص ضمن عمليات الانتقام وتصفية الحسابات مع سنة سوريا لاخضاعهم للعلويين ، وهو ما كرس فى نهاية الأمر لنجاح زرع بذور الطائفية المقيتة التى تكتوى سوريا بنيرانها الآن ، مع تصعيد إيران للنبرة الطائفية .
وفيما تحاول إيران بكل جهد أن تزكى نيران الطائفية وتصبغ أحداث الثورة بصبغة طائفية ، رغم إدعاءها بالقيادة الروحية للربيع العربي حتى بلغت نسائمه سوريا، فانكشف زيف هذه الأبوة التي لم تعد ترى في ذاك "الربيع" سوى "مؤامرة" ينبغي إحباطها.
وعلى الرغم من فشل نظام بشار حتى الآن في سحق معارضيه، إلا أن ما يريح ايران هو أنه لا يزال قائما ومصمما على القتل والتدمير، وهو ما يعني أنه قادر على البقاء والنهوض لمواصلة الوظيفة التي حددتها له.
ويبقى التزام النظام الإيراني بدعم بشار الأسد لا يتزعزع أبدا، بإعتباره أن الإبقاء على النفوذ الإيراني في سوريا، المجاورة لإسرائيل، أمر أساسي لطهران بإعتبار أن سوريا واجهة متقدمة للتعامل مع إسرائيل وهو مصلحة قومية وأمنية عليا لطهران، خصوصا مع تردد الحديث مؤخرا عن احتمال توجيه ضربة إسرائيلية إلى المنشآت النووية الإيرانية .
كما أن سقوط نظام الأسد قد يضعف ذراع إيران في المنطقة، ويعجل من توجيه ضربة لها، ولهذا السبب المغلف بغطاء طائفى سوف تفعل الجمهورية الإسلامية ما بوسعها للحيلولة دون ذلك، حتى لو اضطرت لشن حرب أو افتعال أزمة دولية ، لاستباق أي استهداف مباشر لها، إلا اذا كانت تعتبر أن هذا الاستهداف حاصل فعلاً من البوابة السورية .
أ ش أ