كتاب فضاء التأويل للدكتور عبد السلام المسدي
المدينة نيوز - يناقش العالم اللغوي التونسي الدكتور عبدالسلام المسدي في كتابه الجديد المعنون (فضاءات التاويل) الصادر حديثا عن سلسلة كتب دبي الثقافية , قضايا ومفاهيم اللغة العربية التي تتلمس التعبير عن الذات والجمال والذاكرة.
يحتوي الكتاب على خمسة فصول تفرعت عنها عناوين : افق الانتظار وضمير العاقل، الذات الثقافية وضمير المخاطب، الذات السياسية وضمير الجمع، الذات اللغوية وضمير المتكلم، الذات الجمالية وضمير الغائب، وفي جميعها اشتغالات على مفردة اللغة في اعتناء رشيق سلس بايحاءات ودلالات مراميها وهي تتأمل في لجة من الوقائع التاريخية والمعاصرة .
يسبر المسدي الحاصل على جائزة سلطان العويس في الآداب العام 2009، في الكتاب غور الالفاظ والمعاني في تحد بليغ للكلمات وهي تصوغ اشكالا وتعابير لمصطلحات حديثة ومستحدثة عما هو متداول في المعاجم اللغوية .
ينهج الكاتب صاحب الكثير من المؤلفات في موضوعات اللسانيات والنقد الادبي وفي السياسة والثقافة والنصوص الابداعية , اسلوبية ثابتة في معالجة حال اللغويين في اضطلاعهم بوظائف مساندة الى جوار مهمة اللغة المركزية والتي ستكون موكولة الى علماء الاجتماع والاناسة , اذ يرى المؤلف وراء الالفاظ التي تؤثث الاقوال الشائعة وما وراء العبارات تاريخا دقيقا من الدلالات قد تتناهى في الدقة فتخفى على غير المتريض باسرار اللغة.
ويقرأ الكتاب مشهد المثقف وهو يمارس حقه في المواطنة وواجبه في الانتماء وانخراطه الكلي في القضايا والاحداث التي تعيشها الامة بعيدا عن هزات الشك والخوف التي تفرضها جدلية المثقف المسيس والمثقف غير المسيس .
ويطرح اسئلة حائرة حول وظيفة المثقف ومحنته في المجتمع من خلال علاقته الحياتية وتاثيراتها على الحصاد الهزيل في نواحي الفكر والثقافة والحرية والمساواة مبينا ان التاريخ كتب على العرب ان يكونوا بين الشعوب التي تحكم الاستعمار بمصائرها حقبة , ولكن المثقف كان في الطليعة التي استماتت في معاركها التحررية حتى نيل الاستقلال .
ويتوقف المسدي في سياق الكتاب عند عالم البث الفضائي الغزير حيث يفتح باب التأويل وتوضيب تفاصيله في معايير المخيلة الفنية كما في القصص الادبية او الرواية السينمائية او الفانتازيا الفردية وذلك حين كفت اللغة عن اداء وظيفتها الموروثة ولم تعد مركزا لفعل التواصل وها هي الصورة تغلف اللغة وتحكمها , وكلتاهما تصنعان الحدث الحي فتنقله عبر الهواتف الجوالة ويجري تاويله بالاقتطاع والفرز والتبويب .
ويكشف الكتاب ان للتاريخ اسئلة كبرى حول اصلاح الامة من الصعب تقديم اجابات شافية عليها رغم تعدد الخطاب الثقافي ومحاولات تجديده او تفكيكه أو اعادة ترتيبه .
ويبين ان من أبرز التحديات الراهنة التي تواجه الأمة التردد والغياب عما تحفل به الحقائق والمنجزات العلمية الجديدة في مجال المعرفة اللغوية لأنها لم تستطع اختراق الاستار ليتحوّل الوعي بها إلى جزء من الثقافة العامة لافتا الى ان نقد النقد يستنهض الى التبصر وراء الظاهرة الادبية ووراء العملية النقدية ويستحث انه في سبيل البحث عن الحرية لا بد من فكفكة الاستار بعين التبصر وروح الاعتبار.( بترا )